كانت ليلة رمضانية بهية، رائعة.. خرجت بعد الإفطار قاصداً منزل عمي في طرف المدينة الشرقي، استوقفت سيارة أجرة، يقودها شاب في الثالثين من عمره، يعتمر قبعة سوداء من تحتها لمحتُ شعر رأسه الطويل متدلياً، يلامس كتفيه، نظارته العريضة ذات الألوان الزاهية، استقرت على أرنبة أنفه، باعتدال.. لم يهنأ باله، إلا لما استل شريطاً مسموعاً، من الدرج المحاذي للمقود، ولقم حجرة المسجل!
كان الصوت المنبعث لأحد مطربي “الراي الجزائري” بين لحظة وأخرى، كانت أصابع يده اليسرى تغازل لوحة مفاتيح هاتفه المحمول.. تارة يقول ألحدهم أنا في الطريق إليك.. امنحني خمس دقائق وسأكون عندك.. وتارة يرد على أحد المتصلين بالقول، شنو حال الحلو؟ والله أنا مشتاق له واجد.
في الطريق، فاجأنا أرنب يبدو أنه كان يبحث عما يقتات به صغيريه إذ كان معه خرنقين.
قلت للسائق احذر.. هناك أرنب أمامك، قال يا للحظ.. سأصطاده، ارتبك الأرنب وفر الخرنقان عائدان إلى وكرهما، أسفل شجيرة رتم على بعد أمتار من الرصيف.. شلت إنارة السيارة حركته لسوء حظه العاثر اتجه نحونا.. صدمته إحدى العجلات الأمامية.. ترجل السائق وهو يسألني هل معك سكين؟ قلت ال أذكر أنني حملت سكيناً!
قال: يا حرام، لقد مات.. قلت وهل يقوى أرنب صدمته سيارة على الصمود!؟
قال: لم أكن أقصد قتله.
قلت: زهقت روحه، ولم تستفد حتى من لحمه.
قهقه عميقاً وهو يركن سيارته أمام المنزل.. أشعل سيجارته ذات الرائحة الكريهة. ناولته ديناراً ونصف الدينار.. ترجلت من العربة وكلي حسرة على الأرنب المسكين.
لن أنسى منظر صغيريه، وهما يبتعدان عنا وكأنهما يلعنان من كان سبباً في موته.. لحظتها لوح لي السائق بيده قائلا: أسف على الحادثة!!
سرت2005
2 تعليقات
تحايا عطرة وتشكراتي والمحبات لموقع الطيوب على بهاء التوثيق وسخاء النشر..وود وورد وتقدير بلا ضفاف لصديقي الشاعر الجميل رامز رمضان النويصري على مجهوداته التي يبذلها واصلا الليل بالنهار خدمة للثقافة..
نشكر مرورك وكلماتك الوارفة