البطاقة اﻷولى
حبيبتي….
كنت أحس بحبك في كل لحظة من لحظات الغربة..
كان حبك أكبر من لحظات الفرح…والحزن والشوق واﻷلم والوجد والقهر..
حاولت أن أحدد مدي حبك في قلبي فما استطعت.. لقد كان حبك في حجم الوطن.. وهذا يكفي…
أعانقك دائما
البطاقة الثانية
حبيبتي..
كنت جائعآ هذا المساء بدرجة لا توصف.. وكان الزحام شديدآ في المطعم الذي اخترته.
ولا مفر من الانتظار…
رفعت السكين من علي المائدة وقررت أن أشغل نفسي. خطرت لي فكرة صبيانية.. لماذا لا أنقش اسمك بالسكين علي منضدة اﻷكل؟
بدأت بسرية خوف من أصحاب المطعم… وشيئآ فشيئآ انسجمت مع الفكرة وشغلني اسمك عما يجري حولي.
ساعة كاملة والخاطر يملأ القلب والسكين يتحرك بصعوبة في أحشاء الخشب.. عندما انتهيت من نقش اسمك أحسست بالشبع وغادرت المطعم..
أصافحك بحرارة
البطاقة الثالثة
حبيبتي….
عندما تقفين في الصف الطويل ترددين النشيد الوطني مع زميلاتك.. وتقدمين بإجلال تحية العلم ..
في تلك اللحظة تماما أكون قريبا منك …
ارفعي رأسك الصغير إلى السماء … هناك ستجديني مبتسما ومشجعا وواثقا …
فأين يكون الوطن..
وأين تكونين..
أكون أنا ….
أعناقك بشوق
البطاقة الرابعة
حبيبتي…
عندما نكون داخل الصورة لا نستطيع أن نكتشف جمالها… لأننا لا نملك القدرة علي تأملها …
ولهذا أحاول دائماً أن أخرج من الصورة لأتاملها جيدا…
ولقد أتاح لي التأمل أن اكتشف فيها جمالا جديدا في كل مرة.
والحق أنني واثقا من أنني سأكشف في كل مرة ثروة من الجمال والبهاء..
وهل وجد الجمال والبهاء يا حبيبتي قبل أن توجدي وتوجد (ليبيا)؟.
أعانق فيك الوطن
البطاقة الخامسة
حبيبتي
اكتشفت بطريق الصدفة أن اليوم هو عيد ميلادي.. أصابتني رعشة الفرح قررت أن أحتفل.. لبست أفخر ما عندي ووقفت أستعرض نفسي أمام المرآة، لم أجد صورتي وجدت شخصًا آخر حزينًا كئيبًا كان ضائعًا مشتتًا كان مهزومًا مقهورًا كان.
من خلال لحظة الدهشة سمعت صوته قادًا من أعماق بئر الأحزان، هل يستقيم الفرح بعيدًا عن الأحباب والأوطان؟
ولمن تغني العصافير في عيد الميلاد؟
خلعت ملابسي وألغبت مشروع الاحتفال وقررت أن أكتب إليك
أحبك بقوة.
البطاقة السادسة
حبيبتي…
فتشت هذا الصباح في اوراق حقيبتي… فأشرقت صورتك من بين الأوراق …
انتفض عصفور الوطن في قلبي وحاول ان يطير بعيدا ليستقر في قلبك الصغير..
لكن دمائي التي اصطخبت بحركة جناحية منعته من الطيران..
فلمن تتركني يا عصفور الوطن؟؟؟
ولمن تتركينني يا حبيبتي؟؟؟
خذيني إليك
البطاقة السابعة
حبيبتي….
البارحة اصطادني مطر غزير في الطريق ولم يكن ثمة ما يحميني منه..
أحسست بجسدي يتحول إلي قطرات منهمرة من المطر.. وبقايا أسناني تصطك بشكل لا إرادي.. تذكرت في طفولتي طائرا صغيرا وجدته ذات صباح مبللا من المطر.. يرتعش بشدة من البرد وكان ثمة علاقة حديدية في إحدى ساقيه.. فرحت به بشكل لا يوصف لكنه في المساء أسلم الروح..
كان طائرا مهاجراً..
فلماذا التذكر؟
ولماذا المقارنة؟
هل.. وحيداً وبعيداً عنك وعن الوطن.. يا للفاجعة…
ضميني إليك
بوينس إيرس 1974م