رغم النزاع المسلح الدائر في ليبيا والفوضى التي ترافقه، ظل التشكيليون أوفياء للفرشاة والألوان بل مؤمنين بأن الفنون والآداب هي من ستنجو بهذا البلد وتخرجه من النفق المظلم نحو النور، ومنهم توفيق بشير العويب صاحب لوحات يمكن أن نستنج منها أشياء بعيدة تحملها ذاكرته البعيدة كمرحلة الطفولة المشبعة بالحنان من والدته، ومن والده، الذي كان يعزف على آلة الناي.
يؤمن العويب بأن الفنان التشكيلي لا بد من أن يكون مطلعاً على ثقافات بصرية كبيرة محلياً وعالمياً، فهو مثلاً تأثر في البدايات بتجربة الفنان بابلو بيكاسو، ومع الخبرة والتجربة الفنية أسس أسلوبه التشكيلي الخاص.
اللوحة الفنية عند التشكيلي توفيق بشير امتداد لكيانه، لذلك كان لأعماله الفنية نفس القدر والحب والأهمية التي لا يستطيع معها أن يقرر ويفاصل بين أي اللوحات أقرب لقلبه.
تظهر المرأة في لوحاته بشكل جديد كل مرة، حيث هناك تكبير وتصغير لبعض أعضاء الجسد، وهو يرى أن رواد المدرسة التكعيبية رسموا المرأة بشكل حاد، لكنه يحاول رسم هذا الكائن الرائع بانسيابية ولين وإظهار الجمال الكامن في المرأة، معللاً بأن المرأة هي أمه وأخته وحبيبته.
أما عن وجود الطاولة في أغلب لوحاته فهذا يؤكد حالة الانتظار التي تعيشها كائنات اللوحة، انتظار الفرح، انتظار الأمل، انتظار انتهاء أزمة ما.
من اللافت أن الإنسان هو الأكثر حضوراً في أعمال الفنان توفيق بشير، ولكن تظل المرأة هي محور أعماله بكل تفاصيلها، هناك في مرسمه لوحة المرأة وكوب الماء وقطعة فاكهة وآلة موسيقية، وكأن للفنان توفيق بشير فلسفة خاصة في الربط بين هذه الأشياء التي تدعو للمتلقي للتأمل والاستبطان ومحاولة احتواء روح كائنات اللوحة، والإجابة عن السؤال: ما الداعي للجمع بين هذه الأشياء؟
وجوه نساء التشكيلي توفيق بشير تستفز المتلقي بتساؤلاتها المطروحة، فيها كل التعابير التي اكتسبتها البشرية من ضحك وقلق وخوف، وحث للمتلقي على تتبع أثر النظرات وطريقة الجلوس والأهم في ماذا كان يفكر الفنان وهو يرسم، وكائناته التشكيلية ليست خارج سياق الحياة بل هي تقترب من يومياتنا، بحيث يمكن أن نسأل: هل المرأة في لوحاته مهزومة أم منتصرة؟، لكن الواضح دون شك أنه يمنحها الإحساس بالهيبة والحضور الطاغي أمام المتلقي.