سرد

رواية الفندق الجديد – الفصل الثالث

الحاج أنور

الرجل والطائر من أعمال التشكيلي محمد عبيه


 عند مدخل الفندق المُشيد حديثاً، ثمة نقاشاً حاداً وجدل قائمين، بين رجلاً بديناً بهي الطلعة تظهر على ملامحه أثار النعمة، ويرتدي قميصا طويلا ناصع البياض مثل ذلك القميص الذي يفضل لباسه سكان المنطقة الحدودية الليبية الشرقية، وفوق القميص ذاك أرتدي فرملة بنية، وشنه حمراء وهي من الثياب الليبية الموروثة، كذلك كان يضع النظرات الطبية، كعادته ولكنها لا تُخفي اتساع عينيه وجمالهما، كان هذا الرجل هو رجل الأعمال الناجح بمنطقة الصابري (الحاج أنور) وقد كان يتحدث مجادلاً شخصاً آخر، كان يرتدي بنطلونا وقميصا من نوع الجينز، وفانلة قديمة سوداء اللون، ممزقة تتضح من تحت القميص المفتوح، كان خفيف الحركة بسبب ارتدائه لحذاء رياضي وممسك بمفك وبعضً من أدوات التركيب للأقفال.

…….أيقن (مصباح) أنه عامل السباكة المختص بصيانة الحنفيات والمفاتيح والأقفال.

– تحدث (الحاج أنور) ساخرا كعادته باللهجة العامية الليبية:

تعال يا أسطي لبز هنا موش المفروض ادير قفل الأبواب الرئيسية قبل الأقفال الأخرى.

– يرد الأسطى (مفتاح):

سواء سواء يا (حاج أنور) شن المشكلة؟

– الحاج (أنور):

النظام نظام والأولويات قبل كل شيء المدخل الأمامي والمدخل الخلفي أهم من كل شيء أنت خليت الفندق فندق…. تبيها كيف حال البلاد هالأيام (خيمة من غير أرواق) ايخش فيه كل من هب ودب!!

 – يرد (مفتاح) باللهجة اهل الغرب الليبي:

حاضر هي حنركبهولك كيف ما تحب.

يتجهم وجه (الحاج أنور) مبيناً عدم ارتياحه لكلمة (انركبهولك).

– وتمتم باللهجة الليبية العامية:

” هظا بيش يرطن واضح أنه من الوطن الغربي ” صدق من سماك (رباية الذايح) يا بنغازي “…. أضاف ضاحكا.

…في لحظات أنهي الأسطى (مفتاح) عمله في تركيب أقفال الأبواب وأنحني، ليلملم حقيبة أدواته، وبينما كان يهم خارجاً من الفندق.

– صاح (الحاج أنور) بأعلى صوته:

تعالي يا (مفتاح) الزفت…. ثم يضيف تعال يا قفل وين باقي المفاتيح.

 يتراجع (مفتاح) خطوات للوراء عائدا إلى مكتب (الحاج أنور) الواقع داخل الفندق مبيناً رأسه فقط ثم يقول عندك كل المفاتيح.

– يعلو صوت (الحاج أنور) قائلا باللهجة الليبية العامية:

“موش مفروض أربعة نسخ لكل قفل يأ سطي لبز؟”

– يرد (مفتاح) باللهجة المصرية المهجنة بالليبي:

“عليش بتقول كده يا حق ويستدرك، فيضيف يا حاج قصدي، كل افل، ثم يعيد الكلمة، كل قفل ” معاه ثلاثة مفاتيح واسأل المعلم الكبير الحاج (فتح الله) وأتأكد بنفسك دلوقتي.. ما معاك التلفون اهوه؟ يانهار أزرق وموش فايت.”

– (الحاج أنور) يحاول أن يجاري مفتاح باللهجة المصرية هذه المرة:

حسأل ايون حسأل برضو، أن حتكلم معاك زى إخوتنا المصريين وفيها إيه يا خويا.

– ويضيف باللهجة الليبية العامية:

 تي هظا إ يصمه؟، ومن وين جاي؟ من أمغرب والله من أمشرق.. تي ما هو قلناها بلادنا خيمة من غير أرواق ” وكل من هب ودب زاقبلنا ويداعك فينا يا عليك حالة والله، ثم يضيف نازعاً قبعته الحمراء والمعروفة، بإسم الشنة ليدعك صلعته حائراً، والتي برزت وكأنها إكلة عصيدة الدقيق الفرينه، تلك الأكلة الشعبية الليبية الشهيرة.

 “دوخني العطيب “

 – ثم يضيف الحاج أنور رافعاً من وتيرة صوته:

أنت المن من العرب بلا مصغرة؟

– رد الأسطى (مفتاح) بالرد الشهير والمتداول بين أبناء المنطقة الشرقية تلك الأيام دون وجه حق !:

” إعرييي، وكمان برعوصي” ملحقاً نسبه بسخرية إلي تلك القبيلتين الليبيتين العريقتين.

– فاستشاط (الحاج أنور) غضبا، وصاح فيه:

توا أنت يا مفعوص المفاعيص من ها لقبائل الليبية المعروفة.

 – رد الأسطي (مفتاح) قائلا:

يعني أنا اللي موش ليبي ؟…أومااال أنت شنو ؟ يا ابو جلابية طويلة !.

– وأضاف:

“دبلومي ودبلومك قيسه // اعمل نيسه // وخلينا في هالغطيسه “.

وخرج تاركا الحاج أنور في حيرة من أمره جراء هذه الإجابة !.

وبينما كان (مفتاح) يغادر الفندق الجديد، كان (مصباح) قد شاهد كل ما دار من عمل وحوار بين الرجلين وشاهد حتي طريقة خروج الأسطى (مفتاح) من باب الفندق بشكل مريب! و كيف أخرج المفاتيح من جيبه وقذف بها عالياً في الهواء ثم التقطها من جديد، بطريقة سريعة مُظهراً ابتسامة ماكرة جعلت (مصباح)، يؤجل الدخول للفندق لغرض التعرف على شخصية رجل الأعمال الناجح في منطقة الصابري (الحاج أنور)، ومبدلاً لوجهته ناحية مصدر الإنفجارات المتتالية والتي صاحبها انفلاقاً للسماء، لتهطل الأمطار بشكل دافق وغزير جدا، فلم تحدث في تاريخ بنغازي مثل هذه الغزارة والهطول للأمطار عبر تاريخها!!.

… خرج (الحاج أنور) مذعورا من جراء صوت التفجيرات المتتالية لتتلاقي نظراته مع نظرات (مصباح).

 فقال (الحاج أنور) لمصباح:

” والله ماظني أن هل الانفجار الكبير جاينا من جهة الهواري ياولد…. يستر الله مايكون في المديرية!

…وأضاف فاضي نمشوا نستطلعوا الأمر” معتقدا أن (مصباح) يعمل سائقاً لتاكسي.

– رد مصباح مجيباً:

ليش لا… فقد وجدها فرصة ملائمة جدا للتعرف عن كثب بهذا الإنسان الناجح.

– وأضاف مصباح:

 تفضل أركب يا حاج… وهم بالمضي به إلي منطقة الهواري حيث مديرية أمن بنغازي مصدر الانفجار الكبير.

– الحاج أنور باللهجة الليبية العامية:

لحضه بالله عليك ننده علي أبني (أحمد) يأخذ باله من الفندق راني مازلت ما شغلت حد فيه.

– وقف (الحاج أنور) أمام عتبة الفندق الجديد وصاح في إبنه المتواجد في الطابق الأخير بأعلي صوته:

يا أحمد يا أحمد

– حينها أطل من شرفة الطابق العلوي شابا ثلاثيني،حسن الوجه، مجيباً أباه أنه (أحمد) أبن (الحاج أنور):

نعم ياباتي

– رد الحاج أنور:

انزل نبيك

– وأضاف (الحاج أنور) بعد أن هبط (أحمد) سريعا وأقترب منه:

دير بالك علي الفندق راني طاق مشوار وجاي…. ولو جاء حد خليه ينتظرني في صالون الاستقبال.

– أحمد:

حاضر ياباتي

– الحاج أنور وبعد أن أعطي تعليماته لأبنه توجه إلي مركبة (مصباح) وقال:

توكل علي الله هيا يأسطي، بس نبيك تأخذ طريق البحر، أفضلك من بره لبرة نتفادوا بيها ها الزحمة.

– مصباح باللهجة الليبية الدارجة:

أسمي(مصباح) يا (حاج أنور) وقبل كنت جايك باش نعرض عليك أفكاري في الدعاية والإعلان عن مجموعة مشاريعك الناجحة، أكيد أنك تعلم بطبيعة وأهمية الجانب الإعلاني لجذب الزبائن، لكن ظروف البلاد يا (حاج أنور) والوضع اللي ساير الأيام إتخليني أنوخر جيتي لك في كل مرة.

– (الحاج أنور):

صدقت ياوليدي ظروف البلاد موش تمام، لكن ما يمنعش أنك أتكون جنبي وتتردد عليا سواء في الفندق اللي اقريب أنكمل تجهيزه وبين المدرسة والعيادة وحتي صالون الحلاقة، ومحطة البنزين.

وفي أثناء الحوار وبينما (مصباح) يقود المركبة في زحام الكورنيش، تراجع (الحاج أنور) بهامته إلي الخلف وأمعن النظر في تقاسيم وجه (مصباح) ثم في هامة (مصباح) وطريقة تحدثه وجلوسه وقيادته للمركبة.

– ثم باغت(الحاج أنور) مصباح بسؤال باللهجة الليبية العامية:

المن مالعرب يا (مصباح) أنت العيت من؟ وخوالك من ؟ بلا مصغرة؟

– مصباح:

 انا ولد عيت المجبري وخوالي مصاريت.

– الحاج أنور:

 بالجودة بيك…عيت (المجبري) ناس طيبة وديمة في حالها، ودماغك تجاري باين عليه، اكيد قرعة عرب (مصراتة) ضاربة فيك.

– مصباح:

ع فكرة أنا موش معاك حتي عرب الشرق فيه منهم قبايل دماغات أولادها تفهم في التجارة، موش شرط عرب مصراتة بس هم التجار.

– الحاج أنور:

بالعاني فيك أنشوف فيك شن اتقول؟ حتي أنا ماعنديش ع النعرات القبلية والجهوية، الانسان الزين في كل مكان والشين في كل مكان.

– ثم أردف قائلا:

أنا نظرتي ما تخيبش أنت إنسان طيب ومجتهد وذكرتني ببدايتي في الشغل، لما كنت في سنك، أسمع الشغل موش عيب،أهم شيء الرزق الحلال والسعي في طلب الرزق الحلال يبدأ بعد صلاة الفجر خاصة، فابواب الرزق مفتوحة بأذن الله،شوف يا وليدي..خليك جنبي، وانا حنشغلك في توصيل طلبات للعمال الأجانب في منطقة بوعطني، يعني أتمر عليا كل صبح عند الساعة سبعة انا أنقولك شن نبي واتجيني قيس المغرب باش أنصلوا مع بعضنا، وبعد الصلاة، أنقمعزوا في مكتبي لعند مايحين موعد صلاة العشاء كل يوم، وأنا حانخليك تفتح الانترنيت، من غرفة في الفندق ودورلي في موقع سوق ليبيا المفتوح علي أراضي علي الشوارع والميادين الرئيسية بشرط فيهن شهادة عقارية.

– مصباح:

حاضر يا (حاج أنور) شكرا علي اعطائك لي فرصة التردد علي حضرتك وأنا أكيد حنتعلم منك حاجات مفيدة تنقصني.

– الحاج أنور:

 أنت تستأهل لو كنت موش محب للشغل وراضي باللي قسمه ليك ربي، راه توا واحد من اللي خرجوا في التظاهرات ضد النظام.

….وفي هذا الأثناء وعند الوصول إلي مستشفي الأطفال لاحظ (الحاج أنور) طابورا من المركبات الصينية يقودهن الشباب، فأيقن أنهن تلك السيارات الصينية التي استوردتهن الدولة واستولي عليهن المواطنون من منطقة قنفودة بدون وجه حق مكررا لمشهديه اللصوصية الجماعية التي بدأت تنتشر في ظل فوضي التغيير.

– فقال (الحاج أنور) هامسا في أذن (مصباح):

هلت منه فيه، عليك حالة والله، الهوايك ماعقبوا شيء وما سرقوه، لا حول ولا قوة إلا بالله.

…استمرت السيارة مُسرعة متجاوزة جامعة العرب الطبية وبعد مفترق الطريق تبين الأمر فهناك أثراً، لانفجار هائل في أحد أركان مديرية أمن بنغازي، والناس تستولي علي بعض ماكان فيها دون إكتراث، وهناك سيارات وقفت كا طابورا لتعبئة بنزين من آلة تعبئة بنزين قديمة داخل المديرية.

– صاح أحدهم موجها الكلام لـ(مصباح):

تعال البنزين بلاش تعال عبي واغمة راهي.

– ضحك (مصباح) ساخرا ً،وقال هامساَ في أذن (الحاج أنور):

تعرف يا(حاج أنور) أنا أمس تركت شقق سكنية بلاش اللي عند نادي التحدي الرياضي، قيمتهن حوالي الأربعون الف دينار ليبي لانه رزق حرام، ويريدوني هاظوما نملأ تنك البنزين في سيارتي بما يساوي سبعة دينارفقط.

– ضحك (الحاج أنور) وقال:

دور وأرجع للصابري يا (مصباح) الموضوع كبير وخطير، دوبينا أدمرت المديرية فعلي الأمن السلام يا بنغازي.

أنسحب (مصباح) راجعا من أحد شوارع منطقة الرحبه، متجها الي ناحية الجامعة الدولية الليبية ثم شارع الوكالات الي الكيش وكوبري المدينة الرياضية متجاوزا منطقة رأس اعبيدة حيث يترأي هناك مركز الشرطة والسنة اللهب تتصاعد منه، فقد تم حرقه حديثاً.

– مصباح:

أنظر يا (حاج أنور) اعتقد أن مركز شرطة رأس أعبيدة، قد أصابه انفجار هو الأخر.

– نظر (الحاج أنور) الي حيث يشير مصباح بأصبعه وقال:

فعلا الموضوع كبير وخطير وحيعطل شغلنا.

– (مصباح) باللهجة الليبية الدارجة:

شوف شوف يا(حاج أنور) السيارات يجتازن إشارة المرور الحمراء ناحية جزيرة دوران الجرات، موش القانون ايقول أن هكي شروعا في القتل ؟

– يرد (الحاج أنور) ساخراً:

يحدث فقط للمواطن الراقد ريح بعد مايتأزم ويخترق إشارات المرور، لكن الدولة بعد تتأزم عادي الأمور مايمنعش يجتازوا الإشارة الحمراء و حتي الإشارة الوردي الشولاكي.

….قهقه الجميع واستمر (مصباح) في قيادة المركبة متجاوزا جزيرة دوران الجرات بمنطقة السلماني ثم عمارات السبخة في إتجاه سوق العرب وفجأة أضطر(مصباح) أن يدوس الفرامل بشدة فأصدرت السيارة صوتا صارخا، نتيجة احتكاك الدواليب علي الأرض متفاديا دهس شخصا يبدو أنه معتوها، كان يرتدي ثيابا رثه ممزقة ويحمل عكازاً يضرب به السيارات المارة، كان يضع نظارة مكسورة على عينيه، ويقف في الطريق أمام سرعة السيارات، محاولا إيقافها طلبا للمال، أو ضربها بالعكاز.

– صاح (الحاج أنور) متزامنا مع وقوف السيارة:

ردبالك اقريب ودرتنا يا (مصباح) ودفسنا المسكين (علي).

– سأل (مصباح) وهو مستمرا في طريقه للفندق:

هل تعرف هذا الشخص المسكين ؟

– الحاج أنور:

نعم هذا شخص دائم التواجد هنا مقابل سوق العرب لغرض التسول أسمه (علي).

– مصباح:

شن قصته يا (حاج أنور)؟

– الحاج أنور:

قصة طويلة عريضة و مأساوية وخطيرة جدا بل أخطر من الخطورة، سببها إمراءة العوبان شاكية فيه،أتضح فيما بعد أنها ماتبيش يشهد علي بلاويها في الشارع، بس تعرف يا (مصباح) الراجل هظا أتضح بعدين أنه مظلوم، هيا خلينا انردوا عليه، ثم أضاف:

 ممكن اترد عليه ؟، أنا نبيك أدور وترد عليه،الراجل هظا أنا نعرفه أكويس قبل ما ايدخلوه مستشفي الأمراض النفسية، ونعرف أهله ناس طيبة، دور سيارتك ورد عليه بالله عليك، حنعطيه غرفة في البدروم في الفندق جنب الباب الخلفي، خلينا انسكنوه ونطعموه ونعالجوه بطب العرب خير من مستشفيات الدولة الخاربة، بلكي انول بيه ثواب و نكسبوا فيه أجرعند الله.

– مصباح:

 بارك الله فيك يا(حاج أنور) أجرك حاصل، وقفل راجعاً بسيارته الي مكان وقوف (المسكين علي) في الطريق أمام مدخل سوق العرب.

 – وأضاف:

لكن أنا متشوق لمعرفة تفاصيل القصة المأساوية وانبي احكيها ليا.

 – الحاج أنور:

في مرة جاية أنكون رايق حتجي فرصة نحكيها ليك بالتفصيل وحتضحك عالدنيا ومافيها نين تبطل.

وبينما الاثنان يتحاوران حول (المسكين علي)، إذا بـه يشير إلي الأثنين بيده لإعطائه المصحف الشريف الموجود بسيارة (مصباح)، فيناولونه له، ليبدأ في تلاوة آيات قرآنية من (سورة القلم) بصوت جميل لا يمتلكه إلا أفضل من يقرأ القرآن الكريم مما أسترعي إنتباه واندهاش (الحاج أنور) و (مصباح):

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1) مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (2) وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ (3) وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4) فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ (5) بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ (6) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (7) فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ (8) وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ (9) وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ (10) هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (11) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12) عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ (13) أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ (14) إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (15) سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ (16) إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ (17) وَلَا يَسْتَثْنُونَ (18) فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ (19) فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ (20) فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ (21) أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ (22) فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ (23) أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ (24) وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ (25) فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ (26) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (27) قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ (28) قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (29) فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ (30) قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ (31) عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ (32) كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (33) إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (34) أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (36) أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ (37) إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ (38) أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ (39) سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ (40) أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ (41) يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ (42) خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ (43) فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (44) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (45) أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (46) أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (47) فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ (48) لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ (49) فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (50) وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ (51) وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (52)

وبينما الإثنان قد صمتوا منبهرين بما سمعوه من إعجاز فعله (المسكين علي) أمامهم، ليتأكدا أنه شخصاً متعلم وأنه يمر بظروف صعبة وقد تورط أو ورطوه بها، وبينما هم مسترسلان في الحوار إذ بصوت هاتف (الحاج أنور) يرن

– فيجيب:

ألو نعم من معي؟

….علي الجانب الأخر صوت فتاة تٌدعي (سعاد) تدهج بالبكاء وترغب في مساعدة منه يُقدمها لأسرتها.

– سعاد:

السلام عليكم حاج أنور أنا (سعاد) بنت صاحبك عيسي، باتي عطاك عمره اليوم الصبح

– يتجهم وجه الحاج أنور حزنا و يشير بحركة يد إلي مصباح ليوقف مركبته جانبا حتي يتبين الأمر ثم يرد علي المتصل هاتفياً:

عظم الله أجرك وإن لله وإن إليه راجعون. إنتي بنت (سي عيسي) ؟وكيف دايرين؟

– سعاد:

إنعم (ياحاج أنور) باتي توفي اليوم في الصبح، وأمي طلبت مني نعطيك العلم في وفاة والدي اللي هو صاحبك.

– الحاج أنور:

لا حول و لاقوة إلا بالله قوليلها إنشاء الله هذا حد السوء وعظم الله أجرك في المرحوم (أختي عواطف)، وقوليلها برضو حنجيكم بعد أشوي أنقدم الواجب وماتشليش هم أنتي وبنتك، بس نبيك يا سعاد أتقابلني فم الباب نعطيك مبلغ باش تصرفوا بيه علي المعزيين، اللي حيجوكم وراهوا أقل من الواجب وبعد ما ينتهي المعزا أتصلن بي.

وبمجرد إنهاء المكالمة الهاتفية أستأنف مصباح قيادته للسيارة مكملا المسير حتي وصلت السيارة الفندق، فترجل (مصباح) و(الحاج أنور) ساحبين (المسكين علي) من يده سحبا إلي غرفته من الباب الخلفي.

– تمتم (مصباح) متعاطفا مع (المسكين علي):

– سبحان الله… حقاً أن كيدهن عظيم

– وتمتم (الحاج أنور) في نفس اللحظة:

– اللهم بارك في رزقي وأجعل هذا الفندق عتبة خير.

حينها لمح (الحاج أنور) أبنه (أحمد) يتحاور مع عائلة تنتظر قدومه في صالة استقبال النزلاء أمام مكتبه داخل الهوتيل، أنهم أفراد عائلة (الأستاذ فوزي)، وهو أحد رجالات القائد معمر القذافي المخلصين، فتقدم من (الحاج أنور) شاب عشريني تظهر علي محياه سمات العفة والنزاهة والتعب والإرهاق أنه (سند فوزي) أحد أبناء صديقه (الأستاذ فوزي)، فنهض (سند) تاركا بقية عائلته و (أحمد)، وقام بتسليم رسالة إلي (الحاج أنور).

فتوجس (الحاج أنور) شراً، من جراء قدومهم.

مقالات ذات علاقة

أعلنت عليك الحُبَّ

محي الدين كانون

السّجان يسّتحى .. عندما تتلبّسه ملامح بانوسيّة***

المشرف العام

مقطع من رواية جاييرا

سراج الدين الورفلي

اترك تعليق