طيوب البراح

اضطراب مهجتي

رواسي إعشيبة

من أعمال التشكيلي العراقي سعد علي


لازلت استيقظ فزعةً من نومي وخائفة وكأن ذلك الاصطدام يحدث في هذه اللحظة بذاتها، لم يفارقني في كوابيسي صوت صرختي حينما كان زوجي يحاول تغيير اتجاه السيارةِ حتى لا تنصدم مع تلك الشاحنة اللعينة.

لم يقض الأمر بحادث سير وبعض الأضرار فحسب بل قضى على مستقبلٍ كان قد بدأ يزهر لتوّه.

تفتت أحلامي إلى أشلاء متناثرة مع ذلك الزجاج الذي تطاير في الأرجاء.

فعندما استيقظت من غيبوبتي تِلك أخبرني الطبيب برفقة أحمد أني قد خسرت جنيني الذي كنت بانتظاره، حينها لم أقدر على النطق وكأني قمت بابتلاع الحروف بجوف حُنجرتي فكانت صرخاتي مكتومة ودموعي ليست بالمالحة بل حارقة على وجنتي.

ولازال أحمدٌ يربت على كتفي بحُنوّ على الرغم من حزنهِ الشديد أيضاً إلا أنه يعمل جاهداً ليخفف من وطأة الحزن الذي يعتصرني، لكنها عيناه تحاول الهروب بعيداً عن أعيني فكثيراً ما شعرتُ بأنه يخفي أمراً ما عنّي؛ ليؤكد لي الطبيب ويبرهن حدسي الذي تمنيت لو أنه لم يكن بمحلّه فبعد عدة أيام وبعد أن تحسّنتُ قليلاً، أخبرني بأنهم قد استأصلوا لي الرّحم حفاظاً على حياتي وأنهم حاولوا جاهداً أن يكون هذا الحل الأخير إلاّ أنه لم يكن بوسعهم غير الذي قد حدث.

كل كلمة قالها كانت كالسكين الحاد ينغرس في قلبي، فقدت قدرتي على تحمل كل هذا العناء الذي آتى ضربةً واحدة، وبقيتُ لأيام وأنا على المهدئات لكي ترى أعيني النوم.

يتوجّع قلبي في كل مرة أدخل فيها إلى الغرفة التي سبق وجهزتها بكل حب وتأني لمولودي المنتظر، وفي كل مرة يراني فيها زوجي هكذا يزداد صوت تأنيب الضمير داخله وينهش الندم روحه الطيبة، فيعتذر مني ظنًّا منه أن لو لم يجعلنا نخرج في تلك الليلة لما تكبّدنا كل هذا العناء، لكنه ليس بوسعنا إلا حمد الله في سائر الأحوال فلا سيماً أنه يختبر صبرنا على ما حدث.

فقد انكسرت غصون أحلامي التي تمنيت لو أنها أكملت طريقها، إلا أنني مازلت أحاول كثيراً في المحافظة على ما تبقى من خيوط الأمل داخلي، أستنجد بها كقشّةٍ لا أريدها أن تضيع بتاتاً.

مقالات ذات علاقة

رُفعت الجلسة

المشرف العام

من أكون..؟

المشرف العام

كنا معا..

المشرف العام

اترك تعليق