فيما يشبه الحلم. أو لنقل يقظة شابها حلم طويل اكتنفته أحداث مرهقة لنفسية غضة لم تدرك معنى الحياة بعد. حتى استحالت مجرياته لكابوس معتم.
الأب يكتب نبوءة. والابن ينفذها بروح أخرى!
القطط لها بصمة مع البلهاء. وتسير في نهج الجريمة دون قصد منها. كما أن للغراب يد خفية في جلب حظ لحياة البطل. أيضا في خزانة التاريخ رواية كانت منطلقا لأحداث تلبسها غموض انيط عنه اللثام في سرد متلاحق.
(كـافـكـا عـلـى الـشـاطـئ) رواية من الأدب الياباني لـ”هاروكي موراكامي”. في الرواية تجد لوقائع الحرب مأخذا جيدا لبدئها كرواية تروي أضرار تفجر قنابل نجازاكي التي خلفتها في النفوس والأبدان. فمحال نسيان الجريمة وإن بعدت الشقة عنها.
نرى في فصول الرواية تبادل أدوار بين “ناكاتتا” الغبي صاحب القطط وترجمان لغتها. والولد الذي جمع متاعه وأزمع على الرحيل مفارقا لوالده مخافة أن يحقق له نبوءة “تقتل أبيك وتغتصب أمك”.
نلمح في الرواية فرار الولد من جريمة القتل التي لم يعرف كيف ارتكبها متخذا مكتبة قديمة مأوى له وممارسا فيها متعة مطالعة الكتب مخفيا هويته وسر تخوفه. بينما نجد الغبي هو الآخر يلوذ بالفرار مبتعدا حيث لا عيون تراقبه وسرد من العجائب يحدث معه. في نسق متساو وربط بديع بين الشخصيتين.
ثمة تناغم بين الفصول التي اغتنت بلغة مبسطة ومفردات سلسة كما تشربت إبداعا تمازج واقعه بخيال فسيح. في حين نلحظ وفرة اطلاع الكاتب وتنوع معرفته بشكل مميز من خلال مواضيعه في الأدب والفن والموسيقا والتاريخ.
رغم طول الرواية وتشعب الموضوعات تغمرك متعة لا تقاوم ويحركك شوق لمعرفة منتهاها. مسافرا مع كافكا في خياله حيث حافة العالم…
مارس 2017