قراءة تحاول رصد أثر النص الحديث (قصيدة النثر بشكل خاص) في التجربة الشعرية النسائية في ليبيا، من خلال قراءة عامة لهذا النتاج دون تخصيص مجموعة معينة، إنما الحركة من خلال النص وقراءته.
3.4/ النـثر يشـكّل أصواتهن:
لم يكن النص الحديث مجرد نصٍ تصنعه/ تنتجه المرحلة، ففي تجربتنا الليبية كان النص الحديث (قصيدة النثر) نصاً حدثاً، التقط فيه الشعراء رغبة الخروج والانطلاق، ومارسوه لحاجة الحرية.
والشاعرة وهي تمارس حريتها من خلال النص، حريتها التي ترفض أياً من أشكال الوصاية، يتحول النص صوتها وطاقة قولها، لتمارس الشاعرة انطلاقها في صوتين. وهذا التقسيم الذي أقترحه (أفترضه)، إنمـا قراءة لخطاب النص (أو قَـوْل النص)، بمعنى أنه يمكن تقسيم الشاعرات في مجموعتين:
1- المجموعة ذات الصوت الصاخب.
2- المجموعة ذات الصوت الهادئ.
تقدم المجموعة الأولى احتجاجها بشكل مباشر، إنها تعمد إلى الثورة علناً دون أدنى رغبة في إخفاء ثورتهن أو السر بها، إنهن يعمدن مباشرة إلى ما يردن، إنهن لا يخفن من الجهر بما يردن أو قتل الصوت الضاج فيهن.
نص: بالبنفسج أنت متهم/ الشاعرة: فوزية شلابي36:
ومتهم أنت بأنك تزقزق/ ودائم الخروج إلى البللِ/ وبأنك لا تردعُ عيني حبيبتك/ عن البلادِ/ إذ تُسند رأسها إلى كتفٍ/ وأخمص الكلاشنكوفِ إلى الآخرِ/ وبأنك تشفُ عن ألوانِ الطيفِ/ وتضبطُ ساعتك على أول الفعلِ/ ومتهمٌ أنت بالعسلِ/ وبالبنفسجِ/ بالنوافذِ/ بالقطارِ/ بالحبِّ/ بالكبريتِ/ وبأنكَ لم تُراوحْ في المكانِ/ وبالجدلِ/ والمقاهي/ والرقصِ/ وبالرسائلِ الصوتيةِ/ ومتهمٌ أنتَ بي/ أو بك أنا متهمة.
هذه الشاعرة (ونقصد المجموعة الأولى) لا تخاف من كشف ذاتها، أو المناداة بها صوت عصيان، تقترح فيه ما تريد، في وجه الرجل، ليتحول النص صوت رفض لكل الإرث الذي سربه.
نص: عصيان/ الشاعرة: عائشة المغربي37:
أيها الولد الشقي/ امرأة أنا/ تهزمك أنهار حنيني/ تشرعُ ضدي إلهـاً/ يحرس أسوار جليدك/ وقلبي عصفور عاصي/ تدميه فيخفق.
الشاعرة لا تخشى السؤال (أداة المعرفة الأولى)، إنها تلج المغامرة دون خوف ولا حرج الجواب، ويمكن أن نقرأ في هذه المجموعة الأنثى ثائرة (تمثيلاً الشاعرات: فوزية شلابي، فاطمة محمود، أسماء الطرابلس، حواء القمودي،…).
نص: غيـاب/ الشاعرة: خديجة الصادق38:
محايداً صوتي/ فقد ارتباكة العشق،/ وارتعاشة اللقاء.
محايداً صوتي/ حين يرن هاتفك، الذي غاب طويلاً/ ولم اعد أنتظره.
محايداً صوتي/ وألوفاً/ لنبرة غيابك في قلبي/ لانهزام لهفتي/ أمام لا مبالاة سؤالك.
أفـقٌ آخر لهذا الصراخ، هي رغبة الشاعرة تخطي محاولة الدفاع عن الجنس (كأنـثى)، أو دفاع الشاعرات عن بنات جنسهن، لقد تخـطين هذا إلى مطالبة الرجل بضرورة تحرير نـفسه من ربقة أفكاره القديمة، الأمر الذي حشر الرجل في الزاوية الضيقة واستفزه وأربكه دون أن يقدر على شيء، أو دون يتحرك المجتمع في اتجاه تحرير فكره. وكما استطاعت الشاعرة أن تطلق صوتها، الثائر من خلال اعتـناقها للأفكار والتوجهات الثورية، أفـقٌ تعلن فيه إيمانها بالثورة كمنهج، وإعلانها رفضها لما يدور حولها من مظاهر اجتماعية وسياسية، وهي تحقق في هذا الرفض مكانة تؤكد فيها حضورها ودورها، وقدرتها على العمل بفاعلية أكبر من الزاوية المحشورة فيها (غـصباً)، وتمثلن ذلك من خلال:
1- العرض المباشرة للفكرة الثورية، أو التوجه الثوري.
2- من خلال الرموز الثورية (أشخاص، أحداث، تواريخ،…)
3- أو خلال الفعل الثوري (كنص).
هذا لم يبعد الشاعرة عن مجتمعها، فكان أولى من تلقى غضبها، خاصة وهي تمثل الدور الكبير (الأكبر) في سيرته اليومية، وهي تدخل رفضها من باب العالم بحقيقة الأشياء المدركة لبعدها، فلا تحاول تزويق/ تجميل الصورة ولا إخفاء الساطع بالغربال، بقدر ما تعمل على تأثيث المشهد بكل ما يحتاجه لحشد/ شحن صورتها بما يلبي حاجتها وما تريده من رفضها.
نص: ثلاث مقاماتٍ للوقت/ الشاعرة: سميرة البوزيدي39:
المقامة الأولى:
مشغولاً بتفاهات شتى/ يمضى مرتبكاً ببعضه/ محشوراً في الزوايا الضيقة/ من الغفلات/ يمضي يُلقى بعويله/ على دروبنا الممهدة برمادها/ متسارعاً في بطئه / وكاذباً يعدنا بالغد الذي لا نرجوه / وبأسمال رثة، يباغت حناننا/ فلا يجد إلاَّ النهرّ/ من على أبوابنا الموصدة سلفاً/ وقتٌ رديء / يقايض أعمارنا بالفراغ / فنتلقفه باللهفات الفارغة أيضا..
المقامة ثانية :
كأس يضيق بالفراغ الذي/ نترعه بالملل / ثم نصرخ من الضجر / هو التلهي / نركله على أرصفة / الخواء / ونحن نصفر للحياة / بمرحٍ بليد / هو عزيز الزمن الذي / نُذلّه بلا رحمة / في كل يوم / أربع وعشرين / على أربعٍ وعشرين .
المقامة ثالثة :
الوقت الموقوت على ساعات / انتحرت عقاربها غيظاً / الغائب عن مدار اهتمامنا / والحاضر بكسل دائم / والمُحّدق في شاشات التفاهة بنهم / المرصود عبثاً / للمواعيد المتأخرة / واللاهث / خلف بطئ مواقيتنا الشاحبة / لهفي عليه / المهدور دائماً / في المباهج الكاذبة / صحبة الرفقة المتقلبة / واحتساء الواجبات الاجتماعية / مع القهوة المرّة / مع ذوى القربى / من بني مُرّة / وقتٌ يتوعدنا بالجمود / فنعتريه بالعويل.
أما المجموعة الثانية، فلا تحاول الصراخ، إنها تكتب نصاً هادئاً ومنساباً بلا ضجة، يتسلل بهدوء، يناغي داخلنا أكثر ما يناغي فينا الحس، وما يثيره من تواطؤ على مستوى الشعور، بمعنى أن النص يبحث في المحسوس (استثارة الحس).. نص لا يغرم بالضجيج، والاجتماع حوله، يذهب إلى من يريد، بنية الإيناس والتسرية. وعلى خلاف النص الضاج فإن هذا النص يعتمد على إنتاج متوالية من الصور/ المشاهد، كذا يستفيد بشكلٍ أكبر من طاقة اللغة لتفعيل اللعبة اللغوية في النص، ناحية إنتاج زخمٍ لرصد الحالة بنية تقديم صورة مجسمة، يمكنها التسلل داخلنا وإقناعنا بما تريده، في هدوء.
نص: استدعاء/ الشاعرة: وجدان علي (فريال الدالي) 40:
حرفاً.. حرفاً../ يتهجّاها../ حبيبتَه التي../ اخْتطَفتْها الأرضُ سريعاً.
كانتْ بين أفيائِهِ../ في نَزَقِ سعادَتِها../ تحمل ترفاً../ باهظَ الحبِّ،/ متسامِقَ البناءْ../ يَتَملاّها../ يتأمّلُها../ لا يملُّها../ ذكرى حياتِه.
هذا الراهبُ الذي تَرَوْنْ../ يُصلّي لها،/ تراتيلُه../ للروحِ الهفهافةِ.. / تكتَنِفُه،/ للقلبِ الـمُدثَّرِ بالترابِ../ يتخلّلُهْ.
هِي:/ قطرةُ الماءِ السماويّة،/ إكسيرُ الحبّ،/ غيمةٌ../ مُغيثةٌ../ ظليلةٌ../ ذاتَ قَيْظْ.
هُوَ:/ يتضوّرُ فَقْداً،
هيَ:/ تتضوّرُ فِراقاً،
و أنا:/ أتضوّرُ ظلْماً:/ منْ.. صنعَ لنا هذا المصيرْ؟؟!/ بتَِرْتيبٍ أبْترَ../ نُفِيَتْ.. إلى أسْفلْ../ بحكمٍ أبله../ افترستْها.. مخالبُ الرحيلْ.
لَوِ انتظرَ قليلاً؟!/ لو مَنَحَنا.. فرصةً لِلِّقاءْ، للوداعْ؟!/ لوْ داهمَنا معاً؟!/ لو.. يَبعثْ حبيبتَه؟!/ بمشيئةِ منْ.. يُغتالُ الفرحْ؟/ بمزاجِ منْ.. يُغتَصَبُ الزهوْ؟/ مسكناً للفرحِ.. كانتْ،/ زاهيةً كانتْ ..حدَّ التِّيهْ.
يا أنانيةَ الموتِ../ الغادي دوماً بين الناسْ،/ الجاثمِِِ على قلوبِ السعادة:/ لَوْ تموتْ؟!!/ إِفْعلْ أوّلاً!!
يا صديقَتي التي لمْ أرَهَا:/ أتَذَكّرُكِ فيَّ .. رِقّـّةً.. لا تُنـْتَهَكْ،/ أنحتُكِ في البحرِ .. سيادةً.. لا تَضعفْ،/ أكتبُكِ في الريحِ.. البهاءَ.. الذي يتناسلْ،/ وأعترفُ أنَّكِ .. الحيّ .. المُغتالْ،/ وأقولُكِ.. أناديكِ يا رِقّةَ سِيادةِ البَهاءِ الحيّ.
ما نلمح له في نهاية هذه الملاحظة، أن الشاعرة لم تصنف نفسها إنمـا كانت تختار لنصها ولصوتها ما تريد، كانت تدير المعركة (لو تصورنا الأمر في شكله الكبير) بحنكة وإدراك العالم بمسيرة الواقع من حولها.
3.5/ النثر يعـيد صياغة الزمن41:
(الزمن) يغدو كابوساً وقدراً مقيت تواجهه المرأة، والكاتبة لا تستطيع إلا أن تتعامل معه بذات الرؤية، فلقد أوعزت الإرادة الذكورية به قاهراً لها، لكل ما يتعلق بها من مفاتن، ومقدرة على أداء أدوارها الحياتية، فتسقط مبكراً، وتغدو السنوات في سيرها اقتراباً من حافة العجز والقعود، هذا أيضاَ ينعكس اجتماعياً على السلوك، وهذا وإن كان ذا صلة، إلا أنه لا يدخل ضمن اهتمامنا في هذا الموضوع، فالمهم لدينا كيف لم تهرب الكاتبة والمبدعة من سيطرة هذه الفكرة؟، فالرجل تبدأ أول محطات زمنه بالبلوغ ومن ثم الأربعين (والكثير من الشعراء كتبو في هذه السن)، وتغدو الستين مفارقته ولا يغدو الحساب بعدها مفيداً، أما الأنثى فالحال يختلف معها، فالعاشرة نقطة، والخامسة عشر غيرها، وهكذا يكبر التوهج موازياً للسنوات، وتبدأ تصرخ بهذه الثمار التي لم تقطف/ الشاعرة: حواء القمودي:
هي/ غارقة في اتباكها/ تلملم طرف رغباتها/ تسأل الأزرق/ لماذا أكون وحدي والكائنات لي؟.
إذا فالكاتبة لم تخرج عن هذا، ورصدت آثار الزمن فيها (في الأنوثة)، والتغيرات التي تشي بها التبدلات… ولكن كيف؟، هنا أيضاً ينطلق النص من ذات الرؤية الخائفة من الفضح، أو الإشارة المباشرة، فلا يتحدث النص عن التجاعيد ولا رعشة الأيدي والعروق النافرة فيها، فهي تدرك أن كل هذه الأشياء تتضاد ومصطلح (الأنوثة التامة/ تسقط الشاعرة في حقيقة الجسد، عندما لا تجد نفسها إلا خادمة له)، لكنها تتلمس ذلك في تبدلات أخرى تكون أثراً أقل إثارة.. وهنا تفاجئنا الشاعرة/ أسماء الطرابلسي، بجرأتها وفرحها بأول شعرة بيضاء، تقول في نص/ إلى السيدة شيخوخة:
ذات مساء قديم../ أبرق في شعري الليلي، شعاع فضيْ/ ينبئني بأن الشيخوخة في طريقها إلي../ به استلمت أول برقية../ بأنها– بعد حين- ستدّق بابي../ فرحت بها../ أول شعرة بيضاء/ تنذرني بأن الشباب قد شاب../ وأنني أغلقت الكثير من الأبواب../ دون انتباه../ لأنتبه كم من الوقت مرّ/ وأنا باباً.. بعد آخر.. أعبر.
وحتى وإن كانت جرأةً، فهي مبطنة من خوف الحالة التي ستكون، والتي تقود إليها توالي الشعرات البيضاء، وهنا نقبض على هذا المشير (بياض الشعر)، وأسميه (المشير/الدّال غير المعلِن)، أو المشير الذي تكشفه المرأة وتستطيع إخفاءه إلا عن نفسها، ومع هذا فهو الأثر الأقل تأثيراً.. وبالعودة لنص الشاعرة/ أسماء الطرابلسي:
عجوز أنا؟../ تراني أصل لذلك العمر../ الذي يسأم فيه أبنائي أرائي../ ويرفض فيه أحفادي وجودي../ حين يزداد حرصي../ على طقوس عبادتي وصلاتي../ ولأسدد ديوني الدينية المتراكمة../ بتاريخ رجعي!../ باذلة جهدي لرفع معدل درجاتي/ في بطاقة تخرجي من الدنيا.. الدنيا../ للعوالم الأعلى../ الأعلى..
إذا فهي تخاف العاقبة، والعاقبة هنا سلوك اجتماعي، وهذا ما أشرنا له من العلاقة الاجتماعية، إذا لا تستطيع الكاتبة (خاصة في بلادنا- وهنا الأساس المجتمع) الخروج عن الطقس الاجتماعي وصوره المتكررة والمعايشة، لتتمنى الشاعرة في نهاية نصها : (عجوز أنا؟ / آمل ألا أصل لذلك العمر!..)، وحتى وإن جاءت لغة النص مباشرة مرتبكة فيها الحالة الشعرية، تحت تأثير الحماس والانفعال لحظة الكشف، لكن مثاليته (من المثال) صالحة 100% دلالة، لكنا نقبض على هذه اللحظة في مركب آخر، إنه الإحساس النفسي بهذا الزمن، فتبدأ حالة من النكوص، أو الاسترجاع لزمن التوهج، والخواء من هذه الأفكار، وتقبض الشاعرة/ حواء القمودي، على نفسها طفلة، تقول:
أقعد على مصطبة الليل/ أرقب نجمة تراود الظلمة كي لا تنام/ أتذكر طفلة كانت/ عيناها مسافة الدهشة/ ضحكتها صهيل الخيول/ شعرها سنابل قمح
وبمقابلة بسيطة لدلائل هذه الذكرى في تلك الطفلة التي هي، نقبض على هذه الآثار في مقابل (عيناها مسافة الدهشة) و(ضحكتها صهيل الخيول)، و(شعرها سنابل القمح)، لنكتشف أنها تدرك وحتى داخلياً معنى انتهاءها أو تغيرها، ولو سمح باستطراد بسيط هنا، ندرك أن المحور إجمالاً يتمثل في (الجسد)، هذه الغواية أو الفاكهة المحرمة/المحللة، أو المخفاة/المعلنة، تكتشفها الأنثى سريعاً (والحال لا يختلف مع الكاتبة والمبدعة-هذا اتفاق سيكولوجي)، تقف على تبدلاتها طغياناً وانتفاراً، وتقف عليها تخفت وتنطفئ، ولأنه الجسد المحور، تتراكب العلاقة وتتعقد، وفي ذات النص، تتعقب الشاعرة/حواء القمودي، ألفتها التي كانت وتقف أمام تراكب الزمن في الخواء والتلاشي دون آثار:
أجلس على حافة ليلة ربيع/ أرقب عمراً يتلاشى/ دون أن أزدهي به/ وأسمي أطفالاً لا أجدهم.
وكأن الحديث يعود بنا لمقدمة الكلام، من مرجعية العقلية الذكورية المسيطرة، والمتوثقة في إدراك الأنثى بالوقوف على ضرورة الاشتعال في جذوة الرجل، دون الخروج بالموضوع إلى المجرد، في التعامل معها من منطلق التأقلم مع متغيرات ملازمة لازمة لا يمكن رفضها، أو إنهاءها، لتخرج الفكرة من مجرد ضرورة الثنائية، إلى إمكانية الفردية، فكلا الأنثى والرجل كائن قادر على الاستقلالية التامة، وحتى نقبض على هذه الاستقلالية، نعود لموضوعنا في نص/ أسطورة عائشة، للشاعرة/ عائشة إدريس المغربي، إذ إنها تقف على عام جديد لثلاثين:
ينبجس لي عام جديد/ أعيد كتابتي كل لحظة/ …../ أضع الكحل مرتين/ أحدق في مرايا النساء المشروخة/ أمشط ثلاثين ضفيرة، لموعد الوصول/ …../ هكذا يعدني الكهنة في الشتائية القادمة/ أعبرك ممتطية نشوة الغابة البكر/ أمشط ثلاثين نجمة وقمراً/ أشعل النار وأنطفئ.
هنا أيضاً يحضر فعل الانتظار في مثال أو رمزية (الضفيرة)، تجمعها بعدد السنين لموعد الوصول، لتتحول هذه الضفائر إلى (ثلاثين نجمة وقمر)، والسبب في العام قمراً بعد الثلاثين، كونه يتحد به، في موعد الموصول.. وكأن هذا الإحساس أو هذه العلاقة لا يمكن أن تحس خارجها، أو المنظومة في ضرورة الثنائية، التي تطغى في حالة الانتظار.
فهل نقول أن الزمن لا يحس إلا بالآخر؟، وإن كنت حضرت نفسي للتعلق بالزمن أو رصد أثره في النص الشعري، إلا أني لم أستطع أن أفصل تأثيره عن الكثير من العلائق، التي تتداخل وتتشابك في رسم هذا الأثر الذي تشهده الأنثى (وهو ليس بمنأى عن الرجل، لكن الظروف تختلف)، وتراقب تبدلاته على جسدها، وأجد الجسد حاضراً مرة أخرى، وكأن الموضوع برمته يدور في فلك الكتابة في ثنائية: (الجسد) و(الفكر الذكوري).
هوامش:
1- من الصعب الاعتراف بمجتمع مدني/مديني عربي في بدايات القرن العشرين، الذي يستمر أرثه حتى هذه الوقت.. لذا فإن القرى والعواصم التي كانت، لا يمكن وصف مجتمعها بالمجتمع المدني، طالما ظل أسير عاداته التي أتت نتيجة سكناه في المدينة.
2- نذكر إن أولى المجموعات القصصية الليبية الصادرة، كانت للقاص “عبدالقادر أبوهروس” سنة 1957 _إي قبل عام واحد من صدور (من القصص القومي)_، تحت عنوان (نفوس حائرة)، وهي صادرة عن مكتبة الفرجاني.
3- زعيمة الباروني (من القصص القومي)- المطبعة العالمية-القاهرة/1958.
4- اعمد إلى الاعتماد على المجاميع (الكتب) بشكلٍ خاص، كونها تؤرخ لتاريخ (تاريخ المرحلة التي صدرت فيها)، وكذا في تقديمها لتجربة المبدع في متن يمكن الاعتماد عليه لقراءته، كتجربة شخصية، أو جزأ من تجربة عامة. كون النشر أراه معياراًُ لا يمكن الاعتماد عليه لانتشار رقته، واتساع مساحة البحث فيه، وإن لا يمكن إغفاله.
5- صدرت أول مجموعة شعرية ليبية في العام 1892، للشاعر “مصطفى بن زكري”، تحت عنوان (عظة النفس).
6- بنت الوطن، هو الاسم المستعار للسيدة “خديجة الجهمي”، قبل أن تعرف باسمها.
7- لاقى هذا البرنامج نجاحاً لا يوصف، ولقد أخبرني أحد المعاصرين لتلك الفترة، أن أحد المستمعين بعث برسالة للبرنامج يشكره فيها على ما قدمه له من نصيحة، أنقذت على إثرها أسرته، حيث كان يعاني من مشكلة عرضت في أحد حلقات البرنامج.. كما أفدني محدثي، أن والدته كانت من المتابعات المثابرات على الاستماع، درجة أنها كانت تتبادل الحديث مع المذياع، وتحاوره، مدللة على فهمها.
8- د.عبدالحميد عبدالله الهرامة وعمار محمد جحيدر (الشعر الليبي في القرن العشرين، قصائد مختارة لمئة شاعر) دار الكتاب الجديد/2002.
9- عبدالله سالم مليطان (معجم الكاتبات والأديبات الليبيات، تراجم ونصوص) دار مداد/2005.
10- رأينا من الواجب علينا إضافة هذا الجزء، إثر صدور هذا الكتاب، كونه معني بمادة بالبحث.
11- صحيفة الأسبوع الثقافي- العدد:135- 10/1/1975.
12- يمكن مراجعة موضوعي (من وإلى الذات) الذي يتخذ من الكتابة النسائية موضوعاً له. [صحيفة الجماهيرية – العدد (3005) – الأربعاء : 01.03.2000].
13- عبدالله سالم مليطان (معجم الكاتبات والأديبات الليبيات، تراجم ونصوص) دار مداد/2005- ص:61،62
14- إشارة إلى معلقة “أمرئ القيس”: قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل/ بسقط اللوى بين الدخول فحومل.
15- إشارة إلى نص (رجل بأسره يمشي وحيداً) للشاعر “مفتاح العماري”.
16- أمسية الشاعرات، دار حسن الفقيه حسن للفنون، بتاريخ (14/4/2002)، بمشاركة الشاعرات: سميرة البوزيدي، حليمة العائب، أم الخير الباروني، حواء القمودي، حنان محفوظ.
* كريمة الشماخي: شاعرة ليبية تقيم في هولندا، صدر لها: حوار مع الذات/ الوديعة/ ابنتي الوحيدة/ خواطر امرأة عربية/ عفواً سيدي/ بنات المختار.. ولها كتاب من المفترض أنه صدر بعنوان (البوقالة في الموروث الشعبي الليبي)، والحوار المشار إليه نشر بصحيفة الزمان- العدد: 1308- 10/9/2002.
17- أعود لأقول، أن هدف القراءة هو قراءة أثر الحداثة في تجربة الشاعرات الليبيات، وليس تقسيم الشعر إلى رجالي ونسائي.
18- أشير إلى أن بعض الشاعرات حالت ظروف ومتطلبات العمل دون الاستمرار في النشر، نذكر منهن على سبيل المثال، الشاعرة “فوزية شلابي” التي تولت عديد المناصب والمهام القيادية أهمها توليها مهام أمانة اللجنة الشعبية العامة للثقافة والإعلام، وكذا الدكتورة “سالم عبدالجبار” التي أخذها العمل الأكاديمي، واستلامها مهام أمانة الشؤون الاجتماعية بمؤتمر الشعب العام، وأيضاً الأستاذة “عواشة حقيق” التي تمارس عملها الأهلي بتميز.
19- اعتمدنا هنا على ما توافر من صحف ومجلات، وهذه النسبة مجبورة لأقرب عدد صحيح، بالنسبة لكل النتاج المنشور تحت جنس الشعر أو الشعر الحديث.
20- كنت في البداية قد بدأت البحث في مجموعة من الأسماء، ومن ثم تراجعت.
21- يشترك في هذا كل شعراء المرحلة.
22- صحيفة الأسبوع الثقافي- العدد:67- 21/9/1973.
23- د. كمال أبوديب (في البنية الإيقاعية للشعر العربي وفي اللابنية أيضاً/ قصيدة النثر.. وجماليات الخروج والانقطاع) مجلة نزوى.. العدد:17/يناير-1999.
24- منصول العجالي (ما نراه والعصافير فضاءً رحباً، قد تراه الغيوم سجناً كبيراً)- مجلة الفصول الأربعة- العدد:90- السنة:22/ يناير 2000.
25- فوزية شلابي (والسكاكين أنت لحدها يا خليل)- الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع والإعلان-مصراتة/1986- ص:47.
26- يمكن مراجعة مجموعة من المقلات التي كتبتها في موضوعة الإخلاص للتجربة.
27- خلود الفلاح (بهجات مارقة)- مركز الحضارة العربية-القاهرة/2004- ص:.
28- صحيفة الجماهيرية- العدد:3706- 7-8/06/2002.
29- رامز رمضان النويصري (الجسد المعلن/ ج1)- صحيفة الجماهيرية.. العدد:4051.. التاريخ:18-19/7/2003.
30- عائشة إدريس المغربي (البوح بسر أنثاي)- الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع والإعلان/سرت- 1995/ ص:33.
31- فوزية شلابي (عربيداً كان رامبو)- المنشأة العامة للنشر والتوزيع والإعلان/طرابلس-1986/ ص:35.
32- المرجع السابق- ص:37-38.
33- مجلة الفصول الأربعة- العدد الخاص بالمشهد الشعري الليبي- ب.ت/ص 200.
34- من مجموعة نصوص للشاعرة.
35- من مجموعة نصوص للشاعرة.
36- فوزية شلابي (بالبنفسج أنت متهم)- المنشأة العامة للنشر والتوزيع والإعلان/طرابلس-1985/ ص:53-55.
37- عائشة إدريس المغربي (أميرة الورق)- الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع والإعلان/سرت- 1998/ ص:16.
38- خديجة الصادق (غياب)- صحيفة الجماهيرية- العدد:4153- 20-21/11/2003.
39- مجموعة نصوص للشاعرة.
40- مجموعة نصوص للشاعرة.
41- مادة هذه الملاحظة تمثل الموضوع المنشور لي تحت عنوان (القبض على الزمن.. خصوصية الزمن في الكتاب النسائية)- مجلة البيت، وتم التصرف في هذا التضمين.
نشر على أجزاء في:
صحيفة العرب تلغراف_ العدد:0_ الخميس:21-27/9/2006
صحيفة العرب تلغراف_ العدد:1_ الخميس:28/9-4/10/2006
صحيفة العرب تلغراف_ العدد:2_ الخميس:5-12/10/2006
صحيفة العرب تلغراف_ العدد:3_ الخميس:12-19/10/2006