يصادف اليوم الذكرى الـ40 لرحيل الفنان “محمد حقيق” الذي فارق دنيانا بتاريخ 18 نوفمبر 1980م فقد كان الفنان الراحل أحد أبرز الأعلام المُؤثرة في مسيرة الفن الليبي المعاصر من خلال المسرح والموسيقى والتلفزيون فهو أوّل مؤسس لفرقة الفنون الشعبية في ليبيا وأوّل من أسس صالونًا أدبيًا في بيته ارتاده جُلّ أدباء ومثقفي وفناني تلكم المرحلة من الزمن …
محمد حقيق من مواليد 13 أبرايل 1924م نشأ وترعرع في أزقة طرابلس القديمة وتلقى علومه الأولى في كتّاب الشيخ الزرقاني وانتقل بعدها لكتّاب الشيخ حورية القريب من عنوان سكنه ، وفيه كوّن عدة صداقات مع من قادوا معه رحلة الفن والحياة منهم : (كاظم نديم) و(مختار الأسود) و(ظافر حورية) و (حسن أبو خريص).
تفتحت ملكاته الفنية منذ نعومة أظافره، ليلفت انتباه الجميع إليه بحسّه المميز وحضور شخصيته فضلاً عن اترباط بعض المناقب بشخصيته مثل البشاشة التي لا تكاد تغادر محيّاه وطريقته الخاصة في إعادة قص الحكايا التي كان يغلب عليها الطابع المسرحي بصوته الجمهوري الصارم ما دفع بأصدقائه وخلانه للافتتان بقدراته الاستثنائية المميزة فتارة يضحكهم وتارة أخرى يبكيهم وهكذا دواليك.
وكان للفنان الراحل نزوع شديد للمحافظة على تراث الأدب الشعبي، فقد كان حريصًا في زيه على ارتداء الملابس التقليدية مثل (القميص البوقال) و(الأزرار)و (الفرملة)و (السروال) و(البدعية) و (الزبون الياقوتي) و (الطاقية الرصّاعي) و(البسكل الحرير) و(البلغة الغدامسية المطرزة)، كما امتاز بالخيزرانة المزادنة التي كان يحملها في يد.ه.
وتمكن الفنان الراحل بفضل ملكاته الفنية العالية أْن يصبح أحد مرجعيات التراث الفني في الموروث الشعبي تحديدًا، فهو يعد قيمة موسوعية كبيرة فنيًا واجتماعيًا اضافة لتنوعه التخصصي، وهو من أوائل من أتقنوا تعلم العزف على آلتي (البيانو) و(الأورج)، وعرف بمهارته في العزف على الآت (البزق) و(القانون) و(العود)، وكذلك لم يخفي عشقه لفن (السلاميات) وأصول الطرب الشعبي القديم .
وفي مجال ليس ببعيد عرف عنه نظمه للشعر، فضلاً عن خوضه تجارب التمثيل وإعداد وتقديم البرامج الإذاعية منذ تأسبس الإذاعة الليبية عام 1954م نذكر منها برامج :(حيث اليوم) (أفراح البادية) و(بلاد الشجاعة يا بلادي) وسواها،
أيضًا للمسرح دور ريادي في مسيرة “محمد حقيق” فشهد نجاحه وتألقه من خلال مسرحية (تحت الرماد) عام 1954م بعدما أسند إليه دور البطولة الفنان (مصطفى الأمير) حينما تغيّب صاحب الدور الرئيس عن العرض ذاك اليوم، ليتمكن من اجادته ويلقى استحسانًا وقبولاً من الجمهور الحاضر، وكان هذا الدور بمثابة الانطلاقة الحقيقية له على الرُكح ليقدم في السنوات اللاحقة العديد من الأعمال للمسرح بعد انضمامه للفرقة القومية للمسرح.
ولعل من أعماله المسرحية نذكر منها (جناب المفتش) و(طبيب ونصف) و(كل شيء يتصلّح) و(اللي تظنه موسى يطلع فرعون)ليختتم حياته المسرحية بمشاركته في مسرحية (يوم القيامة) التي عرضتها الفرقة الوطنية.
وفي آواخر سنوات رحلته مع الفن والحياة، نال تكريمًا مستحقًا إذ وسّم بوسام العمل الصالح ووسام الريادة، ليبقى محمد حقيق أحد أعلام الفن الليبي البارزين.