شخصيات

الأمير العثماني عثمان فؤاد أفندي سيرته وعلاقته بليبيا

محمد حسن المنتصر

الأمير العثماني عثمان فؤاد أفندي
الأمير العثماني عثمان فؤاد أفندي

هو الأمير عثمان فـؤاد بن شاهزاده محمد صلاح الدين بن السلطان مراد الخامس، ولد في قصر جراغان في 24 فبراير سنة 1895م، وعاش فيه منذ ولادته وحتى وفاة جده السلطان مراد الخامس في سنة 1904م.

وعندما غزت إيطاليا ليبيا، تطوع في الحرب ضد الاحتلال الإيطالي ولم يتجاوز عمره ستة عشر عاماً، ولشجاعته وبسالته في قتال الإيطاليين وحداثة سنه أخذ شهرة واسعة، وعندما عاد إلى إسطنبول التحق بالمدرسة الحربية وتخرج منها، ثم أرسل مع أبناء عمه السلطان عبد الحميد الثاني – رحمة الله تعالى – إلى ألمانيا ليكمل تحصيله العسكري، ودرس بالأكاديمية العسكرية الألمانية.

وبعد اندلاع الحرب العالمية الأولى ودخول الدولة العثمانية فيها صدر له الأمر بالرجوع من ألمانيا والالتحاق بالجيش العثماني، وأثناء عودته تعرضت الغواصة الألمانية التي يستقلها للتفجير من قبل الإنجليز في الطريق، وأصيب في ذلك الهجوم وتم إسعافه إلى النمسا مع من أصيب، وبعد شفائه التحق بكتيبة الفرسان بالجيش العثماني برتبه رائد، وأُرسل للقتال ضد الإنجليز، وأبدى شجاعة أجداده آل عثمان في القتال، وقد أصيب خلال الحملة على مصر، وتم علاجه بمدينة حلب.

وبعد شفائه شارك في معركة جناق قلعه الشهيرة في مارس سنة 1915م، وكان عمره 20 سنة، وبرهن على شجاعته وبسالته، وأصيب إصابة بالغة نتيجة لقتاله في الخطوط الأمامية، وتم علاجه في إسطنبول، وعندما شفي من جراحه تم تعيينه مرافقا للسلطان محمد الخامس ومسؤولاً عن الحراسة السلطانية.

وبما أن الأمير عثمان فـؤاد كان ذا همة عالية، ونفسه تتوق للجهاد والدفاع عن الدولة العثمانية تم تعيينه في 2 إبريل سنة 1918م قائدا للقوة العثمانية بولاية طرابلس الغرب، المسماة بالفيلق الإفريقي، وقد وصل عبر غواصة ألمانية إلى مصراتة في 17 مايو سنة 1918م مع عدد من الضباط العثمانيين، لتنسيق وتصعيد عمليات المجاهدين ضد الإيطاليين، وكان عمره آنذاك 23 سنة، وأقام بمصراتة وشارك أهلها حياتهم السياسية والاجتماعية.

وبعد قبول الدولة العثمانية الهدنة مع الحلفاء والتوقيع عليها في ميناء مودروس والموافقة على شروطها، والتي كان بموجبها خروج الدولة العثمانية من الحرب العالمية الأولى، وانسحابها من كافة الولايات العربية، وقد نصت المعاهدة في المادتين 17 و 18 منها على تسليم الضباط العثمانيين في ولاية طرابلس ومتصرفية بنغازي أنفسهم لأقرب حامية إيطالية، وتسليم الموانئ فيهما للإيطاليين، ولذلك اقترح الأمير عثمان فؤاد على زعماء الطرابلسيين إعلان الجمهورية الطرابلسية، فأخذ باقتراحه وطلب منه أن يكون رئيساً لهذه الجمهورية، فاعتذر لرغبته في العودة والالتحاق بالجيش العثماني، ولكنه مع ذلك قام بالمشاركة في الإعداد لترتيبات إعلان الجمهورية الطرابلسية وحضر حفل إعلانها في مسلاتة بتاريخ 16 نوفمبر سنة 1918م.

ونتيجة لصدور الأمر إليه ولرفاقه من الضباط العثمانيين من قيادة الجيش العثماني بالانسحاب تنفيذا لشروط الهدنة، قرر تسليم نفسه للفرنسيين في تونس بشرط عدم تسليمه هو ورفاقه إلى الإيطاليين، وقد وافق الفرنسيون على هذا الشرط، وسلم نفسه لهم في 8 مارس سنة 1919م، ولكنهم سلموه هو ومن معه للإيطاليين، ونقلوا إلى طرابلس، ومنها نقلوا إلى نابولي، ثم أطلق سراحهم بعد عدة أشهر، ووصل الأمير عثمان فؤاد ومن معه في 7 أكتوبر سنة 1919م إلى إسطنبول، وتم تعيينه قائداً لحامية المدينة.

وبعد إلغاء السلطنة العثمانية وإعلان الجمهورية واتخاذ قرار طرد العائلة العثمانية، حاول مصطفى كمال وهو من أشد المعجبين بشخصيته استثناءه من هذا القرار وإبقائه، ولكنه رفض وشارك عائلته مصير النفي.

واتصفت حياة الأمير عثمان فؤاد في المنفى بالتنقل والسفر، وخلال إقامته بمدينة الإسكندرية في الحرب العالمية الثانية عرض عليه الإنكليز الانضمام إلى جيشهم والحصول على رتبة عالية فيه، لكنه رفض هذا العرض، ولكون الأمير عثمان فـؤاد محل إعجاب وتقدير من الجنرال ديغول منحه جواز سفر فرنسي، فانتقل لذلك إلى فرنسا وأقام بها.

وبعد وفاة أخيه الأمير أحمد نهاد بن شاهزاده محمد صلاح الدين المتوفي في 4 يونيو سنة 1954م أصبح الرئيس الـ 39 لعائلة آل عثمان خلفاً لأخيه، وبقي الأمير فـؤاد عثمان عميداً لآل عثمان حتى وفاته في 19 مايو سنة 1973م، وقد توفي في المنفى كبقية أفراد العائلة، رحمه الله تعالى رحمة واسعة وغفر له.

مقالات ذات علاقة

أحمد الحريري.. «عرجون فل» طرابلس

المشرف العام

أمين مازن

بشير زعبية

في البدء كان الارتحال: رحّالة ليبية منسية

فاطمة غندور

اترك تعليق