كانت تنزل الدرج من الطابق العلوي إلى غرفة المعيشة وهي تحمل الأغطية والمراتب يساعدها أبناؤها وأثار النعاس تحتل ملامحهم فقد أيقظتهم خوفاً من القذائف العشوائية التي تتساقط فوق رؤوسهم، وكان صوت المذيع في قناة الجزيرة التي لم تقفل ليلاً ولا ونهاراً وهو يبث الخوف في مسامعهم وهو يقول أن الرتل الجرار على أبواب المدينة.
وقفت في وسط الغرفة وهي تحاول أن تستجمع شتات تفكيرها وتنظر إلى أبنائها الذين افترشوا الأرض أمام التلفاز وعلى وجوهم الرعب والخوف.
لقد مضت ثلاث أيام على خروج زوجها ليلتحق بالثوار كما قال لها ولا تعرف أين مكانه ولم تستطيع الاتصال به ولم يحاول هو الاتصال بهم ليخبرهم ماذا يفعلون بعد سماعهم بالرتل الذي يحاصر مدينتهم ….
جذبت كرسياً كان بجانبها حاولت أن تجلس لكنها عدلت عن رأيها وتساءلت:
– كم بقي من الوقت ليأتي الصباح؟ نظرت إلى ساعة هاتفها مازال هناك الكثير ليأتي إنها الساعة الثالثة بعد منتصف الليل..
ها هو أذان الفجر يخترق سمعها وهي جالسة بجانب أطفالها الذين اطمئنوا بقربها وغطوا في نوم عميق
قامت لصلاتها وقررت أن تترك البيت وتذهب إلى أهلها فمكانهم بعيد ولن يكون لهؤلاء القادمين الذين سيدخلون المدينة ويطالونها زنقة زنقة ودار دار أن يصلوا لأبنائها ولها وينالون منهم لقد قالوا إنهم يغتصبون ويقتلون ويسرقون>
قامت مسرعة أيقظت أبناءها وجمعت بعض الملابس والأوراق المهمة، ودخلت إلى المطبخ لتعد فطوراً سريعاً واستوقفتها سمكتها نظرت إليها، وأخذت الدورق بين يديها ورددت في نفسها لن أتركها، انتبهت لصوت ابنها يناديها
– أمي تعالي هناك أخبار سارة، لقد قُصف الرتل القادم لقد دمر بالكامل، لم يعد هناك داعي لنغادر!!!
أعادت دورق السمكة إلى مكانه وذهبت مسرعة لتتابع آخر الأخبار وهي فرحة وجلست على ركبتيها وقد رفعت يديها بالدعاء والشكر
حاولت الاتصال ثانية بزوجها ولكن دون جدوى، تلك الليلة كان هناك طرق شديد على الباب ولم يكن سوى جارهم وقد اعتلى وجهه الهلع والحزن ليخبرها أن زوجها قد أستشهد مع بعض رفاقه الثوار، وأسترسل بأسف:
– لقد أخطأ طيران الناتو بقصفهم.