التخطيطات العابرة والسريعة لليد الواثقة والروح المثقلة بهموم الوطن وطموحاته , بأنفاس الطزاجة الفنية المدعومة بذائقة عالمية من تراكمية مشاهدات بصرية واسعة وادراك معرفي كبير لكل ما تم انتاجه في الغرب عن فن الرسم والفنون البصرية عموما, وبرافد ذائقة أخرى قريبة جدا من حساسية الرسم والألوان وتنوع ايقاعاته وانغامه هي موسيقى البلوز وما تبعها من تطور في انغام وايقاعات الروك اند روك الوسيلة التي ساهمت في ترقية الذائقة البصرية للفنان الليبي أسامة النعاس لان نتاج الموسيقي الغربية هو مجموعة من العناصر والفنون في شكل منتج فني واحد ” فنون متعددة الوسائط” والذي يطلق علية البوم في صناعة الموسيقى, حيث تكون شروطه الفنية مكتملة, من بعد الأغاني وأسلوب الموسيقى والكلمات يكون شكل غلاف الالبوم و” صورة او لوحة” والفيديو المرفق للمجموعة الغنائية فغالبا ما تكون من انتاج فنانين كبار رسما او صورا فوتوغرافية وفيديو, مما طور حساسية الفنان في وقت مبكر جدا, كما كان هذا مهما في ترقية ذائقته وتميزها على الكثر من الفنانين وتدعيم مجسات اللاقطة عنده لمواضيعه المرسومة في اعماله الفنية .
كيف يمكن للفنان ان يربط اتجاهات اليد والعقل بالروح أيضا, يصبح الأمر هكذا عمل استثناءي ليس في كل الأحيان ان يتم وليس بكل المهارات أيضا, هي لحظة قنص غريبة تتكرر يلتقطها العارف والمجرب والماهر والمدرك لقضايا التشكيل وهمومه .
الفنان الليبي أسامة النعاس من بين هؤلاء الذين اجتاح مغامرته الشخصية في وقت مبكر من عمره الفني حيث اقترب من عوالم الفرنسي جان دوبوفيه وجماعات ذا أوت سايدر “الخارجون” عن كل فعل فني مرتبط بالأكاديمية التقليدية الأولى رغم ان الفنان أكاديميا في أساسه إلا انه منفلت المخيلة ومتحرر من كل قيودها ويتضح هذا جليا في اول معارضه في دار الفنون بطرابلس 1999 مشترك, كان لتجربته المساحة الاوفر في ذاكرتي ورغم مرور اكثر من 20 سنة على المعرض إلا انها مازالت حاضرة كصور في مخيلتي وكان لها وقع كبير على الحاضرين من المهتمين والمتخصصين لتميزها وحضورها كتجربة فنية ناضجة وطزاجتها في وقتها وتم بيع اغلب الاعمال لوجود سوق فني ومناخ للبيع والشراء في الاعمال الفنية لظروف البلاد المستقرة ووجود عدد كبير من الوافدين الأجانب في تلك الاوقات .
اللعب في مناطق حدودية تفصل بين الواقعي والتجريدي وما بينهم من تمثيلات للون في اضاءات وضح النهار من تنظيرات اخر التعبيريين وما سبقهم من اول الواقعيين الى مدارس التجريديين في فناء مدرس نيويورك من فن الرسم الحديث حيث ويليم دي كوننغ وجاكسون بوللوك , مشهديات المرسم عند ماتيس والرسم الايقوني في الحضارات القديمة ووقع الخطوات الأولى لفن رسم البورتريه في ملامح “وجوه الفيوم” عند المصريين والرسم الاغريقي والروماني في شمال افريقيا في حضارة لبدى الكبرى وتريبوليس بملامح اصيلة, مرورا بعالم الفنان الفرنسي جورج رووه وصرامته الى جسارة بيكاسو وتنوع انتاجه ومناخات الفرنسي أندريه ديرين ومدركات جان دوبوفيه العميقة في التشكيل والمعتمدة على ذاكرة غير مخدوشة كذاكرة الأطفال وبهجة اللعب عندهم في الرسم كما هي في الحياة .
يتنقل بنا الفنان النعاس في كل تلك المناطق الفسيحة بكل اناقة ويبدو انه لا يهتم بكل ما يمكن ان يعتري مخيلة المتلقي من أي اعتراضات لأنه لا يرسم الا أفكاره فتجربته ليست رهن الطلب, وهي مرتهنة بالكامل لقراراته الداخلية التي تمليها رؤيته الخاصة للموجودات , فكل ما يتم انتاجه عبارة عن نصوص بصرية مدعومة بفلسفة الرسم يمكن ان تتفق هذه القرارات مع ذائقة المتلقي العادي ويمكن ان تتعارض معها فهي نصوص غاية الإخلاص لشخص الفنان ولا تنحاز إلا الى أسامة النعاس نفسه, ومن المهم جدا ان يتحلى المتلقي بذاكرة إضافية ممتلئة بخبرات كافية في حدود الرسم وتاريخه وما تبعه من تنظيرات وأفكار من بداية فكرة رسم الوحوش من اجل الصيد وطقوس السحر الى الطقوس الحديثة وفلسفات فن الرسم واخر ما عرف عن فنون ما بعد الحداثة .
من أعمال التشكيلي الليبي أسامة النعاس 
من أعمال التشكيلي الليبي أسامة النعاس 
من أعمال التشكيلي الليبي أسامة النعاس 
من أعمال التشكيلي الليبي أسامة النعاس 
من أعمال التشكيلي الليبي أسامة النعاس
تنوعت لوحاته في تجربته الفنية ما بين الواقعة والتجريدية وما بينهم, الرسم الخام الى الوحشية وملامح ماتيس و أندريه ديرين واضحة في اعماله فالفنان كان ينجز التخطيطات والاسكتشات على انها اعمال فنية مكتملة وليست تجهيزا للوحة قادمة رغم اهتمامه باللون ونتائجه المبهرة عنده, واغلب عناوين اعماله تدل على قراءات واعية في الادب والشعر وتاريخ الفنون ومنها مثلا : عودة الابن الضال , وحي الشاعر , المسيح الأصفر ,الشاعر نائم , مارسيلا , الفنان والموديل . بالإضافة الى ان الفنان يهتم بالتنظير الفني والكتابة التشكيلية وله العديد من القراءات عن الفن التشكيلي الليبي .
ولد في طرابلس 1975, التحق بكلية الفنون الجميلة و تخرج منها سنة 1997, تحصل على ماجستير في الفنون الجميلة من أكاديمية الدراسات العليا 2012.
اهم المعارض و المشاركات: شارك في معرض رباعيات في طرابلس دار الفنون 1999. شارك مع مجموعة فنانين في معرض العشرة في دار الفقيه حسن 2008. عرض في قاعة بيت بومونا للتاطير و العرض في مدينة بومونا (Pomona) في كاليفورنيا (California) 2012.. شارك في معرض تقاطع في دار الفقيه حسن 2013. شارك في معرض مع جماعة تيناز Tenaz في لوس انجلوس 2013 . التحق باتحاد الفنون (Arts Consortium) في مدينة فايساليا (Visalia) في كاليفورنيا و شارك معهم في معرض في قاعة جاليري اتحاد الفنون 2016. معرض شخصي في جاليري 225 في مدينة فايساليا (Visalia) في كاليفورنيا (California) 2018.
2020.08.07
