قصة

الساعة الحائطية

ساعة (الصورة: عن الشبكة)

تلك الساعة الحائطية، وشهادة التقدير، لم تفارقا عيناي ككنز عثرت عليه في مغارة بعيدة.. الحافلة تتمايل بنا في ظلمة الليل.. وأصوات الرفاق امتزجت مع صوت المحرك، وحفيف الهواء من النوافذ النصف مغلقة، كنا عائدين من مرزق بعد ثلاث أيام قضيناها هناك.

في مساء ذلك اليوم، امتلاء مسرح الكشاف عن بكرة أبيه.. اختلطت أصوات المكبرات والاضواء الساطعة مع دقات قلبي الذي أكمل السابعة عشر، ولم يتعود بعد علي جلبة الحياة.. قطرات العرق تتصبب من جبيني فأمسحها بيدي المرتجفة، لا أدري؛ خوفا أم تلهفا؟ قصتي الاولي التي شاركت بها في هذه المسابقة كانت عن فلسطين.. كتبتها بقلمي اليافع، لم تكن طويلة ولم تكن ايضا معقدة.. كانت وليدي الاول الذي أبصر النور للتو.

– الفائز الأول بالقصة القصيرة المتسابق “إبراهيم  دنقو”.

وقفت وأنا انتفض كعصفور ابتل بالماء، لم أحلم يوما بهدا التكريم، كانت سجون الخجل تحبسني بعيدا عن مراتع الفرح، كنت مهملا تسحقني أحلامي المستحيلة.. كانت جائزتي ساعة حائطية ذهبية اللون، ها أنا عائد بها الي بيتنا في مسقوين.

في الطريق حلمت بقلمي قد اشتد عوده، حلمت أن حبره صار يسكب الحكايات عن العشق عن الوطن عن هموم الناس في قريتي.. حلمت أني أحلق في سماوات الادب والشعر.

علقت تلك الساعة علي جدار صالة بيتنا نظرت إليها بزهو.. عقاربها بدأت في الدوران.. وبدأت أيامي أيضا بالدوران.. سنين ورائها سنين.. سافرت كثيرا.. جبت الارض.. غادرت منزلنا.. وغادرني عبق الشباب.. لم يحدث شيء.. كبرت وصغر قلمي.. لم يعد حبره داكننا.. فترت عزائمي لكن ساعتي تلك لازالت علي حائط بيتنا.. تك تك تك..  دقاتها تحفر في زوايا الصمت.

ادنبرا 31/08/16

مقالات ذات علاقة

مفردات من حيرة الدقائق

محمد العنيزي

ربيع آخر..

المشرف العام

عشر دقائق

المشرف العام

اترك تعليق