لا شيء يمكن للإنسان تصوره خارج الذات من الصعب تصديقه.. كنا نسكن في احدى أحياء مدينة (بنغازي).. كان حيا هادئا تملأه الأساطير والخرافات.. وكان حيا متماسكا وخاصة في زمن النكبات..
كان سكان الحى يعيشون كأسرة واحدة.. وكان الحدث الذى أزعج السكان ولم يكن متوقعا من حولهم هو تلك الأسرة التي كانت تسكن ضمن الحى.. فقد ابتلت بحادث غير مسبوق في حياة السكان.. كان ذلك الحادث الذى قض مضاجع معيشة تلك الأسرة الصغيرة أمرا غير مألوف لدى سكان الحى من قبل..
كانت تلك الأسرة تتكون من عائل وهي سيدة في مقتبل العمر ذات مسحة من الجمال وبضع أولاد تقوم على تربيتهم.. لقد شاع بين السكان أن تلك العائلة أبتلت بالجان.. هكذا سرى الخبر بين السكان.. لقد أنتشر الخبر مثل الصاعقة بين السكان.. بتلك الرزية غير المسبوقة.. بأن ذلك الجان كان يعبث بتلك الأسرة فتواردت الأخبار المزعجة حول تلك الأسرة بأن ذلك الجان يقوم بأفعال شيطانية إرهابية لا يمكن أن يتصورها أي عاقل من شدة عنفها.. كانت السكاكين تشهر في وجوه السكان وكانت النيران تشتعل في جنبات البيت.. وغيرها من الأفعال التي تربو على خيال الأنسان.. ولا يمكن تصورها.. فلم يكن لتلك الأفعال أشخاص مرئيون يمكن التحقق من شخصياتهم..
كان كل شيء يتحرك من حولهم ولا مشاهد حسية سوى تلك التحركات التي تدور من حولهم وذلك العبث بمقتنيات البيت..
كنت لا أؤمن بشخصيات خارج التصور البشرى دون ملامستها وجوديا.. ولم أكن أومن بهذا الذى يحدث للإنسان دون مواجهة مباشرة للحدث.. في أحد الأيام جرتني قدمي الى ذلك الشارع المحاذي لذلك المنزل المشؤوم لمحاولة لاستقصاء الحدث أو بالفضول لم أكن على أتصال بذلك المنزل مباشرة بل للسير بمحاذة ذلك المنزل.. وفجأة قفز حدث أمامي أمر غريب غير متوقع.. وما كان يتراءي لي من مشهد هو ان أشاهد باب المنزل يصطفق من أمامي وكأن زلزال قد ألم بذلك الباب وأستمر المشهد من أمامي لبعض من الوقت.. وظلت عيناي مسمرتين على ذلك الباب حتى أطلت فتاة من داخل البيت من خلال فوهة الباب لتستطلع الأمر حول الطارق ولم يكن هناك أحد بجانب البيت سواي كشاهد عيان على الموقف.. حاولت تبيان الموقف من ذلك الحدث الغامض.. وأدركت أنه ليس بفعل فاعل مرئي يمكن ملامسته حسيا..
تتردد الأساطير من حولي أن هناك كائنات فاعلة خارج الأنسان و أنها غير مرئية يدعوها الناس بالجان وهى الوحيدة القادرة على تلك الأفعال بصورة غير مرئية.. لم نشاهد قط في حياتنا الوجودية تلك الكائنات التي تعبث بوجودنا وتعيش من حولنا ولا نستطيع لمسها.. إلا من خلال الأساطير التي تلم بنا وإننا كبشر هو من يسير تلك الكائنات الغريبة عنا.. ويخدمها لأغراضه بوسائل السحر.. ويسلطها على الناس كما يشاء.. فالسحر هو الأداة التي يمكن القبض على تلك الكائنات وتنفيذ أوامر الساحر.. فهذه الكائنات اللا مرئية كما تمارس الإرهاب كما تؤمر به..
عمت الحادثة لتلك الأسرة المنكوبة أرجاء المدينة وتحركت الصحف المحلية للتحري عن أمر تلك الظاهرة التي لم يعتداها الوسط الاجتماعي من قبل في تاريخ المدينة.. وتجندت المدينة للكشف اللثام حول ذلك الحادث الذى قضى حياة تلك الأسرة.. لكن لا أحد يملك المعرفة حول حل طلاسم ذلك الحادث.. فلم يكن لأحد قادر على ملكية المفاتيح للحل لتلك المشكل.. وتوجهت الحكومة المحلية الى طريق لايجاد حل لهذه الأسرة المنكوبة.. وكان الاتجاه حول فقهاء المدينة الذين أشاروا على السلطات أن وراء الحادث عملية سحر.. وتحرك رجال المباحث عن الفاعل وقد تجمعت الشبهات برجل يمتهن السحر في المدينة وأنه بارع في عمليات السحر.. وبعد التحقيق المكثف ثبت أن ذلك الرجل هو من وراء الحادث وثبت لدى السلطات انه هو الفاعل.. وقد اعتراف بأنه أراد أن يتزوج بتلك المرأة التي رفضت طلبه.. فسلط عليها الأمر السحري حتى تخضع لطلبه..