يشرع موقع بلد الطيوب في نشر رواية (الحرز) للقاص والروائي “إبراهيم عبدالجليل الإمام“، على أجزاء بشكل أسبوعي!! قراءة ممتعة للجميع…
8
تسمعت عن اخبار الكهل المهيب الغامض.. اضطرت لحضور مجالس النسوة بغية معرفة المزيد عن الكهل القادم للواحة من بر السودان.. كان محور حديثهن كما توقعت.
قالت إحداهن إن الرجال اختلفوا في أمره.. بعضهم يعتبره من أهل الكشف.. بينما نعته آخرون بالدجل..
قالت أخرى اختلفوا كذلك في أصله.. أكد البعض أنه ينتمي إلى قبائل تتكسب بالشعوذة.. تقطن بعيدا بجوار نهر كوكو الشهير.. بينما يصر فريق آخر انه من أعراب الصحراء.. فقط انه يتقن التخفي..
قالت ثالثة ثالث يقولون أنه ينتحل في كل مرة صفة مختلفة.. أكد هذا الفريق بأنهم رأوه في أماكن أخرى بهويات مختلفة..
قالت خامسة:
- لكنهم أجمعوا على شيء واحد إنه خطير ولا يأمن جانبه.
قالت امرأة أخرى أنهم لم يسمحوا له بدخول الواحة إلا رفقة أحد من أهلها… اتفقوا كذلك على أن يطردوه من محيط الواحة.. فوعدهم بالمغادرة مع اول ول قافلة مغادرة..
عجوز مسنة قالت انها أرسلت حفيدها إليه سرا.. تنشد بعض أعشاب أمم الأدغال.. قالت أن تلك الأعشاب تطيل العمر.. لكن حفيدها عاد خاليا منها.. أصرت العجوز أنه مجرد مخادع آخر.. عللت ذلك بقولها:
- من لا يملك تلك الاعشاب فليس جديرا بالانتماء لزمرة أهل الكشف..
في اليوم التالي زارت تلك العجوز المسنة في بيتها.. كانت وحدها كما تمنت.. من حسن حظها ان بصرها يجعلها تتبين اشباح الناس دون التعرف الى كنههم:
- يا خالة احببت ان اسالك.
- اسالي ما بدا لك.. لم أعد أملك من متاع الدنيا سوى ما علق في ذاكرتي.
- بأي وسيلة يتبادلون الأحاديث فيما بينهم؟
كان السؤال مبهما.. لكنها استنتجت ما لم تذكره في سؤالها.. انه الحذر.. بل غاية الحذر.. لا أحد يذكر أمة الخفاء إذا كان بمقدوره عدم فعل ذلك.. إنها أمة خفية فلا احد يصرّح بذكرهم.. هذا اول تحذير تتعلمه في التعامل معهم:
- يتحدثون باي لسان يشاؤون.
- هل يتحدثون بلساننا؟
- من يحسن تقمص شخوصنا لن يعجزه استعارة لساننا.
- سمعت انهم…
لم تكمل عبارتها.. تركت للعجوز استنتاج ما لم تفصح عنه.. تساءلت العجوز بعد صمت لم يدم طويلا:
- هل غادر زوجك الواحة؟
كان عليها تضليلها حتى لا ينكشف امرها فأحابت:
- كلا.. انه هنا.
- اذا فانت ام لرضيع.. وتخشين على رضيعك من أمة الخفاء.
- كثر الحديث هذه الايام عن أمر كهذا فأحببت التثبت.
- هل لاحظت ما يريب على طفلك؟
وضعتها في فخ محكم.. أي إجابة منها قد تفشي سرها.. حاولت ابعادها قائلة:
- لي جارة حدثتني عن رضيعها ما جعلني أشك في الأمر.
- اعتدنا من تلك الأمة كل غريب.
اضافت:
- استبدال رضيع أمر لم يحدث منذ زمن بعيد.. ربما منذ زمن جدتي..
قالت:
- اعتدنا عبثهم وتقمصهم لشخوصنا او حضور حفلات الأعراس..
- نعم يا بنيتي اعتدنا ذلك.. لم يعد غريبا.. كما اعتدنا اكثر من ذلك.. كثيرون ماتوا صرعى تلك الأمة لأسباب غامضة..أما استبدال رضيع فلا يحدث الا…
توقفت العجوز عن اكمال حديثها بسبب طرق على باب بيتها..
جرت العادة ان لا
تطرق النسوة باب البيت بهذا الشكل.. ما يعني ان القادم رجل:
- لعله حفيدي جاء ليتفقدني كعادته.
غادرت مسرعة الى السطح.. صعد الحفيد لتمانحت البيت ليجد جدته
وحدها:
- يبدو انه كان عندك زوار يا جدتي.
ضحكت الجدة قبل ان تقول:
- إنها أم لرضيع ضائع… صوتها ليس بالغريب عن اذني على الرغم من انها حاولت خداعي بتغييره.
– عماذا تتحدثين يا جدة؟.. يبدو أن الأمر اختلط عليك.
- هئ هئ هئ… سأعرف من تكون.