طيوب المراجعات

المقدمة لكتاب خلفيات التكوين القصصي للكاتب بشير الهاشمي

المقدمة لكتاب خلفيات التكوين القصصي للكاتب بشير الهاشمي
بتاريخ: 16-ديسمبر- 1982م.

يشتغل الكتاب على الدراسة الأدبية في ليبيا، ويقف عند فن القصة الليبية القصيرة، يعرض تاريخها، ويذكر روادها، ويوثق نصوصها، وفي الكتاب كلمة تقديم للكاتب والناقد والقاص “بشير الهاشمي”، وهي مقدمة تاريخية، جمعت منافذ أدبنا، وأرشدت شبابنا، ووجهت طريق كتابنا في القصة الليبية القصيرة، يقول صاحب المقدمة:

(كثيراً ما تصادف المشتغل والمعني بالمجالات الأدبية والثقافية جملة من الاستفسارات والتساؤلات حول لون معين من الإبداع الأدبي وخلفيات نشأته وتكوينه ثقافياً وفنياً واجتماعياً)

الكاتب والقاص بشير الهاشمي، وكتابه خلفيات التكوين القصصي في ليبيا

والذي يشتغل بالقراءة والدراسة يحتاج إلى الإضاءة في الجانب التاريخي والأدبي في موضوعه، ولذلك كانت المقدمة تتسم بالعموم في بداياتها عن تاريخ الأدب الليبي ودوره في بناء الفكر الأدبي، ثم تنطلق المقدمة إلى طرح المشكلة وهي قلة المصادر والمراجع التي تخدم الأدب الليبي، وخاصة الأدب القصصي، يظهر ذلك في قول صاحب المقدمة الاتي:

(وصار الحصول على مثل هذه المصادر مشكلة أساسية تواجه الباحث والدارس، وعلى وجه خاص الطلبة المختصون بهذا اللون من الدراسات الأدبية وغيرهم من الباحثين الذين يطرحون تساؤلاتهم ومعالجاتهم حول الأدب القصصي في ليبيا).

وهذا بدوره يقلل الدراسة فيه، وتضعف القراءة المتعددة في النصوص القصصية الليبية، وقد أحسن الكاتب في رصد مكان الضعف الأدبي حتى يقترب القارئ من الموضوع، ويحدد المشكلة الأدبية في الأدب الليبي قائلاً:

(وقد اعترضتني مثل هذه الأسئلة في أكثر من مناسبة كنت أشعر إزاءها بواجب إعداد محاولة دراسية استقصائية يتحدد منطلقها على محورين أساسين:

1- توفير أكبر قدر ممكن من المعلومات الثقافية المتصلة بالحركة الأدبية والفكرية بصفة عامة وبشكل خاص ما يتعلق منها بالأدب القصصي في ليبيا وعلى مراحله المتعددة.

2- تضمين البحث لمجموعة من النصوص النقدية والأدبية لقيمتها الوثائقية المتصلة بالأدب القصصي والتي لا يصعب فقط الحصول عليها وتوافرها وإنما من الصعوبة أيضاً الحصول عليها مجتمعة ومبوبة وفقاً لتسلسلها الزمني).

وكانت الرؤية واضحة للكاتب الذي يسعى إلى نشر الأدب الليبي، والأعمال القصصية لكتاب القصة الليبية القصيرة بطرق فنية، ودراسة نقدية، وعند التأمل في هذين المحوريين تتضح الرؤية المنهجية لصاحب الكتاب القيم، وجودة اختياره للموضوع، وطريقة البحث والدراسة التاريخية التي ضمت العديد من رواد القصة الليبية والدراسات النقدية  نذكر منهم: (القصة القصيرة، عبد القادر أبو هروس)، (الحركة الأدبية في ليبيا محمد أبو حامد)، و(مقومات القصة في ليبيا، علي مصطفى المصراتي)، و(أدب القصة في ليبيا)، و(حول القصة الليبية، كامل المقهور) و(لمحة عن الحياة الأدبية في ليبيا، خليفة محمد التليسي) وكذلك (دراسات في القصة الليبية القصيرة، الدكتور عبد القادر القط) ونص وثائقي يضم أول عدد خاص عن القصة في ليبيا سنة 1955م، مجلة صوت المربي، وكذلك وضح الكاتب طريقة الحوار والنقاش التي دارت بينهم عن القصة الليبية، وكيفية السبيل إلى نجاح كُتابها.

تسير مقدمة كتاب خلفيات التكوين القصصي خطوات ثابتة نحو رسم مستقبل القصة الليبية يتضح في قول الكاتب (وقد عنيت بهذين المحورين من أجل أن تكون هذه المحاولة عنصر مساعدة وأداة دفع وتشجيع لمن يرغب من الدارسين والباحثين في إعداد دراسات أكثر عمقاً وشمولاً واستيفاء للموضوع وإثرائه بوجهات نظرهم واجتهاداتهم والتي ستكون أكثر استيعاباً من محدودية هذه المحاولة التي لا تطمح إلى أكثر من كونها مجموعة من الخطوط العامة لمتابعات دراسية دائمة الاتصال تشعر دائماً بالحاجة إلى المزيد من المعلومات والنصوص الوثائقية وإلى التغطية الشمولية العامة لهذا اللون من الإبداع الأدبي).

والحقيقة تأملت كثيراً في هذه المقدمة التاريخية في طريقة عرضها للموضوع، وإظهار أهميته، وإبراز معالمه، وأبعاده في المستقبل القريب والبعيد للأدب الليبي، ومستقبل القصة الليبية القصيرة، وفي المقدمة توجيه مختصر للباحثين والنقاد في الدراسة والاجتهاد للرفع من شأن الأدب الليبي يظهر ذلك بقول الكاتب القدير: (وهذه المحاولة ليست أكثر من خطوة ساعية في الطريق.. تشعر بالحاجة إلى المضي مجدداً خطوات وخطوات).

فغاية الكاتب أن تتعدد الدراسات في الأدب الليبي حتى تظهر جماليات الكتابة الإبداعية، وتحضن المواهب الليبية في القصة القصيرة، ورصد الملامح الثقافية في زمانها ومكانها وتاريخها، وفي المقدمة ملاحظة يسردها الكاتب بقوله: (وإذا كان لي ملاحظة أود التركيز عليها وتوضيحها فهو ما يتصل بالنصوص الوثائقية التي تتضمنها الدراسة، فإن نشرها هو لهدف وثائقي بحث متصل بقيمتها التاريخية، وبترابط مضمونها بمرحلتها الزمنية التي ظهرت فيها).

وكان التوثيق النص في خدمة المقدمة الخالدة عند بشير الهاشمي، وأعطى للقارئ الطمأنينة للمصادر والنصوص القصصية في الكتاب، وفي ذلك يقول:

(وقد حرصت على إثباتها بنصها الكامل في معظم الأحيان ودون أي تدخل أو تعديل مني لتكون بين يدي الباحثين والدارسين كمادة وثائقية).

وقد وضح طرق دراسته في الكتاب، ولأهمية الكتاب عند الباحث في التاريخ الأدبي الليبي، والدراسات الأدبية الليبية يصل الكاتب إلى رؤية لمستقبل الأدب الليبي فيقول: (وفي النهاية فإن نشر مثل هذه الوثائق الأدبية وتجميعها هو بمثابة الخدمة الثقافية المتعارف عليها والتي لا تعني أي إلزام لكاتبها فمن الطبيعي أن يتجاوزها بالرأي وبتطور وجهة النظر وفقاً لامتداد الخبرات).

فهو يأمل بالتطور والرقي للأدب الليبي بشكل عام، وبالقصة الليبية القصيرة بشكل خاص لأنها محور موضوعه، وكانت المقدمة هدية المتلقي عند التصفح لبداية الكتاب ورؤية المحتوى، إنها مقدمة كتاب ثمين في مصادره، وحسن تصنيفه، وحفظ تاريخه، ويستحق التجديد في طبعته، ودراسته في المناهج التعليمية.

مقالات ذات علاقة

مليطان يصدر كتاب «نظرية النحو الوظيفي»

المشرف العام

‎بائع اليقظة.. البوح في زمن الحداثة!!

المشرف العام

كيف تمسك بزمام القوة

فتحية الجديدي

اترك تعليق