تقارير

اليوم العالمي للشعر

ملف من إعداد:
مهند شريفة، رامز النويصري


باعتبار الشعر أحد أشكال التعبير وأحد مظاهر الهوية اللغوية والثقافية، وهما ما يعتبران أغنى ما تمتلكه الإنسانية، فمنذ قديم الزمان، عرفت كل القارات بمختلف ثقافاتها الشعر، إذ انه يخاطب القيم الإنسانية التي تتقاسمها كل الشعوب، فالشعر يحول كلمات قصائده البسيطة إلى حافز كبير للحوار والسلام. ولذا، تم تخصيص يوم 21 مارس/آذار من كل عام للاحتفال باليوم العالمي للشعر.
وتم اعتماد هذا التاريخ في المؤتمر العام لليونسكو، خلال دورته الثلاثين المنعقدة في باريس عام 1999، ولأول مرة، يوم 21 مارس/آذار اليوم العالمي للشعر بهدف دعم التنوع اللغوي، ومنح اللغات المهددة بالاندثار فرص أكثر لاستخدامها في التعبير. ويعتبر اليوم العالمي للشعر فرصة لتكريم الشعراء ولإحياء التقليد الشفهي للأمسيات الشعرية.
 
هنا وفي هذه الفسحة البسيطة، نحتفي بالشعر الليبي من خلال ثلاث أسماء، تمثل ثلاث تجارب شعرية جمعها خيط النثر، وهم الشعراء: عبداللطيف المسلاتي،  مفتاح العماري، سراج الدين الورفلي.


عبداللطيف المسلاتي

الشاعر عبداللطيف المسلاتي

بالرغم من غيابه عن الساحة الشعرية والأدبية، إلا أن الشاعر “عبداللطيف المسلاتي” تثبته ريادته في قصيدة النثر، من خلال مجموعته الشعرية (سفر الجنون -1) الصادرة في العام 1985، عن المنشأة العامة للنشر والتوزيع والإعلان، كأول مجموعة في قصيدة النثر.
إن الإنتاج الشعري القليل المتوفر للشاعر، عبر مجموعاته الشعرية الثلاث، أو ما نشر له عبر الصحف والمجلات داخل وخارج ليبيا، يعكس تجربة شعرية مميزة على مستوى المضمون والصورة، ولو استمر الشاعر في تجربته الشعرية، لكنا الآن أمام نص مختلف.

أبعاد في غضب الثورة

الإهداء:
(إلى البقية من الجسد الممزق
إلى ضمير هذه الأمة:
أهدي لحظة صمت…) ع.م

 
(1) وبدأ الصمت يكتسح الجدار
ويقصف محاصن التيجان
في كل دار
ويهدم الجسور، لتلتقي البحور
بشاطئ الثوار
 
(2) الصمت في مدينتي اخضرار
وراية تظلل بالعز آية النهار
ومولد الضياء،
لألف قرية مهدومة الجدار!!
وبسمة الحياة،
في بيتنا بالصمود
والإصرار
…………..
…………………..
 
(3) الصمت في مدينتي خواطر
الثوار
وريح صرصر
في وجه كل من أتى
ليولد الصبار؟!
أو يغبث بالعيشـ موقع الجبين
خلف الانكسار
……………….
……………………….
 
(4) إلى متى ستبقى أمتي؟
بيادق في قبضة الأشرار!!
 
(5) إلى متى فقط!؟
والليل قد أتى، مليون مرة
ليغشى النهار!!
 
(6) ونحن لم نزل شتات أمة
تحاول الوقوف، رغم الانطسار؟!
تساوم بالعيش، كي تنال
مجدها..
وتأبى أن تلين للرخي
في ظل مجد مستعار!!
……………
…………………
 
(7) ويركض الطوفان في مختفر
الحدود،
بلا هوية مصادر الشعار!!
وتسقط المشانق في ساحة
الدماء؟!
ويلعن التاريخ، أوجه الفضول
والدمار؟!
…………….
…………………..
 
(8) غدا ستسقطون يا نهاية المغول
والتتار؟!
ويا آخر وجوه الشك
في عيون القادمين لسحق
الانتظار!!
 
(9) غدا ستسقطون عبر هوة
التأرجحـ شظايا وغبار؟!
فالصمت ريح عاصف، كحد السيف
يبتر نزفا – وإرهاقا
 
(10) فلا تستصرخوا
إنما توعدون زحف، وفرار!
 
حمزة – شتاء 1976م.
جريدة: الأسبوع الثقافي.
مجلة: الفصول الأربعة.
 

قراءة حديثة في الزمن القديم

مقاطع من رسالة إلى آدم)
الإهداء: (من مسلم بن آدم.. إلى آدم أبي مسلم…)، ع.م

 
(01) في قصة الخلق كنت البداية
وفي البدء تصعد الكلمات..
تحفّك ملائكة الرّب…
تبارك فيك التّوحد،
والانعتاق؟!

(02) تصير وجه الحقيقة،
وهي احتمال!!
وتبلغ ذروة الشّك،
عند الفراق؟!
أبى.. وآية الرّب…

(03) إني حزين!!
وقد ساءني أن يهزم الطّفل
على صخرة منتهاك!؟

(04) جئتك- الآن – أحمل بعض
حزني!!
مثقلاً بالهموم…
ومثخناً بالجراح؟!
………..
…………….

(05) الحرث، والنسل:
سيفان من الثّلج- والنّار
تكسرا على هامتي؟
(وقد مات كل الذي كان..
ولم يبقى سوى بعض الذي مات)!!

(06) قالت الأرض: هذا زمان الخطيئة
فاحترس؟

(07) قلت: وذاك يوم الفجيعة،
آت!!

(08) قالت الأرض: عمّدتك العناية يا بنيّ
من كان مثلك لا يخيب؟!
……………
……………..

(09) جئتك كي أعلن أنني من نسل (هابيل) عاشق للرحيل؟!
أبدد وحشتي بالصلاة…
وأغمر خلوتي بالسكون!!

(10) من يأكل خبزي…
من يسكن بيتي…
من يخلع عني حاجته؟!
أهديه باقة ورد..
أقبله…
وأبارك فيه النسل!!
***
(حمزة) خريف 1978م
 

عبداللطيف المسلاتي
ولد بمحلة القصبات، بمدينة مسلاتة في العام 1950م. حيث درس بها قبل أن يتحول إلى مدينة طرابلس للدراسة بالجامعة.
حصل على الليسانس في الآداب، من جامعة السوربون في باريس.
أحد الأعضاء المؤسسين لاتحاد الأدباء والكتاب الليبيين، وعضوا في اتحاد الأدباء والكتاب العرب، إضافة إلى عضويات إقليمية ودولية.
ترجمت نصوصه إلى أكثر من لغة، وشارك في عدة ندوات ومؤتمرات أدبية في الداخل والخارج.
صدر له:
سفر الجنون – الجزء 1: في الانتماء.
سفر الجنون – الجزء 2: في الطليعة
20 قصيدة للأطفال، الجزء الأول – ذاكرة الطفولة.
 


مفتاح العمَّاري

الشاعر مفتاح العماري

شاعر المستقبل بهذه العبارة المكثفة أوجزه الأديب محمد أحمد الزوي فهو من القلائل اللذين يحيكون الدهشة بدثار من الغمام، إن اللغة على أوراقه ذئب جائع يعي قلمه متى وأين يروّضه ليتحول جوعه إلى نهم ومشيه الوئيد إلى طيران .
عبر قصيدته تضع أصابعك بين نهديّ العالم وتتيقّن أن للمسافات روائح لابد من إشتمامها حكاية يُصرّ الشاعر في كلّ مناسبة على تأخير نهايتها أو تأجيل حسمها لنراه رافضًا الخضوع للقولبة وشروط تصفيق الجمهور.
العمّاري بطل يُراقص ظله على الرُكح وحيدًا منفردًا بمرآته المحطّمة، هو ليس بحاجة للنوافذ حتى يرسم على كف الليل قمرًا يشنق العشّاق أنامل حبيباتهم على إنكسار ضوئه  وليس ممن يدقون الأقفال والمسامير على أبوابهم، قصيدته تعود كما يعود الجندي محملةً بأخبار الموتى وبُشرى النصر المُنكّس…

نصوص

“منذ ثلاثين خيبة للمطر الوحيد
وثلاثين دورة خُلّب للعاصفة
كانوا يطوفون حول أجزائي التي من حبر
فتشوا أعشاب الحلم
ريشة/ريشة
وحين حيّرتهم الأسئلة
أوَّلوا البياض…
وخرّبوا منازل الندى “
 
“قال بعض الضوء…
يا ضوء لا تتلعثم
وقال بعض النار في الجسد
وأنا حين لعّبتني عشبة الريح
كان إسمي في أول المطر
ظننت أنني المدى
وأن الأرض التي في الحلم
هي الأرض التي بين يديّ”
 
“منذ ألف عام
وعام
قد كفّ الكلام
وكفّ المطر
لكن يا نجمة
حين فاض بما فيه القدر
أنبأت الغيمة أن نمشي
فمشينا…
وغنينا
اتبعينا يا غيمة الفقراء
اتبعينا…” 
 

مفتاح   العمّاري
ولد في بنغازي 16 يوليو 1956. يكتب الشعر منذ منتصف عشرية السبعينيات، وله أيضا انشغال بكتابة السرد والمقال
حضر العديد من ملتقيات الشعر ومنتديات الأدب والفن في ليبيا وخارجها.. ونشر نتاجه الشعري والأدبي منذ منتصف عشرية السبعينيات من القرن الماضي، في عديد الصحف والمجلات الوطنية والعربية.
صدر له أكثر من عشرين مؤلفا توزعت عناوينها بين الشعر والسرد والمقالة.
تحصّل على جائزة الدولة التشجيعية في الشعر 2010. وجائزة مجلة (أركنو) للإبداع 2012.
ترجمت بعض نصوصه إلى اللغات البلغارية والفرنسية والانجليزية، كان آخرها في مجلة “الحياة والأساطير” الأمريكية ضمن عددها الصادر في شهر مارس 2017م.


سراج الدين الورفلي

الشاعر سراج الدين الورفلي

نخرج من لدنّ قصيدته بذاكرة متورِّطة ذاك هو سراج الدين الورفلي، شاعرٌ ينتصر لخساراته فعند الكرسيّ المهمل نتفاجىء بذاكرة تستعيد رائحة مَن جلسوا وفوق النهد المُنكّس شامة ترتعش بلا حاجة للضوء وعلى حواف الطريق خطوات لم تنحت الدرب بعد …إن شعريّة سراج الدين الورفلي تصنع ذاكرة لكل ما نمر بهم أو يمرّون بنا ، فالغائبون ليسوا بشرًا بالضرورة إنهم تلكم الصوراللامرئية إذ قُدّر لهم مواجهة تيار الغُبار ونشيد الموت بإبتسامة صبيّ …
الخائبون وأبطال الأزقة الخلفية نضمن لهم موطىء احتفاء داخل القصيدة السراجيّة …والعاشق على أيّة حال وغدٌ محمّل بالخيبة يظل يُسيء إلى العالم لترضى حبيبته وتلده من رحمها لمرة أخرى…
 

قوارب مثقوبة

الجدات نقشن وجهكِ
على ستائر الماء في
تلك الصباحات البعيدة
ثم جلسن يقصصن لنا
حكايات مزينة
بالحناء والزغاريد وعيدان النعناع
كانت حقولنا ممتلئة بالغناء
بيوتنا مفتوحة ليل نهار
رجالنا يذهبون للبحر
بقوارب مثقوبة
ويعودون فوق ظهور غيمات الدعاء
أمهاتنا ، حارسات غابات الغياب
يعجن خبزة التنور فوق الأسطح
يشعلن النار بحطب أرواحهن
حتى تتشقق دموعهن من الصبر
كن مثل دخان أبيض، يسجن عمى العالم
داخل عيناهن، لنرى
نحن أطفال الطرقات الحافية
تعلمنا المشي ونحن نيام
من شدة ما حلمنا بوجهكِ
 

هيجان

أن تكتب نصاً
يستهويه الغرق
يكسر عظام البحر
ويملأ رئتيه بالزرقة الداكنة
يجمع حطام المراكب في فمه
ويولد في ارتطام الموجة بالأحجار
نصٌ مهوسٌ بالطعوم
يفشل في النجاة بإعجوبة
ويبصق خرائط الهرب المقلوبة
نص كل جيوبه مثقوبة
ذاكرته جافة
عيناه مبللتان بالغياب
نص لا يؤمن بالإحتمالات
لا يمكن أن تفهمه
إلا إذا قذفك عكس التيار
نص خائف
يرتعد من لمعان الحضور
يهيج كلما اقترب منه شاطئ
لا يطلب الهدنة مع الأعاصير المتعجرفة
يقرع طبول الحرب في رأسك
يوقد ناراً حول رقصتك الأخيرة
ويشد بأسنانه على ذراع المسافة
يلوح لموته وهو مبتسم
ثم يقطع شرايينه أمامك
ويلقي بنفسه في سلة المهملات
ليتركك وحيداً ، بلا أدنى فكرة حول أي شيء

للنهر حكاية واحدة

ألعق جلدها
كما يلعق
ذئب جراحه،
للنهر حكاية واحدة
جثة تطفو دائماً
فوق ذاكرة الغرق،
وجهكِ الذي خبأته في العاصفة القادمة
صوتكِ الذي جزأته إلى مالانهاية ،
تحتي مثل لغم من لحم وأعصاب
يتشبث بسعادة قدم تركض حافية ،
لا أملك إلا رصاصة واحدة
فهل يتسع رأسكِ الصغير الجميل لها ؟
 

سراج الدين الورفلي
شاعر وكاتب ليبي ولد وترعرع بتونس 30-07-1984.
يقيم في مدينة بنغازي خريج كلية العلوم -قسم الرياضيات.
طالب ماجستير تخصص موارد بشرية.
نشر نتاجه الإبداعي في العديد من الصحف الليبية والمواقع الإلكترونية الليبية والعربية
صدر له: ديوان خمسة توابيت لستة رجال، وديوان كاريزما الموت، الحائز على الترتيب الأول في جائزة عفيفي المطر للشعر وديوان أراقب رامبرانت ثم أصغي إلى زوال الأشياء فضلاً عن مشاركته في كتاب شمس على نوافذ مغلقة مع كوكبة من المبدعين الواعدين.
حصد الترتيب الأول في مسابقة سيلكما في الشعر لعام 2017م (دورة الشاعر مفتاح العمَّاري)

مقالات ذات علاقة

الفيسبوك الليبي ينشر الكراهية

رامز رمضان النويصري

في اليوم العالمي للترجمة…العرب الأكثر تخلفا

مهنّد سليمان

أيقونة “الخزف”.. ألوانٌ تتوهّج على قمم “نفوسة”

المشرف العام

اترك تعليق