سيرة

محاولة القبض على سيرتي الأدبية!؟ (35)

يحدث أن أنسى …..

ما الذي يجعلني أواصل كتابة هذه التي أقول عنها (محاولة القبض على سيرتي الأدبية)، وهل أدّعي أني لا أهتم بردود أفعال الصديقات والأصدقاء على ما أكتب؟ …

لا بأس يا حواء لا بأس، رغم الألم علينا تجاوز هذا، فهل مازال ثمة وقت للعتاب أو حتى الوجع، والقذائف تتساقط والأجساد تتطاير، وفيروس كورونا يعيث في الدول المتقدمة، وننتظره بل سمعت اليوم من الأكثر تفاؤلاً: ليأتِ هذا الكورونا وينتهي الأمر، ولكن!!!

الشاعرة حواء القمودي صحبة الشاعر السوري شوقي بغدادي

سأحاول اقتناص بعض الوقت بعد أن أكملت رواية (حدثني عن أحلامك)، وانخطاف الكهرباء بعد السادسة مساء، ولأتذكر أن اليوم الثلاثاء هو يوم إشهار منظمة الفنانين التشكيلين، ولكن …؟ والطقس الممطر و محاولتي البحث عن صور تجمعني مع الشاعر السوري “شوقي بغدادي”، وأيضا صورة مع الشاعر “آدم فتحي”.

ولأحاول التذكر عام 1989م، والباص الجامعي المكتظ  ننتظره في (فم القاعدة/ المنقيت)؛ “سميرة” و”سعاد” وأنا وبعض طالبات من جهات قريبة، ننتظر؛ فيأتي متهاديا يكاد  ينفجر بحمولته، وسائق غاضب يتمنى في مرات وعلنا أن يقذف بهذه الحمولة، لأنه يعتبر (البنات مصايب)، استمتع بالازدحام وأضحك ونحن نصطدم ببعضنا من كل الجهات، وذات يوم جاءت صديقتي “سميرة” بكتاب صغير وقالت: (فيه أستاذة في الجامعة تبي من الطالبات دراسة الأدب الليبي)، كانت ترفع صوتها لأن (الباص خلية نحل ولا واحدة تسمع الأخرى)، وبعد قليل جاءت صاحبة الطلب واستفهمت منها فقالت: الأستاذة قالت اكتبوا ورقة عمل يعني نقد؟ … وأنا أسأل الطالبة: من هي الأستاذة؟. فقالت: “شريفة القيادي“، طلبت من جميع الطلبة والطالبات اختيار كتاب لأدباء ليبيين وكتابة نقد في العمل!!

قلبت ذاك الكتيب الصغير بين يديّ وقرأت عنوانه (ضمير الغائب) واسم صاحب العمل “يوسف الشريف“، أعجبي العنوان وتساءلت من هو (الشريف) فقالت الطالبة: كاتب ليبي؟ وافقت وطلبت مهلة أسبوع لكي أقرأ هذه المجموعة القصصية وأكتب عنها، وبعد أسبوع جئت بهذا العمل وطلبت منها فقط ان تمنحني المجموعة القصصية فوافقت، ولأني أكتب في كراسات أو مذكرات فقد ظلت تلك الكتابة محفوظة حتى نشرتها في (صحيفة الطالب) ….

وتلك حكاية أخرى…

الأستاذ يوسف الشريف
الكاتب الكبير يوسف الشريف (الصورة: عن الشبكة).

متأخرة سنة كاملة تقريبا…؟!

هي مفكرة جاءتني هدية من صديقتي “حورية” وكنت أناديها (حرية ….)، هي أصغر مني بسنوات ولكن اختلافي جذبها والروايات العالمية التي تبادلنا قراءتها وحبها للموسيقي وعزفها على الاكورديون وحفظها السريع للحن وحفظي للكلمات، نقضي الوقت في أحاديث وغناء، كان بين (جنان بيتنا الدوبلكس) و(سانيتهم) (طابية) ومن خلفها تظل كل واحدة واقفة حتى يفاجئنا أذان المغرب أو صوت الأم الذي ينبه وذاك المثل الذي تقوله أمها، وأيضا أمي (ميعاد الخدم.. من ورا الرتم) ونتبادل الضحك حورية وأنا، وأتذكر تلك العشية حين أطلت بعد غياب دقت باب الحديد الكبير حيث (الجنان) وعلى عجل سلمت ومدّت هذه المفكرة والتي تأخرت عاما كاملا… هي مفكرة المنشأة العربية الأفريقية العامة والعام (1985) وأهدتها لي كما هو مدون في (28/12/1985)..، وفي هذه المفكرة كتبت  ملخصات دروس وقراءة المجموعة القصصية (ضمير الغائب) وأيضا مجموعة (حاجز الحزن) للمبدعة “نادرة العويتي”، و(وجه خلف الزجاج) لـ”عبدالرزاق العاقل”، و(من حكايات الجنون العادي) للمبدع “خليفة حسين مصطفى”، وأيضا متابعتي لقصص (عبد السلام شهاب) التي نشرت في مجلة الفصول الأربعة، هذه أنت يا “حـواء”… هذا خطك وكتابتك، نشرت قراءاتي لضمير الغائب في  صحيفة الطالب، و قراءتي لـ(حاجز الحزن) ولقصص (شهاب) في مجلة الفصول، ولكن ما كتبت عن قصص العاقل لم ينشر حتى الآن، يااااااه

وجدت كتابة في يوم (20/2/92)… ولكن سأكتب الآن حكايتي مع صحيفة الطالب..

الولد الأزرق العينين/ عادل عبد الواحد

صديقنا “فرج بوشينة” في ظل الغياب… يمر عام وعلى غياب “عادل عبدالواحد” يمر عشرون عاما….

وشارع (صحيفة الطالب) في الجامعة (نسيت تحديدا أين هل هو في كلية العلوم أم الهندسة) وصندوق بريد صغير، كتبت مقالة صغيرة ووضعتها في ذاك الصندوق، كان هذا في عام 1990م، كيف عرفت صحيفة الطالب، كان أخي الموظف هو من يأتي بها، وكما عرفت صحيفة (الجماهيرية) التي يوزعونها في على الموظفين، سألتقي بصحيفة (الطالب) وسأحب صفحة (آفاق ثقافية) وهو اسم صفحة كانت في (الأسبوع الثقافي) كما سيخبرني لاحقا مشرف هذه الصفحة “عادل عبد الواحد”، وتواصلت كتابتي وأرسلت ما كتبت عن مجموعة “يوسف الشريف” ونشر بشكل متميز وكان بنفس الصفحة قصيدة للشاعر “فرج بوشينة”، أمّا الحظ الأوفر فهو ما حباني به صديقي صاحب الابتسامة واللطافة واللثغة الآسرة “محمد الزوي” والذي اهتم بأن يرى صديقه “يوسف” ما كتبت ولأحظى من المبدع “الشريف” بتحية مكتوبة وملاحظات على قراءتي لمجموعته وليقول لي في نهايتها (… أن ثقافتنا الوطنية قد كسبت قلما ناقدا)، وسأرى ولأول مرة هذا المبدع في عام (1991) في معرض الكتاب، وتحديدا وأنا قبل خطوات من باب المعرض الذي يفتح في شارع (عمر المختار) حين رآني صديقي “أحمد الفيتوري” وهو مع مجموعة فإذ به (يرمي) قائلا: حوا هذا “يوسف الشريف”، ويكمل: يا أستاذ “يوسف” هذي “حوا القمودي”!!!

وبتلعثم وخجل سلمت على المبدع الذي أحببت قصصه وأيضا في تلك المجموعة كان الشاعر المصري “حلمي سالم” والذي سلمت عليه بعجل لأن “أحمد” يستعجل الجميع  كعادته ضاجا وقفشاته تربك من لا يعرف حيويته وشغفه بتلوين الكلام، وأظنني وفي هذا العام تحديدا وفي أيام معرض الكتاب التقيت في موقف السيارات الذي خلف فندق الواحات بـ: نوري عبدالدايم وإدريس المسماري ومنصور بوشناف، وفي يد “بوشناف” رأيت كتابا اسمه (الفلكلور في التوراة) وصرخت بهجة كعادتي حين حظيت بهذا الكتاب الذي مازال بحوزتي، وفي هذا المعرض يا “أحمد الفيتوري” أخبرتني عن فتوى (ابن مالك) أن سارق الكتاب من أجل استعماله للتعلم لا عقاب له؟؟؟ وهكذا تجرأت على هذا الفعل (الشنيع المبهج)!!! ههههه وكانت المرة الأولى مرعبة جدا، ولكن بعد ذلك حظى حتى بعض المبدعين بثمرة هذه السرقات، وخاصة حين أصبحت وجهاً مألوفا أدوام بالصباح والمساء، وتعرفت على من يقومون بالكشف على المشتريات، ومازلت أتذكر صديقنا الفنان التشكيليي “قاسم الساعدي”، وأنا أطلب منه أن يختار الكتب التي يريد، وكيف أخرجت تلك الأكياس وهو غير مصدق وظل يحكي هذه القصة لكل الأصدقاء والصديقات.

ولكن لم اتجرأ مرة أخرى على هذا الفعل (سرقة الكتب في المعارض) رغم حزني في أحيان لأني  أرى كتبا أريدها ولا أستطيع شرائها.

مذكرة العام 1985

حكاية صحيفة الطالب ….

كنت مسترسلة في الكتابة حين نبهني هاتفي أن شحن البطارية يكاد ينفذ، كنت مستغرقة حرفيا فلم أنتبه إلا والهاتف (طب مات)، وضاعت كتابة متدفقة عن حكاية البنت “حواء”، وكيف التقت بمشرف صفحة (آفاق ثقافية) بصحيفة الطالب، في بداية عام 1991م في كلية التربية / جامعة الفاتح، والجامعة تضج بصخب الطالبات والطلاب، ونسترسل في حديث كأنه بدأ منذ زمن، ووو فجأة يظهر شاب طويل أسمر يشاغب “عادل” الذي يقول: دلال المغربي، مش قلت نعرفها وتلاقيت معاها، وأتعرف على “امحمد الوراد” وسألتقيه بعد سنوات لأفجعه بخبر رحيل صديقنا “عادل”، (باسم بن يوسف) هذا هو الاسم الذي يكتب به الشعر، قصيدة النثر المشاغبة المختلفة، وصديقته التي يكتب لها هذي النصوص، وحين أكتشف سرقة أدبية لكاتب ليبي من مقدمة  الأعمال الكاملة للشاعر (محمد الماغوط) بذات العنوان الذي كان لتلك المقدمة (حزن في ضوء القمر)، كانت صدمة بالنسبة لي وأخبرت صاحب الآفاق فقال: اكتبي مقالة وصوري أصل الموضوع والموضوع المسروق، وكان يستعد للسفر في دورة، هو (مهندس الكمبيوتر)، وطلب مني ان أتولى أعداد الصفحة نيابة عنه لعددين (كانت الصحيفة تصدر مرتين بالشهر)، ولكنه كتب خبرا أن (دلال المغربي كشفت سرقة أدبية كاملة) و(صورة من المقالين الأصلي والمسروق)…، وترك لي رسائل أصدقاء الصفحة ووو هكذا كتبت مقالتي وجهزت صفحتي الآفاق الثقافية، وووو، كانت الصحيفة بلا مقر فقط حجرة متوسطة في مبنى (العلاقات الليبية المصرية) وذات مرة كنت هناك فدخل شاب وسلّم علينا وبادر رئيس التحرير “جمال دعوب”، وهو ايضا رئيس اتحاد الطلبة، معرّفا بي: دلال المغربي.

وحين خرج سألني رئيس التحرير: تعرفي من هذا اللي سلّم علينا؟ فأجبت بالنفي، فقال: هذا “علي الكيلاني”.. فسألت أو تساءلت: من هو “علي الكيلاني”؟ وحقا كنت لا أعرف من هو ولا مكانته ولا….

في رحاب صحيفة الطالب تعرفت على: عارف سليمان ومحمود الشويهدي وأبوالقاسم البوسيفي  والعجيلي العبيدي، والرسام خيري الشريف. وقرأت لـ:عبد الحكيم الطويل وإخلاص مصطفى وسعاد سالم وراضية المزوغي ولطيفة سويسي، وكان عارف سليمان يحاول كتابة مختلفة في الشعر.

وشهدت كيف يكون الإخراج وكتابة العناوين، وكيف يتم تجهيز الصفحات (قبل أن يتحول التنفيذ والإخراج وكتابة المادة والعنازين على أجهزة اختصرت الجهد والوقت).. كانت أياما مفعمة، تحصلت فيها على أول بطاقة صحفية، بعد ان أصبحت مشرفة على صفحة نوافذ طلابية، كان ذلك حين أصبح للصحيفة مقر خاص حيث الحديقة التي قربها مقهى باسم (الفيل) يقدم كابتشينو متميزا آنذاك، وكنت أحب الجلوس وكتابة مقالتي هناك، عام 1993م، كان نهاية تعاوني مع الصحيفة ولكن ظللت أكتب من حين لآخر وكان انتقالهم إلى مقر مقابل لجزيرة القادسية، وذات مرة كنت هناك وكان ثمة من يجلس بهدوء ويتحدث بصوت خافت ولا أتذكر كيف ذكر أحدهم الاسم بعدم اكتراث، حين سألت عن شخصه الكريم، فقال: هذا “عادل العامل”؟ وقفت مبتهجة وسلمت بحرارة على من ترجم ترجمة مبدعة قصة طويلة (نوفيلا) بعنوان (قلب بسيط) نسيت كاتبها هل هو “جوستاف فلوبير” كانت قصة (مازلت أشعر بها حتى الآن) مليئة بالمشاعر عن تلك المرأة والطائر… ربما نسيت التفاصيل لكن أستطيع أن اقول عنها أنها (تفيض عذوبة وانسانية)، وأشهد ان ذاك المبدع المترجم كان مندهشا من هذه التي عاملته بكل ذاك التقدير وكيف تحدثت عن ترجمته المتميزة (سألتقي بالمبدع “عادل العامل” في رحاب مجلة البيت بعد سنوات)….

مقالات ذات علاقة

محاولة القبض على سيرتي الأدبية!؟ (27)

حواء القمودي

للـتاريخ فـقـط (2)

عبدالحميد بطاو

شاعر الكلمة .. عاشق الوطن.. رجب الماجري

رامز رمضان النويصري

اترك تعليق