المقالة

الحرب الليبية الليبية المحتدمة …..من يطفئها ؟

انتهت حرب الليبيين على أراضي بلادهم…. لكنها مازالت محتدمة على أراضي الفيس بوك وفي القنوات الفضائية وفي المقاهي والمكاتب الإدارية ومقرات العمل والمرابيع والجلسات والندوات والمؤتمرات ..والحرب الليبية الليبية هذه المرة لن يفلح الناتو في حسمها لصالح هذا أو ذاك ، ولن يستطيع مجلس الأمن أن يتدخل فيها بأن يرسل لها كوفي أنان أو طالب الإبراهيمي مبعوثا خاصا ، هذه الحرب لن تحسمها سوى الحكمة وتفعيل القضاء وترسيخ سلطة القانون وتحقيق العدالة والانصاف، وتغليب مصالح الوطن على المصالح الفردية والقبلية والجهوية والحزبية، وعلى نزعات الثأر والانتقام ، ورغبات التشفي والشماتة ،وغرائز العدوان ومشاعر الكراهية والحقد والتسلط وثقافة الاقصاء واقتلاع الاخر والغائه تماما من الوجود واهدار حق المواطنة وتسفيه حقوق الإنسان والسخرية من العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية واعتبار الحديث عن التسامح والغفران في بعض الأمور التي لاتشكل جريمة في نظر القانون سذاجة وبلاهة …هذه الحرب الكلامية بين الليبيين التي تزداد احتداما كل يوم ، وتشهر فيها السبابات في كل مكان ، حتى أصبح الجميع مدان متهم إلا مارحم ربك ، حرب محتدمة ستجعل من استقرار الوطن وترسيخ الأمن والطمأنينة فيه عملية في غاية الصعوبة ، (إذا أخذنا في اعتبارنا السلاح المنتشر بكثافة ) …فالأحقاد تولد أحقادا والكراهية تنبت كراهية مضادة والاقصاء ينجم عنه اقصاءا في الاتجاه المعاكس ، ومع الوقت يتحول كل هذا العنف الرمزي إلى عنف مادي مضاد ، يتحول الكلام الناري إلى نار حقيقية ، قنابل ورصاص وصواريخ ، إن لم يكن قد تحول الآن بالفعل …نعم قد تفلح اللجنة الأمنية أو الجيش الوطني في محاصرة عناصر مجرمة واعتقالهم في هذه المنطقة أو تلك ، أو اخماد تحرك ارهابي هنا أو هناك وقد تقبض على بعض من فجر أو اختطف أو اغتال أو خطط لهذا في هذه المدينة أو تلك …لكنني أخشى أن هذا كله رغم أهميته لايكفي وأن مانشهده الآن ماهو إلا بداية لموجة لايعلم إلا الله متى تنهي من الاغتيالات والتفجيرات والخطف وترويع الناس، إنها موجة ( وأرجو من الله أن أكون مخطئا ) مرشحة لأن تطول ومعها ستطول عذاباتنا وآلامنا وستسيل المزيد من دماء أبنائنا على هذه الأرض مالم نهئ أنفسنا للدخول في مصالحة وطنية شاملة تنصف المظلومين وتقتص من الظالمين وفقا لبرنامج العدالة الانتقالية الذي سبق وأن خاضته ونجحت فيه شعوب تعرضت لما تعرض إليها شعبنا وربما أكثر من مظالم وجرائم ، برنامج يشتمل على انصاف الضحايا وتعويضهم ومحاكمة من تورطوا في القتل أو التعذيب أو الاغتصاب أو السرقة وغيرها من الجرائم يتولاها قضاء عادل نزيه وليس وفقا للحزازات الشخصية والاتهامات المجانية والشكاوى الكيدية وإلى جانب هذا نحتاج إلى جهد إعلامي كبير تشارك فيه مؤسسات الإعلام والتعليم والأوقاف يقوم على استراتيجية إعلامية ثقافية مرسومة لمكافحة ثقافة الاقصاء الضغائن وغرس ثقافة المواطنة واحترام القانون واعتبار القضاء هو الفيصل بين المختلفين ، ثقافة جديدة لم يعرفها الليبيون طيلة اثنتين وأربعين عاما ترتكز على احترام حقوق الإنسان والمواطنة والديموقراطية واحترام الآخر ‘لخ إلخ وهذا أمر يتطلب الشروع في إعادة هيكلة القضاء وقبل هذا السيطرة على /وتنظيم السلاح المنتشر وضبطه وإعادة هيكلة الإعلام وتفعيل ميثاق الشرف المهني بهذا القطاع لتلتزم به كافة المؤسسات الإعلامية من خلال المجلس الأعلى للإعلام ونقابة الصحفيين ليكون إعلاما وطنيا يعمل وفقا للقواعد المهنية وتحكمه ضوابط أخلاقية ومهنية ويساهم في رأب الصدع والمحافظة على اللحمة الوطنية وتكريس السلم الاجتماعي ويساعد في عملية التحول الديموقراطي وليس إعلاما يؤجيج الأحقاد ويثير الضغائن ويؤلب الناس ضد بعضها البعض وينشر الشائعات والأكاذيب كما نرى الآن في بعض الوسائل الإعلامية الساعية وراء الإثارة حتى وإن جاء هذا على حساب أمن الوطن واستقراره .

مقالات ذات علاقة

لمن تؤذن المآذن؟

سعد الأريل

ومضات ليبية عابرة – 1

المشرف العام

ديالكتيكياتي (جدليات فكرية فلسفية) 1

حسن أبوقباعة المجبري

اترك تعليق