قصة

الإنـــــاء الفخـــاري

من أعمال الخزافة ميسون عبدالحفيظ.

عمران شاب عربي مسلم يدرس اللغة الإنجليزية ببريطانيا، إختار أن يقيم مع جورج وزوجته إليزابيت وإبنتهما الصغيرة كاثرين. عائلة إنجليزية محافظة من مدينة مانشستر.

نشأت علاقة طيبة بين عمران وأفراد العائلة، خاصة مع الطفلة كاثرين، التي يلاطفها كثيرا ويجلب لها بعض الهدايا من حين لأخر.

في إحدي الأمسيات بينما كان عمران في غرفته سمع صوت تكسر بعض الاواني، هرع مسرعا يستطلع الأمر، وجد كاثرين واقفة بالصالة تبكي بحرقة و قد تناثرت تحت قدميها قطعا من إناء فخاري ثمين.

حاول تهدئتها والتخيف عنها بكلمات لطيفة ومن ثم عمد إلي جمع القطع المتناثرة عل الأرض.

عمران: لا عليك، لا تحزني بالتأكيد إنه خطأ غير مقصود

كاثرين: إنه إناء فخاري ثمين وسوف تعاقبني أمي علي هذا أشد عقاب

عمران: لن أسمح بذلك ولن تتعرضي لأي عقاب، إهدئي وخففي من روعك

إنحني إلي مستوي كاثرين ووضع يديه علي كتفيها برفق مرداد: سوف أتحمل وزر ما حصل، سوف أقول لوالدتك أنني من فعل هذا عن غير قصد، وسأشتري إناءا جديدا تعويضا عن هذا الإناء المكسور، لا عليك.

أدمعت عيني كاثرين واحتضنت عمران بقوة تعبيرا عن سعادتها وفرحتها الكبيرة بهذا الموقف الجميل الذي أزاح عن كاهلها خوفا شديدا من عقاب ربما يكون مؤلما وشديدا.

دخلت إليزابيت صحبة زوجها إلي المنزل عائدين من الخارج ليجدا عمران وكاثرين جالسين في الصالون وأمامهما كومة بقايا الإناء الفخاري المكسور.

عقدت حاجبيها بشدة وصاحت بصوت غاضب: ما هذا ما الذي حصل كيف تحطم الإناء من فعل هذا.

هب عمران واقفا في محاولة لإحتواء غضب السيدة إليزابيت قائلا:

لا عليك سيدتي، إنه مجرد إناء لا غير، غدا سوف أحضر واحدا جديدا مكانه، إنها غلطتي وأنا أسف أشد الأسف، لم أكن متعمدا، لقد زلت قدمي وتعثرت ووقعت علي الإناء، أكرر أسفي سيدة إليزابيت. نظر إلي كاثرين في خفية وأشار لها بطرف عينه.

نظرت إليزابيت إلي عمران في صمت ولم تنبس ببنت شفه، أدارت له ظهرها مغادرة إلي غرفتها وهي تتمتم بكلمات مبهمة.

في اليوم التالي دخل عمران إلي المنزل وفي يده إناء فخاري جميل يشبه ذلك الإناء المكسور.

وجد السيدة إلزابيت صحبة زوجها جورج بالصالون، حياهما بلطف ثم أعطاها الإناء مع إبتسامة واسعة مرددا:

تفضلي سيدتي.. هذا إناء جديد عوضا عن ذلك الإناء المكسور. مع إعتذار وأسف شديدين.

أخذت السيدة إلزابيت الأناء، وضعته علي الطاولة ثم عادت لتجلس في مكانها.

بدا علي وجه السيدة إليزابيت شئ من الرضا والهدوء… ظلت تنظر إلي عمران لبرهة من الوقت دون أن تقول شيئا في حين أن عينيها تقولان الكثير.

إليزابيت: أستاذ عمران.. شكرا جزيلا علي هذا الإناء الجديد.. وشكرا جزيلا علي لطفك وكرم أخلاقك..

عمران: شكرا سيدة إليزابيت

سيد عمران.. نحن نربي ابنتنا علي الصدق والأمانة وكل الأشياء الجميلة..

كاثرين لم تستطع النوم ليلة البارحة.. لقد حضرت إلي و أخبرتني عن ما حصل، لقد أخبرتني الحقيقة كاملة.

هم عمران بالحديث ولكن السيدة إلزابيت قاطعته مرددة:

أستاذ عمران أنت رجل لطيف وكريم وذو أخلاق حميدة وخلال وجودك معنا لم نر منك إلا كل خير،

إن ما قمت به مع كاثرين عمل فيه كثير من اللطف والنبل والشهامة، وهو محل تقديرنا وإحترامنا،

ولكنه.. ولكنه.. بطريقة ما، قد أساء إلي أسلوب تربيتنا وإلي ما نرغب في أن تكون عليه مستقبلا.

سيد عمران أرجو من حضرتك أن تقدر كوننا والدين نعيش من أجل أبنائننا من أجل أن نربيهم تربية صالحة وننشئهم نشأة طيبة

سيد عمران..

.
.
.

بكل لطف نرجو من حضرتك المغادرة فلا مكان لك بيننا.

مقالات ذات علاقة

صَــــــــــــــــــــوْتٌ …!!

جمعة الفاخري

فلسفة

إبتسام عبدالمولى

الطنطونة

عزة المقهور

اترك تعليق