علي فتحي الكرغلي
حينَ يُرخِي الليلُ
أسْدالَه
ويُلقِي على أَوْجُهِ البَائسِينَ
جلْبابَه
ويَكْشِفُ السِّتَار
عنْ سدِيمِهِ الكثِيف
حَيثُ لا نُورٌ يؤنِسُ المُغْترِبين
ولَا سَيْفٌ يَحْمِي العزَّل
ولَا دارٌ تُؤوِي المُشَرَّدِين
حِينَ تمْلَأُ الوُحُوشُ الظُّلُمات
وتُوغِلُ فِي وَسوَسَاتِها الشياطِين
وترَى الخَوْفَ مِحْرَابًا
يَلْتَجِئُ النّاسُ إلَى الخَوف
يَؤُمُّ النَّاسَ الخَوف
ويُصَلِّي النَّاسُ بِخَوف
وَيُخْفُونَ بِخَوفٍ خَوْفَهُم!
حِينَ ترَى الْمَلَامِحَ غَائِرةً في الوُجُوه
تَكْتَسِي ثَوبَ الذُّلِّ الْمُهترِئ
يخِيطُهُ – الناس – بِمَاءِ وُجُوههِم
ويلُوكُهُ السَّلَاطِين
كَمَا تَلُوكُ بَقَرةٌ حفنة عُشْبٍ يابس!
حِينَهَا…
تُبْصِرُ في لُجَجِ البُؤس
طَيْفًا أسْوَدًا
يُهْدَى بِهِ الطَّرِيقُ طَرِيقَه
ويَسْتعِيدُ بِهِ النَّجمُ بَرِيقَه
ويَشُقُّ الظُّلُمَاتِ بِنَظَرِهِ
فَتُضِيء
ويُشِيرُ بعَزْمِهِ إِلى العِزَّةِ
فتَفِيء
يَسْقِيهَا الناس
يُوَزِّعُهَا بَينَهُم
يُفَجِّرُ بِهَا صَوْتَهُم
كَأَنَّهُ ثَوْرَةٌ
تُشْعِلُ نَارًا
تَفُكُّ حِصَارًا
تُقِرُّ قرَارًا
وتَنْتَزِعُ مِنْ مِعْصَمِ الظَّالمِ سِوَارًا
ويَدُقُّ خَتمَهُ النّاس
علَى الْأَسْوَارِ مِسْمَارًا
يُشِيرُ إلى المصابيحِ المُنطَفئَةِ
فتُنِير
ويَنْظُرُ إلى سَاعَاتِ الذُّلِّ المُتَيَبّسةِ
فتسِير
وَحِينَ تَنجَلي الغُمَّة
يتْبَعُهَا ويَتلَاشَى…!
ذَلِكَ المُظْلِمُ الكَاحِلُ الأَسْوَد
لَمْ يَكُنْ
إلَّا ظِلِّي…!