علي أبوراوي
ذات زمان..
كان الشابُّ ” رضوان”، الذي قديماً يتمنى أن يُصبِح طبيبَ أسنان، كان يومذاك حزيناً غضبان، يبحثُ عن حلٍ يُبّدل حاله من تعيسٍ لفرحان، حتى أغواه الجبان الذي يُدعى شيطان..
وسوس له أن إذهب لصديقك الجديد الذي عرفت مؤخراً أنه يأسِر نفسه ليلاً بين الجُدران، كُن معه اليوم رفيقاً سهران، ثم تجرّع معه من الخمرِ كأسان، ستُصبح همومك ألحان تتغنى بها وأنت تضحك كأنك في عشقها ولهان…
كان ما كان حتى فقد رضوان صمّام الأمان لعقله الذي بدء في الهذيان، خرج في وقتٍ مُتأخرٍ يترنحُ كأنه جُرَدٌ يفِرُ من سُمِّ ثُعبان، عبر الطريق دون أن يلتفِت أو يتحسس الطريق ولو لبضعِ ثوان..
حدث ما لم يكُن في الحِسبان، وصدمتهُ سيّارة كان بها شابّانِ يافِعان، أسعفوه بسرعةٍ لمشفى قريبٍ يبعُد عنهم شارِعان، استقبله في الطواري الطبيب الخلوق عبد الرحمن، كان به جرحانِ بالِغان، أُدخِل على إثرهِما للإيواء لمدةٍ تفوق أسبوعان..
كان الممرِضُ الذي يهتمُ به إسمُه ” صفوان “، هو من البشرِ الذين ليس لهم وجهان، بشوشٌ ودائم إبتِسام الأسنان، عيناهُ بالخُلقِ الحسَنِ يلمعان، أخذ صفوان يُدردِش مع رضوان عما جعله يفقد عزمه وينكسِر وفي بحر الكحول يغدوا غريقاً سكران..
تبادل معه همومه وفضفض له وهو يبكي والدمعة تلحقها دمعة واثنان، أخبره الممرِض حينها عن أمورٍ حسنهٍ تُبدل حاله من السوادِ لأجملِ الألوان، كان كأنه طبيبٌ نفسي أو دواءٌ يوضع على الجرحِ فـ يُشفى في ذاتِ الأوان، لإنه حقاً نعمَ الناسُ هذا الإنسان..
أصبحت هذة الحادِثة طيّ النِسيان، والمَريضُ والمُمرض أضحوا أفضل صديقان، يُمكن وصفهم حتى أنهم أخوان، خرج رضوان من المشفى بصحة العقل والأبدان..
بدء يرتادُ المسجِد الذي هجرهُ من عقدان، لا يتخلف عن صلاته مهما كان، يُحبُ فعل الخير و يُعطي بودٍ دون امتنان، أضحى كُل ما يتمنى أن ينال رضى الباري الرحمن، و أن يكون في الآخِرة من أهل خير الجِنان.