من أعمال المصورة التونسية سلوى الجوادي
طيوب النص

عَــنِ الْحَــــيَاةِ وَالجَــمَـــالِ.. (1)


* قَوْسَ قُزَحٍ، مُقَوَّسٌ بِالنُّورِ أَنْتَ، تَمْتَطِي قَامَتَكَ الشَّاهِقَةَ السُّحُبُ والْبُرُوقُ وَالأَلْوَانُ، تَصْدَحُ فِي أُذُنَيْكَ الرُّعُودُ المُسَبِّحَاتُ..!
* حَبْلَ الْغَسِيلِ، مُقَوَّسٌ إِلَى الْإِسْفَلْتِ أَنْتَ، تَحْنِي ظَهْرَكَ قَذَارَاتُ الْمَلابِسِ الدَّاخِلِيَّةِ، وَثِقْلُ الْمَعَاطِفِ الْعَفِنَةِ، وَنَتَانَةُ الْجَوَارِبِ الْعَسْكَرِيَّةِ الْمُقَزِّزَةِ.
* كَيْفَ أُتَّهَمُ بِقَدِّ قَمِيصِهِ مِنْ قُبَلٍ وَقَدْ كَانَ يَرْكُضُ أَمَامِي، هَلْ كَانَ يَلْبَسُ قَمِيصَهُ مَقْلُوبًا.!؟
* لِيُوسُفَ قَمِيصَانِ؛ وَاحِدٌ مَزَّقَتْهُ أَنْيَابُ ذِئْبٍ مَزْعُومٍ، وَآخَرُ مَزَّقَتْهُ أَظَافِرُ أُنْثَى نَزِقَةٍ.!؟
أَمَّا قَلْبُهُ الوَحِيدُ فَقَدْ مَزَّقَهُ أُخْوَتُهُ حَسَدًا.!؟
* حِينَ تَعْقِدُ الْحَسْرَةُ الْفَادِحَةُ أَلْسِنَتَنَا، تَتَحَوَّلُ الْأَفَوَاهُ إِلَى مُعْتَقَلٍ لِلْكَلِمَاتِ، إِلَى مَخْزَنٍ قَمِيءٍ لِلصُّرَاخِ..
* لَيْسَ ثَمَّةَ إِجَابَاتٌ مُتَعَدِّدَةٌ لِسُؤَالٍ وَاحِدٍ؛ إِنِ اعْتَقَدْنَا ذَلِكَ فَثَمَّةَ خَطَأٌ مَا، خَطَأٌ فَادِحٌ فِي السُّؤَالِ نَفْسِهِ، أَوْ فِي الإِجَابَاتِ الْمُدَّعِيَةِ انْتِمَاءَهَا إِلَيْهِ.!؟
* لَكَأَنَّهُ ظِلُّهَا؛ إِنَّهَا تَقِفُ وَرَاءَ الرَّجُلِ الْعَظِيمِ الَّذِي صَنَعَتْهُ.!
* مَمْلَكَةُ الْعَتْمَةِ الْمُوهُومَةُ بِالْحَصَانَةِ مُهَدَّدَةٌ بِعُودِ ثِقَابٍ صَغِيرٍ.!!
* تَلِدُ الآهَةُ مِزْمَارًا مِنْ أَعْمَاقِي، وَتَنْسَكِبُ الآهَاتُ مِنْهُ بَلابِلَ وَحَمَائِمَ، وَيَمَامَاتٍ، وَبَوْحَ عَاشِقَيْنِ.
* قَرَّرْتُ أَنْ أَمْحُوَ اللَّيْلَ فَأَضَأْتُ قَمَرًا، قَرَّرْتُ أَنْ أَمْحُوَ الصَّحْوَ فَأَطْفَأْتُ عَيْنَيَّ.!؟
* بِإِمْكَانِي أَنْ أُقِيلَ الْمَرَاسِيَ؛ لَكِنْ أَيْنَ سَأَجِدُ عَمَلاً للأَمْوَاجِ الْمُتَسَكِّعَةِ عَلَى الشُّطْآنِ.!
* الْغَبِيُّ..! لَقَدْ عَبَّأَ النُّورَ فِي زُجَاجَةٍ، وَأَحْكَمَ إِغْلاقَهَا فَاَخْتَنَقَ ظَلامًا.!؟
* اِشْتَكَتِ الْقُرُودُ دَارْوِينَ مُنْتَصِفَةً لأَصْلِهَا مِنْهُ.
* فِي أَعْمَاقِي الْقَرِيبَةِ جِدًّا؛ تُمْطِرُ السَّمَاءُ الْبَعِيدَةُ..
* شُكْرًا أَيُّهَا الْفَجْرُ، لَقَدْ أَوْصَلْتَ لِصَبَاحِنَا الرَّقِيقِ هَدَايَاكَ الْمُشْرِقَةَ.
* لَمْ يَكُنْ طَيِّبًا وَحَسْبُ؛ فَلُو عَرِفَ النَّحْلُ قَلْبَهُ لَمَا رَامَ حَدِيقَةً غَيْرَهُ.
* الْمَوْتُ الَّذِي نَسْتَبْعِدُهُ يَسْتَدْنِينَا.!
* حَفِظَتِ الْمِرْآةُ وَجْهِي، فَكُلَّمَا سَأَلْتُهَا عَنْهُ أَجَابَتْنِي بِهِ.!
* الْمِرْآةُ تُنَابِزُنِي بِوَجْهِي، تَبْصُقُ ابْتِسَامَتِي نَحْوِي، تُطْفِئُ سُطُوعَهَا دُونِي، وَتَأْمُرُنِي بِالنَّظَرِ لِمِرْآةِ دَاخِلِي.
* الْمِرْآةُ الَّتِي نُخَبِّئُ وُجُوهَنَا فِيهَا تُشَيِّعُنَا عَلَى الْمَلأِ مُجْرِمِينَ أَشْقِيَاءَ.!
* لِمَاذَا نَنْتَظِرُ النَّهَارَ، إِنْ لَمْ يَكُنْ لَنَا فِيهِ أَحْلامٌ نَسْعَى لِعِنَاقِهَا.!؟
* يَفْتَحُ الْفَجْرُ عَينيهِ، فَيُغْلِقُ النَّوْمُ عَيْنَيَّ.!
* أَرَدْتُ أَنْ أَرْفَعَ عَقِيرَتِي بِالْغِنَاءِ فَاسْتَعْصَى عَلَيَّ، فَبَكَيْتُ..!
* فَتَحَتِ النَّافِذَةُ صَدْرَهَا لِتَشُمَّ شَذَا الْفَجْرِ النَّدِيِّ ثُمَّ سَرَّبَتْهُ دَاخِلَهَا، فِي أَعْمَاقِنَا.!
* تَقِفُ قَامَتِي مَشْدُوهَةً فِيمَا تَمُرُّ النَّوَافِذُ مَزْهُوَّةً بِحَرَكَتِهَا، وبِتَسَمُّرِ قَامَتِي الْمَشْهُودِ.
* شَهَرْتُ سَبَّابَتِي فِي وَجْهِهِ؛ لَكِنَّنِي اخْتَفَيْتُ خَلْفَهَا.!؟
* بَعْضُ الْجِرَاحِ لا تَلْتَئِمُ بِإِيقَافِ الدِّمَاءِ النَّازِفَةِ مِنْهَا؛ إِنَّهَا تَظَلُّ تَذْرُفُ آلامَهَا وأَوْجَاعَهَا إِلَى مَا لا نِهَايَةٍ.
* لا أَدْرِي.!؟ هَلْ نَسِيتُ رِجِلَيَّ فِي حِذَائِي، أَمْ نَسِيتُ حِذَائِيَ عَلَى رِجْلَيَّ، فَكُلٌّ يَدَّعِي أَنِّي نَسِيتُهُ مُتَلَبِّسًا بِالآخَرِ..!؟
* فُوَّهَةُ الْمِدْفَعِ هِيَ نَفْسُهَا عَيْنُهُ، هِيَ نَفْسُهَا فَمُهُ، فَمُ الْمُوتِ، وَمِنْهَا يَمُدُّ أَلْسِنَةَ السَّعِيرِ.!
* بِمِلْعَقَةِ الْجَوَابِ لازِلْتُ أَتَنَاوَلُ الأَسْئِلَةَ الْمُكَدَّسَةَ حَتَّى أَشْبَعْتُهَا نَفَادًا..!
* اِنْتِظَارًا لأَجْوِبَةٍ صَمَّاءَ تَمُوتُ الأَسْئِلَةُ الْمُلِحَاحَةُ.. !!
* لَقَدْ كَانَتْ خَاوِيَةً عَلَى عُرُوشِهَا.!؟
هَذَا رَائِعٌ؛ لَقَدْ كَانَتْ لَهَا عُرُوشٌ إِذًا.!؟
* الأَشْيَاءُ التي نُحِبُّهَا فِي السَّمَاءِ تُدْمِنُ الْعُلُوَّ الْفَخْمَ: السَّمَاءُ نَفْسُهَا، وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ، الْقِمَمُ، الْسُّحُبُ وَالْبَرْقُ وَالرَّعْدُ، النُّسُورُ وَالصُّقُورُ، قَوْسُ قُزَحٍ، النَّخْلُ وَالْحَمَائِمُ وَالْعَصَافِيرُ وَالْفَرَاشَاتُ..
الأَشْيَاءُ الَّتِي نُحِبُّهَا فِي السَّمَاءِ، فَإِذَا مَازَحَتْنَا حَنَتْ رُؤُوسَنَا نَحْوَ الأَرْضِ لِكَيْ نَتَذَكَّرَ السَّمَاءَ ثَانِيَةً..
* يَاهْ.! مَا أَهْنَأَ الْمَوْتَ لَوْلا أَنَّنَا مَشْغُولُونَ بِالْحَيَاةِ.!
* الدُّخَانُ الْحَقِيرُ يَتَسَامَى مُتَطَاوِلاً على السُّمُوِّ النَّبِيلِ، وَمَا يَفْتَأُ أَنْ يَنْطَفِئَ وَيَتَلاشَى..!
* نَخْتَبِئُ مِنَ الْمَطَرِ، ثُمَّ نَشْتَكِي الْقَحْطَ حِينَ يَخْتَبِئُ الْمَطَرُ مِنَّا!؟
* بَاغَتَنِي ضَوْءٌ وَنَسِيمٌ وَعِطْرٌ، شَمَمْتُ الضَّوْءَ، خَلَطْتُ النَّسِيمَ بِالْعِطْرِ، وَأَضَأْتُ بِهِمَا رُوحِي.
* – لِمَاذَا أَنْتَ بَلا لَوْنٍ وَلا طَعْمٍ وَلا رَائِحَةٍ.؟
– لأَتَسَلَّلَ لأَعْمَاقِكُمْ فَأَهِبُهَا طَعْمًا وَلَوْنًا وَرَائِحَةً.

_______________________________
من مخطوط كتابي: مِنْ أَيْنَ يُؤمَلُ اللَّهَفُ.!؟ شَذَرَاتٌ فِي مَحَارِيبِ الجَمَالِ..

مقالات ذات علاقة

اخصوا الرجولة .. احرقوا السلاح

خالد الجربوعي

حربُ الأطباقِ البِتْرِيَّة

المشرف العام

بعضٌ بوحٍ حميمٍ..

جمعة الفاخري

اترك تعليق