عبدالحق ميفراني
شاعر وناقد من المغرب
.
لا تتحدد سمات تجربة الشاعر محمد القذافي مسعود ، خارج سياق تجربة القصيدة العربية الحديثة، في تجاربها الجديدة التي شكلت بأفقها المغاير عنوانا كبيرا لمسار التحول الذي خططته، سواء داخل الجسد الشعري الليبي أو خارجه. وتمكننا قصائد الشاعر محمد القذافي مسعود من تلمس مسارات هذه الرؤى وفاعلية الإخصاب الشعري والذي جعل من القصيدة ديدن حفريات القلق الأنطولوجي، إذ عبرها تمكن هذا الجيل الشعري من رسم أفقه الخاص والمختلف.
وحين نشير لمسارات التحول، فإننا ننصت للمنجز النصي الذي يقدم توصيفات شعرية لهذا الملمح، وإذا كانت قصائد الشاعر محمد القذافي لا تمثل إلا جزءا مصغرا من هذا الجسد الشعري الخصب، إلا أنها تنفتح برهانها على قصيدة النثر كبناء، وعلى ثيمة التشيؤ ككتلة دلالية مهيمنة، على رغبة جامحة في الكتابة على العالم الذي ينهار، العالم الذي ينصهر في التشظي، وهذا التشظي دليل مضاعف على أفق الانكسار الذي صيغت وفق رؤى القصائد إذ لم نقل أن القصائد صدى مباشر لصوت الانهيار الكلي..
” وما بين فوضاي وحد السؤال
كان الغيم يمطر “
ولا يغلف الشاعر محمد القذافي مسعود نصوصه الشعرية داخل سياقات واصفة بقدر ما ينشغل بعالمه الصغير الذي يشكله أمامه، بلغة أقرب الى الكتابة البصرية، وحين نستدعي مفهوم التشيؤ فلأنه واصف لسمات أفق النصوص ووحدة توليدية لدلالات القصائد ورؤية ثاوية تشيد انبناءاتها إذ يكفي أن نعيد قراءة هذه القصائد الأضمومة لكي يكشف لنا الشاعر محمد القذافي، سر هذا الفعل الكيميائي الشعري حيث لا روح للمعنى، ولا ذاكرة للأشياء إلا قدرتها على خلق استعارتها الحية.
ونصوص الشاعر محمد القذافي مسعود جزء من هذا التناص المفتوح، والممتد في تجارب شعرية ليبية وعربية شابة، لكن تميز هذه النصوص في ابتعادها على صنع الأفكار الكبيرة، وفي تجنبها خلق إيديولوجيات محنطة، وفي تميزها بجعل العالم أقرب الى الشعر منه الى ميليشيات العسكر‼
قنوات نصوص الشاعر هي حقل رؤاه الذي يغرف منه، والذي لا ينبني إلا على تخطيطات أولية للدهشة، وما الرهان على القصائد القصيرة والشذرية إلا صدى مفتوح على قدرة التكثيف التي يصوغ بها الشاعر رؤاه. الشاعر محمد القدافي مسعود شاعر قادم مع حلمه الصغير في أن يكون العالم أشبه باستعارة صغيرة تكورها يداه..
” نكتب على فخذ البيت
أننا هنا
ننهش غربة الشارع
ليصيـر الزقـاق
قمراً على كتف الروح ” .
المغرب/2007.