المقالة

قرن الرواية

صفحات كتاب
صفحات كتاب

القرن الواحد والعشرين.. قرن الرواية.. تدريجيا أصبحت الرواية أكثر من مجرد فن.. بل ملجأ للناس المكبوتين.. منحتهم الفرصة لنسج عوالم خيالية تمكنهم من عيش حياتهم بالطريقة التي يريدونها.. خيال شاسع يضعهم على اتصال مع الأفكار والرغبات والمخاوف والمشاعر.. ليصبحوا في العالم، أشخاص آخرين.

الروائي الجيد يساعدني على أن أرى، كم بقي لي من الوقت في هذا العالم وأنا ارنو الى تحقيق احلامي؟ لا أستطيع فعل أي شيء حيال ضيق الوقت.. أشعر بالاكتئاب من حقيقة أن لدي وقت محدود. أشعر بالاكتئاب حول حقيقة أنني لن أكمل كل شيء كنت أرغب في القيام به.

عندما تقرأ صفحات رواية، فإنك لا تبحث فقط عن الشخصيات أو القصة، لكنك ستجد شخصية خاصة بك داخل القصة.. تشعر بالبهجة، تشعر بالألم وكأنك تعيش هناك حرفيًا.. توسع معرفتك في موضوعات لم تسمع بها من قبل في المدرسة.. تتعلم منها كما لو أن كل شيء حدث لك.. تصبح أكثر حكمة دون أن تكون لديك تجربة..  تسافر حول العالم دون أن تنفق الكثير.. تنتمي إلى اماكن لم تكن عرفت بها ابدا.. تجد التعاطف في الأوقات الصعبة.. الرفقة في الشعور بالوحدة..  الإلهام الذي لا مثيل له.. الرواية الرائعة تشبه الواقع الافتراضي.

ما زلت أتذكر اليوم الذي بدأت فيه قراءة روايتي الأولى.. ” ذكريات دامعة ” بنت الشاطئ.. وفرت تلك الرواية دفعة كافية من العاطفة الجياشة لطفل مراهق.. يرنو الى لقاء حبيبته.. وشطح الخيال حيث هي.. تلك التي كانت في المخيلة آن ذاك.. رغم البون الشاسع.. وفرة الأفكار والمفردات وعالم جديد والعديد من الأشياء التي لا توصف بسبب قسوة العالم الواقعي، اعطت بديلاً يمنحك هروبًا قصيرًا من الواقع.

رواية رائعة تشبه رحلة ذات تجارب خصبة تعلمت منها العديد من الأشياء الجديدة.. وكيفية التعامل مع المواقف التي تكون فيها الظروف معاكسة.. التفكير الإيجابي للارتقاء فوق الظروف. أشعر وكأنني عشت القصة.. كنت آمل أنها كانت تعيش حياتها وتفكر بي هي الاخرى.

الرواية أو أي كتاب لديه الكثير من القوة لتغيير ما نحن عليه.. إنه يعطينا الكثير من الأشياء.. الإلهام، الأمل.. يخبرنا أن هناك دائما خير وشر.. وبغض النظر عمن هو أقوى.. يمنحنا القدرة على نفي القواعد الثقافية التي لا معنى لها.. وعلى الوصول إلى عمق تعقيد التجربة الإنسانية.

عندما تقرا رواية عظيمة، تنشأ رابطة معها تشعرك بالحماية وأنت تقلب صفحاتها، وعندما تنتهي سيتم ترك جزء منها تحت اغشية الذاكرة.

فتح كتاب جديد يعني بدء حياة جديدة.. أصدقاء جدد، تجارب جديدة، سعادة جديدة.. وآلام جديدة.

مقالات ذات علاقة

ميكافيللي والقذافي

محمد دربي

بطاو.. أيقونَةُ الشِّعرِ النَّبيلِ

جمعة الفاخري

تهريب الضو.. من الفاعل؟

عبدالحفيظ العابد

اترك تعليق