من أعمال التشكيلي الليبي صلاح بالحاج
قصة

عشر دقائق

علي فنير

.

جلس امامه ذلك الشيخ المهيب بلحيته البيضاء الطويلة ووجهه الذي تفيض من السكينة ويغشوه السلام … نظر اليه بعينين ثابتثين وقال له :

– لم يعد أمامك من وقت ….. عشر دقائق فقط وبعدها ستغادر هذا العالم الي العالم الآخر

نهض كالملسوع غير مصدق …. تحسس جسمه انه سليم معافي ولايشكو من اي مرض … فلماذا سيغادر هذا العالم الذي احبه ويتمني الايغادره ابدا والسؤال الغريب هو مالذي سيفعله في عشر دقائق ….. تذكر اشياء كثيرة … اموال كثيرة استدانها من بعض الاشخاص وماطل في سدادها رغم امواله الكثيرة …. اناس مقربون منه احبوه لشخصه فقط ولكنه كرههم لضنه بأنهم يحبونه لامواله …. كذب في اكثر من مناسبة …. احتسي الخمر في جلسات انس مع اصدقائه

والادهي من ذلك انه كان لايصلي … وأحيانا كثيرة يسخر من بعض اصدقائه عندما يتوضئون ويستعدون للصلاة !!!

عشر دقائق …. انها لاتكفي حتي لالتقاط انفاسه … خرج مسرعا وهو لايدري في أتجاه يمضي … نظر برعب الي ساعته … خمس دقائق مرت ولم بيق سوي خمس اخري …. تمني في تلك اللحظة أن تحدث معجزة وتعود عقارب الساعة الي الوراء بدل اصرارها علي المضي قدما … ولكن ذلك محال …. عيناه لازالت مسمرة علي عقارب الساعة …دقيقة واحدة فقط تفصله عن الموعد … احس بأنفاسه تتقطع وعيناه تجحظ…. اختنق وسقط أرضا يتلوي

وفي تلك اللحظة أحس بيد توقضه أنها يد زوجته ايقضته قائلة :

– لقد كنت تصرخ في نومك من كابوس جثم علي صدرك … صديقك رامزاتصل ليؤكد موعده معك بعد عشر دقائق !!!

عشر دقائق تفصله عن موعده مع صديقه ولكن بعدها سيعيش حياة كاملة …. وستكون كافية ليعيد فيها حسباته ويرتب أوراقه …. أحتضن زوجته وهو يضحك …. أرتدي ملابسه وخرج لملاقاة صديقه … أستنشق هواء المساء بعمق

أحس وكأنه يستنشق الهواء لأول مرة … عشر دقائق تفصله علي موعده مع صديقه … ولكن بعدها حياة كاملة سيعيشها سيعيد فيها كل حسباته ويعيد ترتيب اوراقه ….. تمتم لنفسه بصوت خافت غدا سيكون يوم جديد وحياة جديدة

مقالات ذات علاقة

ولا تسأل عليّا

المشرف العام

قبر يتوسد المدينة

المشرف العام

ليل الأوديسا

هدى القرقني

اترك تعليق