من أعمال التشكيلية ريم جبريل
شعر

عالية أشجار البلّوط

.

1

بحر ينهضُ

يمدُّ خطاه على رخام رومانيّ.

 

نخل قصير،

ظل خائف،

فراشة بيضاء،

قبر عنيد،

نبض عشيّة،

شجرة في تفكير عميق.

 

 

2

من أزاح الستارة عن العينين؟

مَنْ أسكرَ

أحلام الوادي البعيد؟

ولماذا فوق وسادتي

تفجعُ اليرقاتِ المخططة بالأصفر والأسود

التفاتةُ الأسدِ الجريح؟

قلتُ:

الهوى عكّاز الخبيئة،

الهوى سكنُ الريح.

 

وارتطامُ الكلامِ على سلالم التيه

يؤرخ لنهار خليع.

 

لنرسم خطّا هنا” قالت”

وعلى الرخام الرمادي

نفكُّ لهاث الليل

خيطاً،

خيطا

وعلى

فم البئر

نعلّقُ أرجوحة الغياب.

 

 

3

من وراء الأجساد العارية

نخاتل اللذة كي نسمع اهتزاز الجبل العظيم،

ومن مكانها في السماء

تتثاءب السحبُ الهرمة بلا مبالاة.

 

خطوتان فقط

تبعد قدماي عن دَرَج الساحةِ،

ولأكثر من خمسين شتاء

لم أستطع عبور هاتين الخطوتين

أو

مشاركة الراحلين شغفَ النعاس!

 

 

4

في المرج القريب

شجرة التين البرّية،

اسقطت أوراقها،

هادئة، مغمضة العينين.

لم تغفل

عن صهيل الفحل الهائج

ولا عن رفرفة السكينة في رداء الأعمى

يتلمّس في العاصفة صوت بقرته.

 

 

5

الصمت إلى الصحراء أخد النهر،

والضحك يشير بسبابته

إلى وجوهٍ

 

تغضَّنت في النسيان؟

 

لعلها النوارس في عري الوحشة

قد أفرغت القوارب مِنْ حكايا الميتين

أو

لعلها صدفة أن يبشّر الحصى بهتك براءة الليل

لعلها صدفة أن تُراودَ العَسسَ القناديلُ المطفأة!

لكن الشمس أبدا

زهرة حمراء

في شعر الغريبة.

 

 

6

وسط الساحة،

قبل انحسار الظل،

الرجال يلّوحون بعصي الخيزران،

النسوة يسبقهن عطر الصندل وكثير من البهجة،

الصِبْية يبعثرون في الفضاء الشاسع الكلمات وخيوط الزعفران.

 

جاء المهرجون، القوادون، البصاصون، المرابون،

جاء الخيّالة والراجلون، النبّالون والسيّافون،

جاء حاملوا الصولجان،

جاء الوزراء بعباءاتهم وعيونهم الباهتة،

جاء المصارعون العراة الخائفون،

جاء الحاكم يحمل أبهته الحمراء،

جاء الموت،

من وراءه موت،

وراءه موت،

وراءه موت…….

 

 

7

أراوغ الكلام المستتر، خلاعة الوردة، صفير الخوف،

شهوة الساق

وشوشة اللسان

فناء السريرة،

خيبات العتبة.

 

بمخيلة عمياء،أراوغ نفسي أن تسمع فريد الاطرش في مقام رمل الماية1

قبل أن يتم الفجر دخوله في النهار.

 

 

8

سأسحبُ الليل من على رملة أركنو،

أمسحُ عنها غبار السهر

وعرق الأغنيات العاطفية.

كانت في صورتها المثلى

حجرا باردا،

عشبا طريا،

سرابا شهوانياً،

حكايات بطعم الهيل،

غرابا أبيض جميلا ،

سلالاً مليئة بخوخ الصبايا،

و جرابا مِن الجاهلية

مفتوح الجانبين.

 

المخيلة الفاسقة

أيقظتْ جعرانات البيت،

سرقتُ من على السرير

نكهة العروس،

و داعبتُ تحت نافذة الفجر

نهد السماء الأحمر.

 

 

9

بفرشاة ووقت مسروق من أغاني الحلازين البيضاء،

أخد الفتى يطوي في شراشف العشق

أبوابا حجرية بحواف من زمن مبلول،

تبَّة معشبة، أزهار أقحوان،

وأشجار بلّوط عالية،

تفوح منها روائح الشتاء،

 

وقبل أن تغمره رعشة الليلك،

قذف ماءه في الفراغ الشاسع وقال

ستكبر الغيمات

ويسقط المطر.

 

 

10

في حماسة تتنشق الفرس عبير المراة،

تسحب وراءها رداء القلق.

في يديها مشعل و كلام دائري.

 

 

11

مِن سرّتها يلوّح الخنفساء الكبير،

حاملا فوق رأسه حبات خرّوب يابس:

انهض أيها النهر ،

اسكب منيّك

على الأرض اليباب.

 

هذا يوم طهر

 

اضحكْ، اضحكْ

واجلسْ على سرير الريح.

 

أشجارك

تُزيّن الوادي ببجعات و طيور لقلق.

 

عاليا ارفع خوفك العتيق.

تظاهر أنك تنصت،

ما تقول الكائنات

عن أحلام الليل

وعن لعب الأشياء.

 

____________________________________

رمل الماية: هو مقام من المقامات المعروفة في شمال افريقيا، يرتكز على درجة الدوكاه ومن خاصياته الاعتماد على الجوابات.

 

مقالات ذات علاقة

سماواتنا

هود الأماني

يوجعني صمت القلم

منيرة نصيب

بقربك

عائشة المغربي

اترك تعليق