في ذكرى وفاة القاص “أحمد العنيزي” الـ10، نشر القاص “محمد العنيزي” على حائطة على منصة التواصل الاجتماعي الفيسبوك:
20 . 7 . 2009 ذكرى مرور 10 سنوات على رحيل الكاتب والأديب الليبي أحمد العنيزي
مجلة الآداب في شارع ( بوخمسين ) ..
بقلم : محمد العنيزي
أحمد محمد العنيزي
ص . ب 104
26 شارع بوخمسين ــ حي اخريبيش
بنغازي ــ ليبيا
عنوان لا يعني لك شيئا ياصديقي .. لكنه يعني الكثير بالنسبة لي ..لأنني أهتم بتاريخ الأسلاف الذين تسري دماؤهم في عروقي .. وأخترق بخيالي الزمن .. فأستحضر يومياتهم ..
دعني أسهب في التفاصيل .. من غير أن يصيبك الملل .. سأقول لك ياصديقي لماذا أهتم بهذا العنوان .. صندوق بريد .. شارع .. حي .. مدينة .. بلد اسمه ليبيا كان معدما تلك السنوات لكنه تأسس حديثا .. وحصل على استقلاله بقرار من الأمم المتحدة .. بعد جهود الآباء الوطنيين ..
الزمن عام 1955 .. منذ أكثر من ستين عاما
الشوارع صغيرة .. منها المعبد ومنها الترابي .. البيوت الطينية المتلاصقة تنبيء عن فقر السكان .. لكن الرقم 26 المكتوب في العنوان يدل على النظام .. في كل شارع لافتة تحمل اسمه .. وعلى كل بيت رقم يختص به .. كان ذلك في سنوات الخمسينيات من القرن الماضي ..
26 شارع بوخمسين .. حي خريبيش ..
هو منزل الجد الأكبر محمد العنيزي .. الذي ولد فيه ابنه اسماعيل ومن بعده ابنه محمد ثم أحمد .. جميعهم ابصروا النور في المنزل نفسه .. في ذات العنوان .. يقع المنزل وسط البيوت المتراصة التي حفرت رطوبة البحر جدرانها .. .. في شارع ( بوخمسين ) المطل على شاطيء البحر .. ومن خلف الشارع يقع جامع ( المدنية ) الذي بناه الشيخ سعد التباني القادم من تونس بجانب المنارة ..
مع مطلع كل شهر ..يصل ساعي البريد إلى هذا العنوان .. يقود دراجته .. يتأكد من اللافتة المعلقة عند بداية الشارع .. مكتوب عليها ( شارع بوخمسين ) .. يحمل الرسائل والطرود البريدية .. وعند المنزل رقم 26 يتوقف .. ليسلم لساكنه مجلة الآداب البيروتية .. ولابد أن الفرحة تغمر والدي ( أحمد العنيزي ) في تلك اللحظات التي يستلم فيها المجلة .. كان يهوى القراءة والإطلاع منذ شبابه .. يطالع كل ما يقع في يده من مجلات أو جرائد .. يقرأ الأدب العربي والعالمي .. ويتقن اللغتين الإيطالية والإنجليزية .. .. ينتمي لجيل الإستقلال .. الجيل الذي أسس لنهضة أدبية مع استقلال الدولة الليبية ..
كان أحمد العنيزي في عام 1955 يبعث باشتراكاته إلى مجلة الآداب البيروتية عن طريق البريد .. لشغفه بكل ما ينشر من جديد في المجلة التي تأسست عام 1953 في بيروت وترأس تحريرها الأديب اللبناني سهيل ادريس .. كانت المجلة شهرية .. من أكثر المجلات الثقافية انتشارا في الوطن العربي .. مليئة بالموضوعات الأدبية والثقافية وبكل عدد ملف خاص .. وفي العدد الخامس عام 1955 كان عنوان الملف ( لمن يكتب الأديب ؟ ) ..
من بيروت إلى بنغازي .. في شارع بوخمسين تحط مجلة الآداب رحالها حاملة معها أروع الكتابات الأدبية للنخبة المثقفة .. يتلقفها الأديب القاص أحمد العنيزي بشغف القاريء الجيد .. وفي الوقت ذاته كان ينشر قصصه القصيرة في مجلة ( هنا طرابلس الغرب ) الصادرة في العاصمة طرابلس .. رحم الله الأديب والكاتب أحمد العنيزي رحمة واسعة..