النَّافِذَةُ فمٌّ أهتمُ فاغرٌ أبدًا ..!
فكَّاها خاضعانِ لمشيئةِ الأيادي والنُّفوسِ ..
مسعَّرانِ لعبثِ الرِّيحِ..
النَّافِذَةُ فمٌّ لا تُشْبِعُهُ الرِّيحُ والضَّوْءُ والغبارُ ..
لا يُتْخَمُ بالهراءِ والخواء والهواءِ,
أذنٌ مواربَةُ على نميمَةِ الجاراتِ التي لا تنقطع.
مَسْرَبٌ فاتنٌ للأغنياتِ المترعَةِ بالوجدِ القديمِ..
النَّافِذَةُ عينٌّ فاغرةٌ على الشِّارِعِ الكهلِ..
مرصدٌ سِرِّيٌّ للتَّلَصُّصِ على الجيرانِ.. ومراقبة العابرين
النَّافِذَةُ مكمنٌ أثيرٌ للفضولِ ..
ممرٌّ مفضَّلٌ للذُّبَابِ والبَعُوضِ والقِطَطِ الضَّالَّةِ ..
وبذاءاتِ أولادِ الشَّوارعِ ..
النَّافِذَةُ برزخٌ شاغرٌ بينَ الـــ هنا ….والــ هناك ..
مَعْبَرٌ آمنٌ للنَّسيمِ الشِّفيفِ.. ولفحِ الهجيرِ..
النَّافِذَةُ أنينٌ مستمرٌّ تتقيَّأهُ مَفَاصِلُهَا الصَّدِئَةُ..
شكوًى أَبديَّةٌ من مناوشاتِ الأنسامِ والرِّيحِ والأيدي
صراخٌ دائمٌ من أصابعِ الفراغِ الخَشِنَةِ..
النَّافِذَةُ أغنيةٌ ممضوغةٌ عنِ الشَّوْقِ المُمِيتِ..
والانتظارِ المُذِيبِ..
أغنيةٌ مبتَلَّةٌ أطرافُهَا بكلماتٍ مَنْقُوعَةٍ في القهرِ..
أغنيةٌ لحنُهَا الخَالِدُ أنينٌ مفزعٌ..
كلماتُها الدَّاميَة ذكرياتٌ تحزُّ القلوبَ التياعًا ..
النَّافِذَةُ تحفظُ غيبًا وجوهَ العابرينَ..
تحفظ أجنحَةَ العصافيرِ عن ظهرِ رفرفةِ..!!
النَّافِذَةُ التي كلَّمَا وَارَبَتْهَا الأنامِلُ تأَوَّهَتْ .
كلَّمَا ناوشَتْهَا أساورُ الحِسَانِ أَنَّتْ..
النَّافِذَةُ التي كلَّمَا استنزفها الفراغُ والصَّمتُ والخواءُ
لفَّت ضفَّتيها حولَهَا .. أمسكَتْ مِزَلَاجَهَا
وَطَفِقَتْ تَبْكِي ..
تئنُّ حدَّ التَّهَشُّم ..
وتمنَّت لو أنها عادت جذعًا في شجرةٍ ..
النَّافِذَةُ المزروعة بأعينِ النساءِ المدمنَةِ التلصُّصِ
صارت عينًا فاغرةً ..
عينًا ساهرةً ..
عينًا مزمنةً على الخارج والداخل..
عينًا لا تغلقُ..
لا تغفلُ ولا تنام ..!؟