حوارات

الصحفية والشاعرة والقاصة: نيفين الهوني.. روح امرأة تتدافع للنصر.. لعلو لا يهوى

الصحفية والشاعرة والقاصة: نيفين الهوني.. روح امرأة تتدافع للنصر.. لعلو لا يهوى:

نعم لازلت أعاني ولكني أرفض السكوت!! ولا أراني في حاجة إلى الاستشهاد لأثبت أنني وطنية حتى النخاع

نحن دائما في الوسط الإعلامي والثقافي مطالبون، وأبدا ليس لدينا أي حقوق..!

أنا مؤمنة بأن النقد في ليبيا لا يصنع شاعرا عظيما ولا ينهي تجربة أيضا

الهمس سيظل في حياتي مشروع فلست أؤمن بوجود من يستحق

نحن في بنغازي أسرى قرارات الأمناء المزاجية والآنية

حاورتها: عفاف عبد المحسن

الشاعرة: نيفين الهوني

حياتنا وكيف نرسمها، نحدد مساراتها، نبتكر لها ما يهيئها لإسعادنا أو هكذا نعتقد إننا نفعل، ويد قدرية حانية تارة، وقاسية تارة أخرى، تربت وتثقل وهكذا دواليك، وصديقتي رغم سني عمرها الشابة، داولتها الحياة وبذا صنعتها، تقوى عودها الغصن قبل أوانه، اخضر وأثمر، نضجت عمريا وخبراتيا ولازالت زهرة في أكمامها.. لم تبخل بأريج الفوح، وعبق البوح على مهنة اختارتها منذ الطفولة، حكاية عميقة ورشيقة، قلم لا يعرف انحناءات وخروج عن السطر، حركة نشيطة تهيئ للناظر أنشط نحلة، لا تعترف إلا بعفا النوار مرتع لعسلها الجني، نيفين الهوني التي كتب ردا على مقالتها الأولى عام 1992 بمجلة لا ذيل بالأخت الكاتبة وهى بعد في مرحلة التعليم الأساسي ترى كيف سيرد عليها الآن بعد تخرجها عن كلية الآداب بجامعة قاريونس قسم الإعلام شعبة صحافة وتدرجاتها العملية المهمة بين تحقيقات صحفية ومتابعات إخبارية، واستطلاعات رأي عام، بل وقلم أدبي يتماوج بين قصة قصيرة وبراحها، وقصائد طويلة ومتوسطة وومضة..

الشاعرة التي كتب عنها الأديب والشاعر جابر نور سلطان في تقديم ديوانها (أنثى لا تشبه إلا نفسها مسكونة بالنار، وبالأحكام العرفية، وبقوانين الطوارئ، لكنها دائماً تخترق حظر التجّول، وتخرج لسانها للعسس.. علانية تصخب ونهارية تضج ، هي التي لم يرها أحد ” لم يصافها أحد ولا يمكن لأحد أن يدّعي معرفتها ” إلا حين يقرأها هنا عبر هذه المساءات الثلاث)..

نيفين الهوني تواصل عقد السجنجل بإعداد برامجي مميز للإذاعتين المسموعة والمرئية.

وبعنفوان الفتاة الليبية تشمخ بقدراتها بين زملائها وزميلاتها لتتوج ثقة الآخرين، فيها مع ثقتها بنفسها لتكون أمين النشاط برابطة الصحفيين والإعلاميين بشعبية بنغازي.

مساحة على وريقات قد لا تكفي كما لم أكتفي بحديث إذاعي معها التهمت الموضوعات به الوقت ولم نمل، وتفاعل معها المستمع فكيف بالقارئ، تلك هي الصحفية والشاعرة والقاصة نيفين عزالدين الهوني.

– كيف صقلتك الحياة وهل بدأتها بدفع أسرى أم اكتسابات عملية؟

– قد لا تصدقين ولكني كنت احلم بأن أكون صحفية منذ كان عمري 9 سنوات، إثر مشاهدتي لفيلم عربي قديم كانت بطلته صحفية، بعدها بعام بدأت أكتب قصص للأطفال على اعتبار أنني كبرت وأصبحت في الصف الرابع الابتدائي، وكنت أقرأها على إخوتي الصغار وأصدقائي، حيث أن معلماتي ومعلميني على مدى سنوات دراستي كانوا دوما يشجعوني، إلى جانب أمي التي كانت تساندني دوما، أيضا كنت مشتركة في كل المناشط المدرسية، مثل جماعة الإذاعة وجماعة المكتبة، وكل المسابقات المدرسية الخاصة بكتابة القصة القصيرة.

في الصف الثالث إعدادي كتبت أول مقال بعثت به إلى مجلة لا كان بعنوان (أين القانون) نشرت بتاريخ 1- 8- 1992 في الصفحة السادسة عشر على اثر تجربة شخصية مررت بها توقفت المجلة عن الإصدار في ذلك الوقت ثلاثة أشهر ثم صدرت بتاريخ 1- 11- 1992 وفي الصفحة 73 وجدت ردا على مقالتي يقولون فيه إلى الأخت الكاتبة نيفين الهوني لحظتها صممت على إكمال المشوار رغم صعوبة الأمر حيث أن والدي كان يعارض فكرة دخولي المجال الأدبي والصحافة خصوصا رغم أنه عمل بهذا المجال فترة السبعينات وبداية الثمانينات وتركه منذ ذاك الوقت، ربما كان يعلم بأنه مجال صعب ومتطلباته كثيرة.

– كيف كانت إطلالتك الأولى مع القصيدة ومن تزاحم معها عملك الصحفي، أم أعمالك القصصية؟

– إطلالتي الأولى كانت مع القصة حيث بدأت في فترة التعليم المتوسط بالمشاركة بالمسابقات الأدبية، وشاركت في عامي الأول في مسابقة النشاط لمرحلة التعليم المتوسط بقصة قصيرة وفزت على مستوى المؤتمر، أما في عامي الثاني فقد رأى معلم اللغة العربية إن موهبة أخرى، بدأت تنمو لدي وهى كتابة الشعر، فأصر على أن أشارك بقصيدة فصحى وطنية فازت على مستوى المؤتمر الترتيب الأول وعلى مستوى المدارس الترتيب الثالث، أما في عامي الثالث والأخير في المرحلة الثانوية فقد شاركت بقصيدة بالشعر العمودي بعنوان كلمات إلى مقتول من واقع تجربة ففازت على مستوى شعبية بنغازي بالترتيب الثاني عام(1995)

في المرحلة الجامعية توقفت سنواتي الثلاث الأولى عن المشاركة في أي نشاط ثقافي نظرا لتركيزي على الدراسة، ولكن كان الدكتور فيصل المقدادي يكتب عن موهبتي في الكتابة الشعرية والقصصية والنقد الأدبي في صحيفة الجماهيرية في زاوية مقداديات، ومن ثم تبناني وأقام قسم الإعلام أمسية شعرية عام ( 1999) وهذه كانت أول أمسية شعرية رسمية أشارك بها ويحضرها شعراء وأدباء وكتاب من شعبية بنغازي وقدمها في ذلك الوقت الشاعر صالح قاربوه.

بعد ذلك تزاحم عملي الصحفي الذي بدأته في صحيفة الزحف الأخضر منذ التخرج حتى أوائل عام (2002) مع هواياتي الأخرى والتي منها تعاوني مع الإذاعة المسموعة المحلية والجماهيرية كمقدمة برامج أطفال وبرامج ثقافية فوجدت انه على إما الانسحاب الكلى من الساحة أو الانسحاب الجزئي وهو النشر باسم مستعار فكان النشر باسم مستعار أفضل رغم أن لدي نصوص شعرية وقصصية في صحيفتي الشمس والزحف الأخضر باسمي.

بعد ذلك انتقلت للعمل في الهيأة العامة للصحافة تحديدا في صحيفة الشمس بقرار من د.عابدين الشريف الذي كان أستاذي في الجامعة وظللت حتى بدايات عام 2004 أنشر باسم مستعار لحماية عملي الصحفي من عملي الإبداعي في أواخر عام 2004 عندما وجدت أن العمل الإبداعي أعمق وأبقى ولا بأس إن تزاحم مع عملي الصحفي حيث أنني نسبيا ثبت أقدامي في الصحافة، أعلنت عن نفسي وبدأت أكتب باسمي من جديد وشاركت في مهرجانات لذا تجدين بعض الناس تعتقد أنني بدأت كتابة الشعر في (2004)

– كيف تعيشين أوجاع الولادة الإبداعية؟ وهل تتساوى عندك حالة الإرهاصات تلك في ألوانك الثلاثة (صحافة- شعر- قصة) أيهما تشعرين أنها أقوى مخاضا؟ أو روعة أو سرعة انبثاق؟

– لكل مجال طبيعته ووظيفته فكل شيء اكتبه وفق خطة أو غاية محددة، عدا الشعر حيث لا يخضع لأي موعد مسبق، ولا يمكن وضعه ضمن خطة، فهو لا يستأذنك عندما يحين.. وأحيانا أبقى شهورا لا أكتب نصا..

أما الكتابة الصحفية فهي وليدة المهمة أو التكليف، بمعنى المهنة أو الوظيفة.

أما عن أقواها مخاضا فإنني لا أحب الولادات المتعسرة لذا أكثر الولادات روعة وسرعة انبثاق هو الشعر لأنه حدث عفوي سريع، وإن لم يخرج هكذا ببساطة فإنه لن يخرج أبدا.

الشعر شيء في نفسي يريد أن يعلن عن نفسه، ولا يزال مثلما أتاني أول مرة يراودني فأعانقه، أحيانا أكون نائمة فأصحو قلقة، لأعلم أنه الشعر جاء ليلا ليدق بابي ويقض مضجعي، فاستقبله بلهفة حبيب لحبيبه، وبشوق أم لرؤية وليدها الصغير.

– لماذا همس المساءات الثلاث؟ ألم تشعرين همسا يداعب حياتك طفلة ومراهقة وشابة إلا عبر تجربة المساءات اللغز؟

حين أتيت

كان قد حل المساء

ساد السكون

وانطفأت

قناديل النظر

حين أتيت

كانت بلابلي

رحلت

ويئِس الانتظار

فطوى

دفاتره

حين أتيت

سجدت مدن الجنوب

عند قدميك

ورفضت أمنياتي

السفر

حين أتيت

كنت قد تمنيت

رفيقاً لدرب طواه الخجل

وعندما رحلت

همست…

كيف سترتضي

لأمسيات آخر

أن تجئ باكراً

دون أن أكون معك

فتأتي مطفأة النجوم

وكيف ستسمح للذكرى

بأن ترحل

لتتناثر على التخوم..

عندما رحلت

كنت أعلم منذ البداية

أنَّ هذي اللحظة ستنتهي

وضوء الذكرى يوماً سينطفئ

وتساءلت

لماذا

يعبرني كل رائع في الحياة

ويمضي صامتاً

فأعود آخر المساء

خالية الوفاض..

لأنهن ثلاث مساءات صامتة لازالت ذكراهن في حياتي أمل الهمس في حياتي مشروع لقصيدة متى أتممتها انتهى دوره بالنسبة لي، وأعتقد إن الهمس سيظل في حياتي مشروع فلست أؤمن بوجود من يستحق…!

– متى شعرت نيفين أنها تريد التوقف؟ وهل كان هذا الشعور بسبب انتقادات وجهت لقلمها ولونها الإبداعي.أم أنها رغبت في استراحة محارب؟

– شعرت بأنني في حاجة للتوقف عندما زاحمتني الكثرة، وأرهقني العمل، حيث أننا في واقع يتطلب منا، مراقبة الأساليب الجديدة، ومواكبة التطور الحضاري، والتفاعل مع ما هو مطروح، لبناء صرح إعلامي ثقافي إنساني، ولكني تراجعت عندما اقتنعت بأنني لولا هذه الكثرة في حياتي، لكنت الآن إما مطوية في قوائم الموظفين، الذين ينتظرون مكافآتهم الشهرية، وإن لم يؤدوا عملا، أو ضمن من حولوا الوظيفة إلى موقع فخري يتباهون به ويتبجحون بألقابه فيها بدون استحقاق. لذا كانت استراحة المحارب.

أما الانتقادات فقد تعودت أن تكون حياتي منتقدة من غالبية الناس، ولكن هذه المرحلة بالنسبة لي مصيرية، وكينونتي حجر أساس في بناء المجتمع، قد يعتبره البعض غرورا ولكنها الحقيقة.

المشاركات الداخلية أو الخارجية ماذا تمثل بالنسبة للمبدع من وجهة نظرك؟ وما نصيبك منها؟

المشاركات الداخلية والخارجية تمثل دفعة للأمام فهي حافز للإبداع الحقيقي…

 أما نصيبي منها إذا كنت تقصدين المشاركات الخارجية بمعنى الدولية التي ترشحك لها الدولة (فلا تعليق حتى لا يقال عني(مشكلجية) علاقاتي محدودة وأصدقائي في الدولة ليس بينهم مسئولين أما المهرجانات الداخلية للشعبيات والمهرجانات الأهلية للجمعيات والمدن الصغيرة فأول مهرجان رسمي شاركت به كشاعرة كان مهرجان زلة عام 2004 وكانت مشاركة خجولة لا أعتقد أنها تركت أثرا، بعد ذلك أقامت لي رابطة الأدباء والكتاب بشعبية بنغازي بمقر المركز العالمي لدراسات وأبحاث الكتاب الأخضر أمسيتي الشعرية الأولى بعنوان (ما يخرج من القلب يجب أن يصل إلى القلب)

وشاركت أيضا في مهرجان زلطن 2005 وقد دعيت للمشاركة في مهرجان عنابة للشعر العربي بالجزائر ولكن بسبب إخباري بأنه لا مكان لمبيت الفتيات لم أتمكن من المشاركة وهذه الدعوة كانت بشكل شخصي عن طريق صديق ولا علاقة لأي جهة رسمية بها.

حاليا أنشر في أغلب المواقع العربية الالكترونية لذا توجه إلى الكثير من الدعوات للحضور والمشاركة في أمسيات تقيمها جمعيات أهلية أو خاصة أو حتى عامة ولكن القضية هنا أن الحضور يكون على حسابك الشخصي وهذا شيء مكلف…

فاغلب الدعوات التي توجه لشعرائنا لا علاقة للمؤسسات الثقافية في ليبيا بها، بل تكون عن طريق العلاقات الشخصية، أو بترشيح الجهة الداعية لك، وبالتالي رغم أن المشاركين بها يمثلون ليبيا في المشاركة، إلا أنهم لا يتحصلون على أي دعم من المؤسسات الإعلامية والثقافية، ويذهبون ليشاركوا ويعودون على حسابهم الشخصي، وهذه أزمة ليست خافية على أحد، ولكن الكل اتفق على تجاهلها، لان المؤسسات الثقافية لا تعير انتباها عن عمد لهذا الأمر.. نحن دائما في الوسط الإعلامي والثقافي مطالبون، وأبدا ليس لدينا أي حقوق..أيضا هناك قضية أخرى نعاني منها وهي أنه أحيانا عندما تأتيك دعوة خاصة للمشاركة في محفل ما لا يسمح لك العمل بالمشاركة فيه. سواء كانت المشاركة عن طريق اعتبارها مهمة عمل، أو حتى الموافقة على أخذك إجازة، وبالتالي تجدين نفسك مكبلة، محاصرة، ومخنوقة.

– هل معنى هذا أنك لست حرة؟ وأيهما تمارسين حريتك فيها أكثر الصحافة أم المجال الإبداعي؟

– إننا نتوهم أنفسنا أحرارا في كتاباتنا الإبداعية، فالحرية التي سخرنا لها صحفنا وكتبنا وأقلامنا، هي أصداء وظلال، استذكرناها شعرا وحبكناها قصة، وعالجناها كتبا ودراسة، ويظل هناك الوجه الآخر من القضية هو الالتزام بقوانين المجتمع والشرائع الإلهية، بحيث يصبح التقيد بها داخلي بمعنى الذاتية النابعة من المبدع، فالمبدع لا يحتمل القيود الخارجية، وتظل هذه القيود هي الأبقى،لأننا نؤمن بها، ولا نستطيع الحياد عنها، مهما ادعينا وطالبنا بالحرية.

أما في مجال الصحافة، فقد كان لدي في مخزون من الأحاسيس والمشاعر والاندفاع وراء العواطف، بالطبع هذا المخزون لم ينضب بعد لكنه في فترة سابقة كان أكثر تألقا وتأججا، فقد كان لدي اندفاع نحو مساعدة المواطن، اليوم أجدني قد أصبت ربما بالبرود، ربما بتبلد المشاعر، لم تعد معاناة المواطن تثيرني نحو المساعدة، رغم أنها تؤلمني.

ولكني لا أستطيع فعل شيء حيالها- حتى الكتابة- رغم أننا لسنا ممنوعين من الكتابة، ربما نحن نمنع أنفسنا ونقمع رغباتنا عن الاجتياح، لأننا تعلمنا النفاق وتعودنا لبس الأقنعة..

– القصيدة! تلك العالم السحري الذي اختلج في روحك وكتبتها دون إذن منك؟ بدأت أيضا أو هكذا كانت ربما وخلال الأعوام الأخيرة توثقت رؤيا نظمها بصيغ مختلفة بين خروج عن المفضي إلى فضاء التفعيلة ثم مساحات ومدارات الومضة والنثر؟ فأين قصيدتك؟

– قصيدتي هنا في قلبي..

إنني أجد نفسي في كل ما أكتب، لأنني لا اكتب إلا ما اشعر به، والكتابة الشعرية إحساس بالدرجة الأولى وهذا كما قلت لك سابقا كان شعار أمسيتي الأولى في مدينة بنغازي، حيث كانت الأمسية تحت شعار:(ما يخرج من القلب يجب أن يصل إلى القلب) ولكني يجب أن اعترف بأنني كتبت نصوص الومضة، لأثبت للآخرين بأنني أستطيع كتابة نص مكثف على شكل ومضة ،وخصوصا بعض النقاد الذين قالوا بان من لا يستطيع كتابة الومضة ليس بشاعر.

– على ذكر النقاد هل يمثل لك النقد قراءة أخرى لنصوصك أم قراءة مخالفة لها؟

– (لا) النقد ليس قراءة أخرى لنصوصي، فليس كل ما يقوله النقاد حقيقي، وهذه مسألة مألوفة، فبعض النقاد أدعياء يكتبون النقد لتحويل الأنظار عما هم فيه، أو لستر النقص الذي يعانون منه، وكم أتمنى لو توافق القول مع الفعل في كل ما يصدر عنهم.. فإحدى أهم الإشكاليات النقدية في الوطن العربي وفي ليبيا تحديدا تتمحور حول إيجاد معايير محددة لتقييم عمل أدبي ما، إلى جانب ما نلاحظه في المشهد الثقافي الآن من أخلاق زائفة، لنقاد وهميون، بمعنى أنهم يطلقون على أنفسهم ألقاب، ويقولون ما لا يفعلون، ويصدرون الأحكام ويقفزون إلى النتائج، دون دراسة ودون محاسبة لأنفسهم، فأحيانا تجدهم يرتكبون ذات الأخطاء، بمعنى إننا نعانى مؤخرا من مزاجية النقد ونرجسية النقاد.

ولكن ليس معنى هذا أن الأمر مطلق، فهناك نقد بناء، يسهم في إثراء الساحة الأدبية، وهذا بالتالي يسهم في إغناء المشهد الثقافي، ولكن يجب أن لا ينسى الجميع، إن ميدان النقد الأدبي شهد ويشهد بروز أسماء غريبة، لا تمت لساحة النقد بأية صلة، ولست هنا بصدد ذكر أسماء، ولكن هؤلاء النقاد لا يمكن حتى اعتبارهم قارئ متابع ،أو المعلق السريع في أحسن الأحوال.

وهذه الأسماء أساءت إلى الحركة النقدية كثيرا، وأثارت ولا زالت المشاكل من فوضى وادعاءات، بل أستطيع القول إن بعض هذه الأقلام، تكاد تزاول دور البلطجي الأدبي، فهذا يشتم كل اسم يعرض عليه بطريقة الحذلقة، وذاك بالتركيب البلاغي والمصطلح الفلسفي، فتضيع الفلسفة في الأدب، ويسخر من الأدب والفلسفة في آن واحد.

وآخر يستشهد في كتاباته ونقده بكلمات وجمل لآخرين، ويكتب في كل شيئ و يسمى نفسه ناقدا.

وليس معنى هذا إن كل النقاد سيئين، فهناك من يعتبر النقاد شماعة يعلق الشعراء والأدباء إشكالاتهم وكبواتهم وحتى فشلهم عليها.

 فويل للنقاد الجادين ممن يصولون ويجولون في ساحة الثقافة والأدب، فشاعر يبحث لنفسه عن مكانة في خارطة الشعر، وان لم يكتب عنه النقاد فهم متخلفون عن مسيرته ومسيرة الثقافة.

 وأديب يلعن النقاد لأنهم لم يبشروا بموهبته الفذة ،وهذا كله لان الناقد متهم أبدا إن لم يكتب عن أديب أو شاعر أو قاص ما يريحه ويرضيه.

وفى النهاية أنا مؤمنة بأن النقد في ليبيا لا يصنع شاعرا عظيما ولا ينهي تجربة أيضا.

– بماذا تشهدين للساحة الإبداعية الثقافية في بلادنا بكافة مجالاتها الأدبية؟ الصحفية الإذاعية؟ وعبر كل هذه القنوات الإبداعية الثقافي أين تجدين نفسك؟ وهل فيها إثراء حقيقي للحركة الثقافية ولبناء جيل تعول عليه لاستلام راية الإبداع في بلادنا؟

– لا شك أن السنوات العشر الماضية قد أنضجت مجموعة من تجارب الشباب ومن هم تجاوز مرحلة الشباب، أيضا لقد اختفت أسماء، وخفتت أسماء وتعالت أخرى. وأظن أن لكل من هذه الظواهر مبرراته، فهناك أصوات أعلنت عن نفسها بتوجس واستحياء وحذر، ورغم ذلك استطاعت أن تثبت لنفسها حضورا، وتلفت الانتباه رغم تعرضها للنقد والهجوم، إن صح التعبير.. في كافة المجالات ورغم أن هناك من يقول إن ليبيا تعيش مرحلة انحسار ثقافي برأي إن المشهد الثقافي والساحة الإبداعية الآن تعيش فترة اختمار إبداعي.

أعتقد أنني أجد نفسي في كل مجال لأنني أضفى على المجال ولا يضفى على وبالتالي نكهتي وبصمتي أتركها حينما احل أو ارحل، في كافة المجالات في الساحة الإبداعية

 نعم هناك إثراء فلدينا خبرات وكفاءات ومواهب رائعة، لكن السؤال هنا (هل أتحدث عن الأشياء التي تفتقر إليها الساحة الإبداعية أم المتطلبات التي وجب توفرها للمبدع حتى نستطيع المطالبة بإثراء الساحة الإبداعية؟)

– نيفين ! الصحافة. الكاتب المختزل عندما يشعر أنه يجب أن يسهب ماذا تمثل لك: القصيدة. الصحافة. القصة. الصداقة. الحب. المحكات العملية. الوطن؟

القصيدة:

هي متنفسي وعالمي الوردي الحالم، فالشعر ملاذي الوحيد، من معارك الحياة المهنية والصحفية، وأوجاع المواطن وانين المجتمع في بحثه الدائم عن سبل الحياة الكريمة.

الصحافة:

الصحافة الليبية تعيش الآن حالة مخاض ونحن كصحفيين في انتظار الوليد الذي نتمنى أن يكون مثلما حلمنا به ومثلما يجب أن يكون

القصة:

هي جنس أدبي يدين للصحافة بولادته وهى التقاطات لقصص واقعية مرت بنا أو مررنا بها في الحياة أو أفاق لأحلام نتمنى إن تتحقق.

الصداقة:

أتساءل دوما هل هناك صداقة وأين هي هذه الصداقة هذا ما يجعلني في ديواني الأول أقدم إهداء خاص إلى شخص ابحث عنه يقول نص الإهداء تتلاشى مخاوفي وتضمحل المسافات عندما تضئ ذكرى إحدى مساءاتي ليلة مليئة بسواد أفكاري لذا عندما أحس بأنهم ضدي أحاول البحث عنك لأنك بالتأكيد معي

الحب:

لماذا

يأتينا الحب فجأة

في المدن المجاورة

في طريقنا للتلاقي

من خلال الهاتف النقال

على أسطر المسجات

في غرف النوم

يأتينا الحب فجأة

فنموت خجلاً

ونحيا هزيمة

المحكات العملية:

إنني مدينة لتجربتي لكل الذين عرفتهم حتى خصومي وأعدائي لأنهم جعلوني أعيش عن كثب تجارب لم أكن عرفتها ففي ظل الظلم والألم تستيقظ فينا قوى كامنة ومواهب حقيقية تصقلها التجارب الحياتية والمحكات العملية

الوطن:

سألتني صحفية في حوار سابق- لم ينشر ولست اعلم السبب- عن الوطن فقالت أين الوطن من كتاباتك؟ أضحكني السؤال فقد كان نوعا من الاتهام المبطن وكانت إجابتي لا أراني في حاجة إلى الاستشهاد لأثبت أنني وطنية حتى النخاع أما عن حضرتك فإجابتي: إن معاناتي أو معاناة أي شخص مع ما يراه أو يسمعه ويعيشه أي مع الوضع الراهن للعالم اليوم اتخذ طابعا وجدانيا ذابت فيه شعاراتنا ومبادئنا وصرخاتنا لتأخذ طريقها في نصوص بين السطور وليس من الضروري أن أذكر هذه الشعارات والمبادئ في نصوصي أنني مللت من دروس المحفوظات التي يرددها بعض الشعراء في المحافل والمناسبات ليقال عنهم وطنيون وملتزمون إن أردت الغوص في نصوصي وخصوصا الجديدة فسوف تدركين المدى الإنساني والوطني الذي يجتاحني ويحولني دائما إلى إنسانة ثائرة.

– متى سيكون بين أيدينا مجموعة قصصية؟ ديوان شعري؟ كتاب يحوى مقالات تحقيقات حوارات؟ تأليف أو إعداد أو تجميع نيفين الهوني؟ مع ملاحظة أن المشهد العام أمامنا للنشر ومتاعب التوزيع لا يعد بالسهل بقدر ما هو ممتقع (وأقصد) الأفدح من الممتنع؟

– لدي مخطوط شعري بعنوان همس المساءات الثلاث ومخطوط قصصي بعنوان قصاصات مطبوعة.أما بخصوص متى سيكونون بين أيديكم فعندما يحيطني الكل (بمعنى نظام الشللية) من كتاب ونقاد وصحفيين وإعلاميين يعملون من أجل تكوين شبكة علاقات عامة لي، ويبشرون بي ويتنادون لمواكبتي والكتابة عني، وحمايتي والدفاع عن ما اكتب رغم رداءته.. عندما ينتقدون همسا كعجائز الأفراح كتاباتي، ويصفقون لؤما لي في المحافل، عندما يدعونني للمشاركة، ويصرحون كذبا للجميع بأنني من طلبت منهم ذلك، لحظتها بالإمكان أن يكون لدي ديوان شعري أو مجموعة قصصية وكتاب أما بخصوص النشر والتوزيع (فلا تعليق)

– إلى جانب المسؤوليات الكثيرة باعتبار أن الأديب والصحفي نيفين هو مثقل بمسؤولية قلمه تجاه ما يكتب ويحسب عليه وله وبه أنت الآن في سدة مسؤولية جديدة لطموحك ولثقة الآخرين بقدراتك كيف تجسدين تجربتك الأخيرة كأمين النشاط برابطة الصحفيين والإعلاميين؟ وهل حقـقت جزء من طموحاتك وأفكارك لإثراء هذه التجربة أم لازلت بعد؟

– في نحن الرابطة لدينا طموح ولكن تنقصنا الإمكانيات، ورغم ذلك تمكنا والحمد لله من عمل معرض للصور الضوئية للمصورين الصحفيين وكان الأول في شعبية بنغازي؟، حيث إننا تعودنا دوما على الحديث عن الصحفي ومشكلاته وحقوقه، وننسى هموم المصور الصحفي، الذي لا تتكامل المادة الصحفية دون صوره، التي قد تغنينا عن المادة الكلامية..أيضا كان لدينا في الدورة الإذاعية السابقة في إذاعة بنغازي المحلية برنامج (شبابنا المبدع) تحت إشراف رابطة الصحفيين والإعلاميين ومن إعدادي كأمين نشاط بالرابطة وهو عبارة عن برنامج يسلط الضوء على المواهب الشابة من الإعلاميين والصحفيين في شعبية بنغازي ممن يمتلكون مواهب إبداعية أخرى كالكتابة الأدبية من شعر وقصة ونقد و…الخ أو من المواهب الفنية كالرسم والنحت والغناء…الخ

الآن نحن بصدد التحضير لندوة عن الصحافة التقليدية وأوجه المنافسة بينها وبين الصحافة الالكترونية بالتعاون مع مكتب النشاط المدرسي بأمانة للتعليم بالشعبية.

نحن في الرابطة لدينا أفكار وطموحات كبيرة، ولكننا في حاجة إلى الدعم، حتى نستطيع تنفيذ ما نطمح إليه، وإننا هنا عبر صحيفتكم نوجه الدعوة إلى كافة الصحفيين والإعلاميين لتقديم مقترحات لمناشط بالإمكان تنفيذها عبر الرابطة فغاية طموحنا هي المساهمة في بناء صرح ثقافي إعلامي.. وخلق إبداعي يرتقي بالذوق العام ويربي الذائقة الأدبية والثقافية لدى الأجيال القادمة.

– هناك سؤال أخير يفرض نفسه لا يمكن إن أنهي معك هذا الحوار دون إن أسألك إياه وهو لماذا وإلى الآن لست معينة في أي جهة أو أمانة في بنغازي؟

– تشير إلى لسانها وهى تضحك لتقول: لان هذا طويل وطويل جدا. فأنا أرفض أن أتحول إلى قلم مأجور وهم يعرفون هذا تمام المعرفة فلماذا يتم تعييني.

– كلمة أخيرة

– شكرا لإتاحتكم لي هذه الفرصة للحديث وموفقين دوما.

متعة التحاور مع الممتلئين وعيا وثقافة لا تضاهيها متعة تجعلني أعانقها عبر الصفحات بكلمات لا تهدى إلا لمثيلاتها.. هي روح لامرأة تتدافع للنصر.. لعلو لا يهوى.. منسوج بتأن..

ليبيا اليوم / الاثنين 13 مارس 2006

مقالات ذات علاقة

خالد السحاتي: الكتابة بالنسبة لي حياة فسيحة

المشرف العام

الدكتور خالد الهدار : الوعي الجمعي لليبيين لا يبالي بقيمة الآثار

مهنّد سليمان

فتحي محمد مسعود: نحن نعرف كيف ندفن المواهب!

رامز رمضان النويصري

اترك تعليق