أَطِلْ غِيابَكَ
لا لومٌ ولا عَتَبُ
متى تذكّرَ
نايٌ أَنَّهُ قصبُ
ماكنتَ هارونَ لي
حتى أعاتبَه
ولست موساك
عَنِّي يسكت الغضبُ
هل شاغلُ الناس*
أجدتْهُ معاتبةٌ
قد عاد والشعرُ
مجروحٌ ومكتئبُ
فاطْوِ المكاتيبَ
لا وقتٌ لديَّ لِكَي
أزفَّ للنّارِ
ما لا يشتهي الّلهبُ
أكاد أغضي حياءً
حين أبصرها
فليسَ يسترُ
عُرْيَ الأَحْرُفِ الْكَذِبُ
شيءٌ من النُّبْلِ
كَمْ نحتاجُ في زَمَنٍ
لَا يَنْقَضِي أبداً
مِنْ زَيفِهِ الْعَجَبُ
شيءٌ يعيدُ لنا
ماضاعَ يَحْمِلُنَا
في راحتَيهِ
فيدنو للعُلَى سَبَبُ
يحكي وصيّة
مقتولٍ بِقَاتِلِهِ
كُرْمَى لغُصْنٍ
من الزيتونِ يرتَقِبُ
شيءٌ كأعمى
رأى الإنسانَ حيثُ مشى
فَخَفِّفِ الوطءَ
أُمٌّ ذا الثرى وأبُ **
شيءٌ كما قد بكى
من ليس يعرفه
يوماً غريبٌُ
وذو القربى به طربُ ***
تُضيُ بالنُّبل
لا بالشمس أنفسُنا
والْنُّبْلُ يروي
كرومَ الرُّوحِ لا السُّحُبُ
أطل غيابك لا ذكرى
تَحِنُّ لها
ما حنَّ يوماً
إلى أوراقه العنبُ
———————
*شاغل الناس المتنبي.
**الأعمى أبو العلاء المعري إشارة إلى بيته الشهير: خفف الوطء إلخ.
***يروى أنّ أحدهم كان مغتربا وقد مرّت به جنازة فبكى وتمثل بقول الشاعر:
يبكي الغريب عليه ليس يعرفه * وذو قرابته في الحيِّ مسرورُ
فقال له أحدهم أتعرف قائل هذا البيت فقال له لا.
قال قائله هو صاحب هذه الجنازة وأنت الغريب الذي بكى عليه وليس يعرفه وذلك المسرور بموته قريبه الذي ورث أمواله.