متابعات

التاريخ والأسطورة والفن ضمن حلقة نقاش بدار كريستة

حلقة نقاش بعنوان (إثنو ليبيا سردية الحرف واللون)

أقامت مؤسسة الحومة بالتعاون مع منظمة تفاصيل للتنمية مساء يوم الإثنين 13 يناير حلقة نقاش بعنوان (إثنو ليبيا سردية الحرف واللون) بفضاء دار كريستة بالمدينة القديمة طرابلس، وذلك على هامش اختتام معرض (إثنو ليبيا) الذي استضافه رواق بيت اسكندر للفنون من 7 إلى 13 من الشهر الجاري، بمشاركة كل من الكاتب والناقد “محمد الترهوني“، والكاتب والشاعر “حمزة الفلاح“، والفنانة التشكيلية الشابة “شفاء سالم” فيما تولى الكاتب والشاعر “رامز النويصري” إدارة دفة النقاش الذي لفت في مستهل مقدمته إلى أن خاصية الأدب والتعبير عن الكتابة قد أخذ مرحلة لاحقة فالكتابة تاريخيا تعد حديثة قياسا برسومات ما قبل التاريخ سواء الموجودة على جدران الكهوف أو المنقوشة على الصخور، وتابع النويصري بالقول : إن إثنو ليبيا يقدم رؤية مغايرة للتاريخ الليبي من خلال الغوص في الأسطورة، واستخدام الأدب لمحاولة البحث في جذور الأساطير والميثولوجيا الليبية، وحسب اعتقاد النويصري بأن هذه المحاولة تجيء من ضمن المحاولات الرائدة لرسم معالم الأسطورة الليبية عبر خلفية أدبية باعتبار أن محاولات الكتّاب والأدباء الليبيين في كتابة التاريخ الليبي ومحاولة بلورة الأساطير الليبية بصوغ أدبي روائي لم تُولي اهتماما كبيرا بهذا الجانب باستثناء تجربة الراحل الصادق النيهوم في رواية (من مكة إلى هنا).

وفي ضوء ثلاثة محاور ارتكزت أليات النقاش حيث جاء المحور الأول بعنوان التأسيس من شعرية تاريخ ليبيا إلى موت ألكسندرين تين في ليبيا، والمحور الثاني مدارات الثعابين الليبية التأسيس والأسطورة أما المحور الثالث فقد تناول لقاء الفن والأدب.

مواجهة النظام العالمي بمقومات الهُويّة
من جهته تطرق الكاتب محمد الترهوني إلى بواكير مشروعه عن الهُوية التاريخية لليبيا الذي يعود لنحو 10 أعوام من العمل موضحا بأن الجِدة في هذا المشروع هي جديدة بالنسبة لليبيا بخلاف العالم الغربي الذي يُطلق عليها -نص المحليات- مضيفا بالقول : إن الهُوية أصبحت من المسائل الإشكالية في النظام العالمي المعاصر، وسلب الهُوية طرح إشكالي للكثيرين من قارات العالم التي تقف على محك المواجهة مع الغزو الإلكتروني الحادث من خلال الوسائط التقنية الحديثة مثل منصات التواصل الاجتماعي والسينما وأجهزة الإعلام، ومن جميع ما يُستخدم اليوم لجعل العالم بهُوية وشكل وثقافة واحدة ما أدى إلى انحسار وتراجع أهمية الإرث والهُوية شيئا فشيئا ليُسمى القرن الحادي والعشرين بقرن المحليات فالمحليات التي تُدافع عن نفسها تجاه طغيان هذا المد، كما أوضح الترهوني أن المحلية لا تعني بالضرورة الاغراق في المحلية بقدر تعني تحويل المُقوَّم المحلي إلى مقوَّم عالمي في مواجهة النظام العالمي، وأضاف الترهوني قائلا: كذلك الأمر ينطبق على النص المحلي فهو نص جديد تم اختراعه بغية مواجهة هذه الهجمة الشرسة على الهُوية والإرث المحلي إذ يُسمى هذا النص نص متعدد التخصصات يتم فيه مقاربة قضايا المجتمع وأساطيره من خلال الأنثربولوجيا والإثنولوجيا والإثنوغرافيا والجغرافيا والتاريخ فهذا النص المتعدد التخصصات يكوِّن نصا واحدا يضم كل شيء ويُفسِّر كل شيء.

طالع هنا : حوار الطيوب مع الكاتب محمد الترهوني

الميثولوجية الليبية
كما قدّم الكاتب والشاعر حمزة الفلاح توطئة مقتضبة عن السرد مُبيِّنا فيها أن مدارس السرد كثيرة ومتنوعة كالمدرسة الوضعية الألمانية التي تركز على مشروع إحصائي يتوخى الدقة العلمية لفهم التاريخ وتفسيره وتحليله بينما تقف على نقيضه المدرسة المنهجية ومدرسة الحوليات الداعية إلى إقصاء التخييل القصصي وطبيعة السرد من أجل أن يقترب السرد للواقع لضمان شروطه العلمية واستمراريته، واستشهد الفلاح برأي يقول أن الرؤية للتاريخ لابد أن تجتمع على الحبكة معتقدا بأن ما يجمع كل التخصصات في التاريخ فمن خلال الحبكة يمكن الجمع بين أكثر من تخصص داخل النص، وأوضح الفلاح أن المقصد من الحبكة ليست الحبكة الروائية بالضرورة، وأضاف الفلاح أن اهتمامه بالأسطور يرجع لولعه بالأساطير والحضارات القديمة ومفاهيمها عن الأسئلة الوجودية حول الحياة والموت والألهة والعوالم السفلية والماورائيات، وأشار الفلاح بأن الأسطورة تؤكد على أن تاريخنا الليبي عميق جدا وجذوره ضاربة في القِدم، وتوقف الفلاح متسائلا عن سبب غياب المفاهيم الوجودية لتاريخ ليبيا مردفا بأن حتى اصطلاح الميثولوجيا الليبية لن نجدها في الكتب التاريخية، ويرى الفلاح أنه ارتأى من هذا المنطلق البحث في غمار هذه القضية والاشتغال عليها فموضوعات الميثولوجية رفيعة وشكل من أشكال الأدب الرفيع في الأسطورة المتسمة بطابع شمولي متعدد الموضوعات حول مسائل بدء التكوين وعالم الآلهة والشياطين، وأضاف الفلاح بالقول : بعد البحث وجدت بأن جذر الأسطورة الليبية قائم وموجود بحكم أن المحيطة بنا كالميثولوجيا الإغريقية والرومانية موضوعاتها وقعت في ليبيا.

طالع هنا : حوار الطيوب مع الشاعر حمزة الفلاح

الجسور بين الفن والتاريخ
بينما تحدّثت الفنانة التشكيلية شفاء سالم عن تجربتها مع إثنو ليبيا وتعاونها المثمر منذ مناشط تاناروت ببنغازي مع الكاتب محمد الترهوني مؤكدة على حتمية العلاقة التأصيلية للأدب مع الفن مشيرة إلى جهود الترهوني في أن تتماس كرسامة تشكيلية مع محطات من التاريخ الليبي، وحرص الكاتب محمد الترهوني على الانخراط بصورة مباشرة في عمليات التحضير والإشراف على الأعمال الفنية خطوة بخطوة، وأضافت شفاء أن اشتغالها على كل لوحة يخضع لمرحلة بحث تنظيري لاختيار موضوع العمل بعناية وجمع المعلومات الكافية عنه ومن ثم تأتي مرحلة تحويل فكرة العمل إلى صورة والتكوين الذي يحتاجه لكي تظهر القصة في صياغتها النهائية والكاملة، وأوضحت الفنانة شفاء بالقول : إننا حين كفريق حين نتعاطى مع التاريخ نتعامل مع حقائق قائمة على مصادر ومراجع موثوقة، وتابعت بالقول : مثلا حينما اشتغلت على رسم لوحة -العربة- بطبيعة الحال هي تختلف تماما عن أنماط العربات المصرية القديمة أو الرومانية لنُبرزمعالم العربة الليبية تتصل بدراسة قام بها البُحاث الفرنسيين استنباطا من رسومات أكوكاس فالعربة الليبية تبعا لتركيبتها مختلفة عن العربات الأخرى، وبالتالي كل لوحة فنية تتكئ على دراسات أنثربولوجية وتاريخية.

طالع هنا : حوار الطيوب مع الفنانة التشكيلية شفاء سالم

مقالات ذات علاقة

منصور أبوشناف: مشروعي الحقيقي النبش في الموروث المعرفي الليبي

مهنّد سليمان

احتفالاً باليوم العالمي للمتاحف مصلحة الآثار تفتتح مبنى القادة كمتحف دائم لمدينة شحات

المشرف العام

المنظمة الليبية للرحالات السياحية في ضيافة مدينة شحات

المشرف العام

اترك تعليق