أنور بو هجار القماطي
أُمِّي – رحمها الله – كنت أقول لها في حياتها أنتِ شمسٌ ولكن ليسَ من عَادَتِهَا في غيرِ آونة الضحى تَبْزُغُ أي: أنها بازغةٌ في حياتي في كل وقت وحين وعندما غادرت إلى الرحيم الرحمن قلتُ: ما عَهدْتُ الشَمسَ يكون بُرجُها نَعشاً بَينَ المَقابِر تَغرُبُ.
لكِ البِرُّ ولكِ الأشْعَارُ تَنْتَظِمُ
وَمِنْكِ نبْعُ الحَنَانِ العَذْبُ والنّسَمُ
عُذْرِيّةَ العَطْفِ يا أُعْجُوبةً نَزَلَتْ
على مَنَازِلِ خيْرٍ والهُدَى عَلَمُ
غَذَوْتِ مَجْرى دَمِي تقوى وعاطِفَةً
وأنتِ سَنَدٌ لِمَنْ قامُوا ومَنْ قَدِمُوا
وأنْتِ إِشْرَاقَةُ العيدِ الضَحُوكِ على.
مَنَابِعِ الجُودِ تُرْسِلهَا لكِ الغِيَمُ
فَاتِنَةُ عَصْرُكِ لَمْ تُشْبِهْكِ أُنْمُلَةً
قَدْرٌ وفَخْرٌ وحُسْنٌ زَانَهُ الفَخَمُ
قد عانَقَتْكِ المَعَالي وهي شَامِخَةٌ
وَلَظّ من دَعَوَاتِ الأُمِّ مُغْتَنِمُ
فكيْفَ يَهْنَا فؤادٌ وهو مُنْكَسِرٌ
إذْ قدْ تَسَرّبَ من شِرْيَانِهِ الألَمُ
أُهْزُوجَةَ الأُمِّ يا نَغَمَاً تَنَاشَدَهُ
جِيْلٌ وَعِيْدٌ فأصْغَى مَنْ بِهِ صَمَمُ
على الجَمِيْعِ قد انْسَابَتْ بِرَوْعَتِهَا
على خُطَاكِ بَنُوْكِ ساقَهَم نَغَمُ
فَلَمْ تُسَامِيْكِ في الأكوانِ غَانِيَةٌ
إلاّ وَكَنتِ حياةً دُونهَا العَدَمُ
أَلْهَمْتِنِي فَرَشِفْتُ الحُبَّ أَصْدَقَهُ
مِنْ مُقْلَتَيْكِ فأَحْيَتْ عِنْدِيَ القِيَمُ
وَكُنتُ أَكْتُبُ أَشْعَارِي مُقَطَعَةً
فَشعْرُكِ الأرضُ والأكوَانُ والاُمَمُ
هَلاّ سألّتِيْ كَيَانَاً كَانَ لي سَكَنَاً
أَحُسُّ فيه إذا أوَيْتُهُ حَرَمُ
لا لمْ يَكُنْ في حَنَايَا قَلْبِنَا سَكَنٌ
لِمُتَيّمٍ وَالَهٍ قَدْ مَسَّهُ لَمَمُ
أُهْدِيكِ أجْمَلَ ما جَادَتْ قَرِيحَتُنَا
فأنْتِ بَوحٌ حَوَاه الحبُ والشِّيَمُ