متابعات

عزة المقهور تقصّ يومياتها في غابات كندا

جلسة حوارية للكاتبة والقاصة “عزة المقهور” حول كتابها (سفر الغابة)

وسط حضور لافت أقيمت مساء يوم الثلاثاء 21 يناير الجاري جلسة حوارية للكاتبة والقاصة “عزة المقهور” على مسرح كاظم نديم بمعهد جمال الدين الميلادي للفنون والموسيقى وبرعاية الهيئة العامة للسينما والمسرح والفنون وذلك حول أحدث إصداراتها المعنونة (سِفر الغابة…يومياتي في غابات كندا الثلجية) الصادر عن منشورات مكتبة الفرجاني للنشر والتوزيع، وقد تولى الكاتبة الصحفية “سالمة المدني” إدارة وتقديم الجلسة فيما حاور الكاتبة “عزة المقهور” الدكتور “إدريس القايد، كما تخللت الحوارية تسليم درع جائزة كامل المقهور للقصة القصيرة الدورة الأولى لعام 2024م للقاص الفائز “إسماعيل القايدي” عن قصته (صغار الريح).

خصوصية التجربة
استهلت الكاتبة عزة المقهور حوارها عن الأثر والرسالة المرجوة من نشرها للكتاب بالإشارة إلى أنها لم تكن تتوخى من هذا الكتاب تمرير أية رسائل معينة بقدر ما كان الأمر حويصلة لسطور بوح بدأت الكاتبة بتدوينها على صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)فلاقت عنها الاستحسان والقبول من المتابعين والقراء مضيفة بأنها تجربة شخصية جدا بعيدة كل البعد عن الأماكن التي تنتمي إليها في ليبيا، وأردفت المقهور أنها زارت غابات كثيرة في مناطق مختلفة ومتنوعة في العالم بيد أن الغابة المعنيّة بكندا بدت مختلفة تماما أولا لكونها غابة شتوية وهي تختلف عن نظيرتها الصيفية فكتبت عن هذه الغابة التي تنخفض فيها درجات الحرارة إلى 30 تحت الصفر مئوية ما دفع بالكاتبة حسب حديثها لخوض تجربة المغامرة واقتحام أحراش تكلم الغابة برغم تحذيرات السلطات المحلية هناك موضحة بأن التجربة كانت مشبّعة بروح التحدي فهي لم تكن مجرد تجربة عادية أو محض نزهة بل تحولت بالنسبة للمقهور كنوع من البحث عن الذات واكتشاف أغوارها والتماس مع الهُويّة، وترى الكاتبة عزة أن الدافع الرئيس ربما لتجربتها مع ملامح حياة الغابة هي ما سمتها أزمة انتقالها الاضطراري من مدينة طرابلس نحو منفى الشمال بكندا مما هيأ ظروفا خاصة جعلتها تتصل بشكل مباشر وملموس مع الغابة بمفردها دونما رفيق يؤنس دربها لتكون في مواجهة مع ذاتها في مهب مجاهيل تلك الغابة تُحوِّطها أكوام الثلوج من كل اتجاه، وهي جزئية فيء المقابل لا تكاد تخلو من الخطورة وفق قول الكاتبة.

محنة فقدان الارتباط بالمحيط
فيما لفتت الكاتبة المقهور أن استحسان المتابعين والقراء على صفحتها لما تنشره من يومياتها في الغابة حفّزها على المضي قُدما في تسجيل كل ما تمر به من مشاهدات وهواجس وانطباعات تفرضها مقتضيات اللحظة الراهنة إذ كانت تحرص بصعوبة رغم شدة البرد على تسجيل أفكارها أول بأول خشية نسيانها، حيث أشارت الكاتبة المقهور إلى أن الغابة لا تضم أمكنة مخصصة للجلوس بسبب برودة الطقس فإذا توقف المشّاء عن الحركة سيكون فريسة سهلة للتجمّد، وتطرقت الكاتبة المقهور لمسألة الصمت كأحد العناصر المُذكية لجذوة التأمل الذي حفّز قدراتها على الوقوف عند تفاصيل الأمور ودقائها فرأت أنها أضاعت جزءا من عمرها داخل المدن التي حرمتها من أن تتماس مع مفردات الطبيعة وقاموسها الثري مؤكدة أن حياتنا الإسمنتية بالمدن أحدثت فجوة وانسلاخا بيننا وبين البحر والطبيعة فتحولنا إلى غرباء عن الأماكن نفسها وفقدنا الارتباط بالمحيط.

ملامح الثقب الأسود
بينما واصلت الكاتبة عزة المقهور بأسلوب سلس سرد جوانب من معايشتها لمجتمع الغاب إن جاز التوصيف مبيّنة بالقول : كلنا عشنا الثقب الأسود إبّان فترة الحرب في ليبيا بدرجات متفاوتة كلٌّ وتجربته، والاخضرار الموجود في الغاب أقرب إلى السواد ولعل الاخضرار في فصل الصيف يظهر بصورة جلية بيد أنه يميل للسواد في فصل الشتاء فبعض المسالك بالغابة حينما يلجها المرء تتوارى فيها أشعة الشمس تماما ليجد المرء نفسه محاصرا أمام مخاوفه، وتضيف أيضا قائلة : ولا تأنس نفسي حتى ألمح قبس ضوء ما يلوح في الأفق فتمنحني هذه الإضاءة السكينة فيّ، وكذلك نوهت الكاتبة عزة إلى أن ملكة الفراسة تتنامى لدى الإنسان كلما توطدت أواصر علاقته بالطبيعة فثمة ارتباط بين الثقب الأسود والغوص في الأعماق، وأشارت أيضا إلى أنها أثناء سيرها بالغابة كانت تصيخ السمع لبعض الهمهمات والسكنات ما يُوحي لوهلة بوجود كائنات حية أخرى تراها وترصد خطواتها فمتى ما التفت لا ترى شيئا ملموسا يُعزز هذا الايحاء، وحسب الكاتبة علاقتها بالبحر أكسبتها القدرة على الشعور بالخطر وأين يضع الغائص خطوته ومتى يتراجع كل هذه المشاعر استدعتها الكاتبة عندما كانت تمارس تأملاتها في الغابة.

مقالات ذات علاقة

حوارية تطرح تساؤلاتها عن تأثير قراءة الكتب والبيئة

مهنّد سليمان

الشقيقتان الأسطى توقعان الأمثال الطربلسية في القبة الفلكية

مهنّد سليمان

جامعة طرابلس تمنح أعلام ليبيا شهادة الدكتوراه الفخرية

مهند سليمان

اترك تعليق