عمر رمضان
هي من أشهر شخصيات ” السيرة الهلالية ” جمالا وأفعالا ودلالا وأقوالا
وتقول السيرة إنها ” الجازية بنت السلطان سرحان بن علي الهلالي ” وأخت السلطان حسن بن سرحان الهلالي وقد عرفت ــ في السيرة ـــ بجمالها الساحر وعقلها الباهر حتى قالوا إن والدها قد جعل لها مع أخيها ” ثلث ” السلطان وجعل لها رأيا مسموعا في كل أمور السلطنة واسم ” الجازية ” جاءها إما تشبيها لها بــــ الغزال فهو يسمى ” الجازي ” وكثيرا ما قال الشعراء عن العيون الفاتنة ” عيون الجازي ” وإما تشبيها لها بالشمس التي من أسمائها ” الجازية ” وإما تفاؤلا لها أن تكون ” كافية ” لكل ماتقوم به من صعب الأمور وأن تكون ” عديلا ” مساويا لكل من يقف أمامها كائنا من كان.
وكانت معروفة بـــــ شعرها الذي يتدلى حتى تفترش منه جزءا وتتغطى بالباقي وكانت تجعله ـــ أحيانا ــ على شكل ” ظفائر ” أو ” قرون ” كما هي تسمية “الظفيرة ” عندنا وكانت هذه الظفائر ثقيلة طويلة حتى قالوا إنها كانت تتعب ” الجمل ” بثقل ظفائرها عندما تركبه وقال فيها شاعرهم
( الجازية الحرة شوق يامادونها / بنت الحسب زينة اولاد هلال
ادعدع جملها من مثاني قرونها / وتما جملها بالعرق سيال
وشعشع غزلها من معاني عيونها / وسحر المعاني في العيون حلال ).
وكانت معروفة بـــــ الحكمة والعقل الثامر العامر وإليها يرجع الهلاليون في ” المشورة ” والتدبير وهي مع جمالها ودلالها يغلب عليها الجد حتى تذمر منها ” بوزيد الهلالي ” رغم صبره وعقله وتحمله فقال لها شاكيا منها
( انتي ماتجينا غير بالكد والنكد / ولايوم جيتي جايبة الافراح
مرة على غزو ومرة على مدد / ومرات هذا مات والا راح
وكل يوم مرحولنا ماشي في مدد/ وكل يوم منك ننزلوا مطراح )
ورغم ذلك فقد كان في تصرفاتها شيء من الغرابة حتى تهامس بعض الناس بأنها ” مفلوتة ” لا يردها أحد ولا عقل وحتى اتهمها بعضهم ـــ هامسا ــ بأنها ” مجنونة ” فقد كانت في العزاءات والمآتم تذهب بثياب الحداد ومظهر الحداد مرات ويظهر عليها الحزن والتأثر وكانت في مرات أخرى تذهب بشكل ظاهره حزين ولكن ملامحها لا تدل على حزن بينما هي في مرات عديدة كانت تذهب إلى العزاء متزينة ولابسة أحلى ملابسها ولا يبدو عليها حزن في ظاهرها ولا في باطنها حتى وصل الخبر الذي يتهامس الناس به إلى السلطان أخيها حسن فاستدعاها وسألها
ــــ (انتي شن ها العجب اللي ادّيري فيه / ماتعرفي فرح الحيا من نكودها
…. تمشي للعزا مكحلات عيونك / تقول ماشية للعرس ساعة سعودها
… وتضحكي قدام العرب والناس تبكي / والناس تحكي وايش عندك ردودها ؟ )
ولكنها لم تستغرب السؤال ولم تغضب من السائل وإنما ابتسمت وهي تقول
( ثلاثة من الناس ياهلالي بوعلي / عليهم تنق العين كاثر غريدها
الاول / يعرض براسه ويطفي النار يلهلب صهيدها
والثاني / يفرح بالضيف اليا لفى / امنين الرجال صب الماء ع الما يكيدها
والثالث / خفيف النفس مطلوق اللسان / ياخذ بحقه وحق من يريدها
والباقي ياحسن يابوعلي
غير بصيص خير من العمى
جيابة عويل ….. ووكالة عصيدها )
وتبرز حكمتها وحنكتها حين اشتكى أولاد هلال من الجدب والقحط الذي حاصرهم وقتل ماشيتهم وضيّق حياتهم وذهب براحتهم فدخلت ذات دمعة على اهلالي بوعلي فوجدته ومعه أهل مجلسه يتبادلون الرأي في حيرة ونكد بينما كان المؤذن يدعو لصلاة الجمعة فــــــ رمتهم بنظرة غاضبة وقالت تاطب السلطان
( انسيتوا كلام الله ياخوي ياحسن / تميتوا على العفنة اصفوف اصفوف
والجمعة الغراء نسيتوا صلاتها / وطبتوا على اوكال الحرام ارهوف
والقرية بعــــــد ياذن الله بخرابها / يسلط عليها قلة المعروف )
فــــــــ خرجوا إلى الصلاة
وخرجت هي إلى بيتها وهي تحس الراحة لأنها أدت ماعليها