بوابة الوسط – (النائلي أحمد)
انطلقت يوم السبت حملات الترميم والصيانة لمدينة هون القديمة بمشاركة جميع أعضاء مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية بهدف إعادة بناء الشوارع الرئيسية والأزقة والأقواس التي أثرت عوامل الزمن فيها. وتسببت عوامل طبيعية في حدوث تصدعات غيرت بعض الملامح الرئيسة لآثار وشوارع المدينة القديمة.
وتبنت تنسيقية مؤسسة المجتمع المدني بهون وجمعية ذاكرة المدينة للتراث حملات الصيانة، إذ خصص كل يوم سبت من العام الجاري للمدينة القديمة بهدف إحياء شكلها العام وإعادة تأهيلها على طرازها المعماري الأول لربط وخلق التواصل التاريخي بين الأجيال وتعريفهم ببلدتهم التي يعود تاريخ انشاؤها إلى أكثر من مائة وخمسين عامًا.
وقال رئيس التنسيقية فرحات أحمد فرحات إن المشاركة في بداية هذه الحملة كانت متواضعة، «ولكن نأمل أن تتسع دائرة المشاركة من جميع الأهالي للتعاون بقدر المستطاع من الجهد على مدار السنة».
من جانبه، نوه مدير مكتب الثقافة وعضو جمعية ذاكرة المدينة عبدالله زاقوب إلى أن برنامج صيانة المدينة يأتي ضمن نشاطات وفعاليات الجمعية وبمشاركة بعض المؤسسات الأهلية والحكومية في حملات النظافة وإزالة بعض الركام وتوفير جزء من الاحتياجات من الآلات والمعدات للمساعدة.
وأضاف أن الهدف من هذه الحملات هو «المحافظة على الجوانب التراثية والتاريخية وتعريف الشباب بها ومدى أهميتها».
ويوجد بالمدينة القديمة عدد من المعالم التاريخية والدينية مثل الجامع العتيق والزاوية السنوسية والمعهد الديني ومنازل الشهداء والمجاهدين والكتاتيب.
ودعا زاقوب وزارة الثقافة ومصلحة الاثار وجهاز المدن التاريخية إلى تقديم الدعم المادي والمعنوي وللنهوض بالمدن القديمة في كل ليبيا، مشيرًا إلى أهمية مدينة هون القديمة «لما لها من دور تاريخي هام بشهادة علماء كبار مثل محمد محمود الشنقيطي ومحمد السوقي وعبدالرحمن الخازمي، وكثيرين ممن استقروا فيها لفترة وتركوا فيها بصمة كبيرة جدًا، خصوصًا في مجال التعليم الديني».
وعن أبرز معالم هون، يقول زاقوب، وهو أديب ومهتم بشؤون التاريخ، إن الجامع العتيق هو مركز مدينة هون الرئيسي، وأن المدينة قُسمت إلى أربعة أرباع؛ كل ربع كان يديره شيخ الربع، «وهو تقسيم اداري توافق عليه الناس وكان كل شيخ مهتم بالجوانب الاجتماعية والعرفية والتواصل مع الجهات الحكومية عبر الزمن منذ العهد العثماني ثم السلطات الايطالية ثم الاستقلال وما بعدها».
وشيخ الربع يوازي شيخ المحلة الان يهتم بكل الجوانب للناس الواقعين في ربعه، «وهي تقسيمات ساهمت في التواصل الاجتماعي والتوافقات، وعندما يجتمع شيوخ الأرباع يحلون الكثير من المعضلات والمشاكل الداخلية، وكان يوجد أيضًا في التقسيم الإداري مدير الناحية ثم المتصرف على مستوى الدولة الليبية عبر الزمن»، بحسب زاقوب.
ويتحدث مدير مكتب الثقافة بالمدينة عن أن شيوخ المساجد والكتاتيب كانوا مثل مجالس الشورى، يجتمعون بشكل دائم فيما لو حصلت معضلة تتوافق عليها كل المكونات سواء الدينية أو الاجتماعية لحلها.
كما أشار الخبير وعضو لجنة جمعية ذاكرة المدينة مصطفي محمد عبداللطيف إلى أن عملية الصيانة والترميم تتم بما يتلائم والبناء القديم، وأن طريقة الترميم تجعل الجدار المرمم متماسك من عشرة سنوات الى 15 سنة وبعدها تحدث عمليات تشقق بسيطة، «لذا لابد من إجراء عمليات ترميم جديدة كل فترة زمنية معينة».