من أعمال التشكيلي معتوق أبوراوي
قصة

هذا هو الشعر

من أعمال التشكيلي معتوق أبوراوي

أقبل حاملا في يده المجموعة الشعرية” دفء الابتهال، في حضرة الدموع و الاشتعال” يلوّح بها، إعجابا، و يتحدث عنها، كمن اكتشف كنزا، لا يعرف بوجوده غيره !

قال لي:

منذ مدة طويلة، لم أرقص فرحا و أنا أقرأ كتابا، إلا مع هذه المجموعة الشعرية الرائعة، التي تكاد لا تفارقني هذه الأيام !

*     *     *

أشعلت سيجارة، و نفذت الدخان عاليا، في فضاء امتد أمامي، و تراءى كأن ليس هناك ما يحده.

تذكّرت الصديق، و الشاعر، تذكّرت الكتاب، و . . تذكّرت الأثنين معا، تذكّرت، محمد الفقيه صالح، المحنة القاسية، عذاب المرحلة، ضريبة الوعي بالوطن، و بقيمة الثقافة و الإبداع، و ثمنا للتطلّع إلى مستقبل أروع، لاح في الأفق، لفترة، ثم غاب، في عبثية قاتلة، و غفلة مؤلمة من غفلات التاريخ !

*     *     *

تذكرت كل ذلك. و تراءت أمام ناظري، حادثة بعينها، كانت ساكنة في الأعماق، أفاقت فجأة و برزت على سطح الذاكرة، فأسرعت بالقول، و أنا ألتفت إليه:

لقد فعلها التليسي قبلك أيضا، نعم، لقد فعلها، بشكل أو بآخر، لقد كنت شاهدا على ذلك !

*     *     *

و عندما تأملني، صامتا و متحفّزا، و منتظرا للمزيد من الإيضاح، قلت له بود ظاهر:

في أمسية شعرية، مبهجة، لا تنسى، قرأ فيها محمد، قصيدته الشهيرة، و المعنون بها هذه المجموعة الشعرية الأولى، التي بين يديك الآن، “دفء الابتهال، في حضرة الدموع و الاشتعال”،

و في اللحظة التي أنهى فيها قراءة القصيدة، انتفض الرجل الكهل واقفا من على كرسيه، بحماس، كمن يريد أن يرقص، لولا وقار اجتماعي، لابد أنه منعه من ذلك، و قال بتوتّر و انفعال، وكأنه وجد شيئا افتقده لزمن، وكاد أن ييأس من الحصول عليه:

هذا هو الشعر، نعم هذا هو الشعر الحقيقي الذي نبحث عنه !

مقالات ذات علاقة

خطيئة تسير على قدمين

المشرف العام

الإقصاء النهائي عن الكلام

رضوان أبوشويشة

العالم ينتهي في طرابلس

عائشة إبراهيم

اترك تعليق