طيوب المراجعات

كتاب جديد… يرصد معوقات إدارة الصراع ديمقراطيا في ليبيا

ليبيا المستقبل

كتاب معضلة الديمقراطية في ليبيا

صدر في تونس للكاتب  التونسي، ماجد البرهومي، كتاب بعنوان “معضلة الديمقراطية في ليبيا” عن دار آفاق برسبكتيف للنشر. والكتاب مهدى، بحسب المؤلف إلى “كل شريف رفض استعمال تونس كقاعدة للتآمر على ليبيا وتدميرها ونهب ثرواتها والتلاعب بمصير أبنائها”.

“معضلة الديمقراطية في ليبيا”، حسب تصريح البرهومي لـ”ليبيا المستقبل”، اليوم الأحد 9 أبريل 2017، هو دراسة بحثية اعتمد فيها على جملة من المراجع الليبية والتونسية والأجنبية. وينقسم إلى الكتاب إلى جزئين، جزء أول يتضمن معوقات بناء نظام ديمقراطي في ليبيا، على غرار القبلية وفوضى السلاح ووجود أطراف سياسية رافضة لتكريس الديمقراطية وغياب الأحزاب العريقة والمؤسسات ومنظمات المجتمع المدني القوية وغياب الرغبة في المصالحة بين القديم والجديد، وجزء ثان، يتعلق بمحفزات بناء نظام ديمقراطي حقيقي في ليبيا وهي جملة من العوامل يمكن البناء عليها في المستقبل على غرار الثروات الطبيعية التي ستجعل إعادة إعمار البلد أمرا ممكن التحقق والموقع الجغرافي المتميز القريب من أوروبا الغربية والأسطول السادس الأمريكي الأمر،الذي يجعل الغرب حريصا على استقرار ليبيا ولو بعد حين اتقاء للإرهاب والهجرة السرية، كما أن هناك نخبة ليبرالية تقدمية مثقفة في ليبيا يمكن الإعتماد عليها في عملية البناء.

ويدعو المؤلف التونسي، من خلال كتابه، إلى ضرورة “تشريك النظام السابق إثر مسار حقيقي للعدالة الإنتقالية، لأن تجاهله سيجعل ليبيا نسخة مطابقة للأصل للعراق الذي لم يعرف الإستقرار إلى اليوم”. وخصص المؤلف جزء من كتابه لمقالات صحفية كتبها في الشأن الليبي نشرت في جريدة القدس العربي اللندنية والمغرب التونسية وأيضا في موقع إيلاف الإلكتروني. وحسب تصريح الكاتب التونسي، فان اعادة  نشر هذه المقالات تأتي كآملا منه بأن يدفع هذا الكتاب التونسيين لنقاش جدي حول الأزمة الليبية، معتبرا أن المساعدة على حل الأزمة التي تعاني منها ليبيا منذ سنوات، هي مسؤولية جميع التونسيين كل من موقعه، لأنه لا معنى لأي نجاح للعملية السياسية في تونس مادامت ليبيا تعيش الفوضى ولم تجد بعد توازنها المنشود في منطقة يترابط أمنها القومي.

ويرى البرهومي، في مقدمة كتابه أن الديمقراطية ليست “بدعة غربية” كما تسوق لذلك تيارات دينية متطرفة، بل هي نظام حكم قديم عرف في بعض أمم البحر الأبيض المتوسط والتي من بينها حضارات يجوز اعتبارها شرقية. فالإغريق الذين يصنفون كغربيين تأثروا وأثروا برأيه في المجتمعات الشرقية القديمة، والحضارة الهيلينستية التي أرساها الإسكندر الأكبر دمجت بين شعوب من مشارق الأرض ومغاربها حتى استحال الفصل بينها ثقافيا، وبالتالي لا يمكن بأي حال من الأحوال اعتبار حضارة الإغريق المتوسطية التي نشأت صلبها الديمقراطية حضارة غربية رغم وقوع اليونان جغرافيا في القارة العجوز.

كما أن جمهورية قرطاج والتي عرفت نظام حكم تم الإتفاق بين المؤرخين وعلماء الإجتماع والسياسة على أنه نظام ديمقراطي، ليست حضارة غربية بالنظر إلى جذورها الفينيقية الكنعانية واختلاط شعبها المؤسس بأمازيغ شمال إفريقيا، وذلك رغم دخول أجناس أخرى في بوتقة هذه الإمبراطورية، على غرار شعوب جزيرتي كريت ومالطا والصقليين وأهل سردينيا والكالابريين والتورينيين والبالياريين والإيبيريين وغيرهم. فالديمقراطية بهذا المعنى، حسب محدث “ليبيا المستقبل” هي موروث إنساني ساهم التونسيون في إرساء دعائمها في العهد القرطاجي وكذا الليبيون الذين كانوا ضمن حدود هذه الجمهورية التي امتدت إلى خليج سرت، وبالتالي فهي ليست وافدا غربيا ثقيل الظل كما يروج لذلك البعض، ناهيك عن التشابه الكبير بين الديمقراطية وبين الشورى التي حث عليها الإسلام في أكثر من موضع.

وعرج صاحب كتاب “معضلة الديمقراطية في ليبيا” الذي عرض خلال الدورة 33 لمعرض تونس الدولي، الذي اقيم مؤخرا تحت شعار “نقرأ لنعيش مرتين”، على الجهود الرسمية للحكومات التونسية المتعاقبة بعد 2011، وفي إطار اجتماعات دول جوار ليبيا أوغيرها، واعتبرها كافية لحل الأزمة المستفحلة في بلد عمر المختار. إذ لا توجد نتائج ملموسة لهذه الجهود على الميدان الليبي الذي يزداد تأزما يوما بعد يوم، وتزداد مع هذا التأزم الخشية من صوملة أوأفغنة هذا الجار ذي القربى، وفق تصريحه.

ويرى أن الإنطباع العام السائد عن تونس الرسمية لدى كثير من الأشقاء الليبيين، وحتى لدى أطراف خارجية متعددة، أنها غير محايدة في هذا الصراع الليبي باعتبار المساندة المطلقة للتيار الإسلامي التونسي، الذي أسس خلال فترة حكم الترويكا وبعدها، للماسكين بزمام الأمور في العاصمة طرابلس. ومهما ادعت حكومة مهدي جمعة وبعدها حكومة الحبيب الصيد الحياد فإن هذا الإنطباع لا يمكن محوه إلا بمغادرة هذا الطيف السياسي لمواقع هامة في دوائر القرار التونسي.

فحتى يكون لتونس دور فعال في حل الأزمة الليبية – وهي مصلحة مشتركة تونسية ليبية، يشترط الكاتب، بأن يسطر السياسة الخارجية التونسية تجاه الجار الشرقي، مستقبلا، ساسة يتوفر فيهم الحياد تجاه أطراف الصراع، يدركون حقيقة خطر التخندق مع فريق على حساب فريق. فالمغامرون الباحثون عن المصالح الشخصية أوالحزبية الضيقة أوعن مصالح هذا التنظيم العالمي أوذاك لا يمكنهم بأي حال من الأحوال أن يحققوا النجاح في أي مسعى يدخل في هذا الإطار.

وباعتبار أن مفاتيح الحل خارجية أيضا ولا تقتصر على الداخل الليبي، بما أن هناك لاعبين دوليين وإقليميين لديهم مصالح في هذا البلد المترامي والغني بالثروات الطبيعية، يرى الكاتب أنه لا بد للديبلوماسية التونسية التي يجب أن يفترض فيها الحياد والبراغماتية مستقبلا، أن تسعى مع مصر والجزائر لجمع الفرقاء الخارجيين وتقريب وجهات النظر بينهم. فالنظر إلى الأزمة الليبية بعين واحدة باعتبارها شأنا داخليا ليبيا، على غرار المساعي التي قامت بها دولة السودان في وقت سابق، سيؤدي حتما إلى الفشل، خاصة وأن من لم يحل دون تقسيم بلاده لا يبدوأن لديه القدرة على جمع شتات الآخرين، حسب رأي المؤلف في كتابه.

وتتمتع تونس برأي المؤلف بأسبقية على غيرها من الوسطاء، باعتبار وأن التونسيين هم الأقدر، حتى من بين دول جوار ليبيا، على فهم الشعب الليبي والنفاذ إلى أعماق أزمته التي تتجاوز السياسة إلى المسائل الإجتماعية وتعقيدات الروابط القبلية، وذلك لما يجمع البلدين من قواسم مشتركة يصعب تعدادها ومن علاقات سياسية وإقتصادية وتجارية وحتى إجتماعية. وبالتالي فإن تونس مؤهلة للنجاح في حل هذه الأزمة إذا توفرت شروط الديبلوماسية الحكيمة والناجعة المشار إليها، لا ديبلوماسية الأهواء ونوازع النفس وإرضاء من خرج ما يسمى “الربيع العربي” من تحت إبطه ومن هم على نهجه، والتي سادت طيلة فترة حكم الترويكا وبعدها.

لذلك يرى البرهومي أنه لا بد للمجتمع المدني التونسي والشخصيات المستقلة التي تحظى بالإحترام ولديها ارتباطات بأطراف ليبية، أن تقوم بدورها في هذا المجال في البحث مع أصحاب الشأن عن حلول لهذه “الأزمة العصية”. فهناك مبادرات من بعض الأطراف يرى البرهومي أنها تثير الإعجاب  ولا بد لها من أن تتبع بمبادرات أخرى خاصة وأن عديد الجهات الليبية عبرت في أكثر من مناسبة عن أنها مستعدة للتجاوب مع مثل هكذا مبادرات إذا كان مصدرها أشخاص أومؤسسات أومنظمات عرفت بحيادها ولا تحوم حولها شبهة الدوران في فلك هذا الطرف السياسي أوذاك.

إن ليبياـ بحسب الكاتب ليست مجرد جار، شاءت الجغرافيا كما حقب التاريخ المتعاقبة والحدود الموروثة عن الإستعمار أن ينتصب في التخوم الجنوبية الشرقية، بل هي المجال الحيوي والقاعدة الخلفية للخضراء وعمقها الإستراتيجي تماما مثل الجزائر والعكس صحيح، وبالتالي فلا بد للديبلوماسية التونسية كما المجتمع المدني من الحسم في هذا الملف الذي يبدوأنه أهمل أولم يحظ بالإهتمام اللازم أولم تكن لحكام تونس القدرة على المساهمة في حله طيلة فترة حكم الترويكا أوحتى مع حكومة التكنوقراط ثم لاحقا مع حكومة الحبيب الصيد.

________________________

* المؤلف ماجد البرهومي: رجل قانون وكاتب وباحث سياسي، من مواليد تونس العاصمة، درس بالمعهد الثانوي بباردو (خزندار) وبكلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس. متحصل على الأستاذية في الحقوق شعبة قضائية وعلى الماجستير في القانون الجنائي ويستعد قريبا لمناقشة أطروحة الدكتوراة بعنوان “شرط سقوط الحق في القانون العقاري”. امتهن الصحافة ثم التدريس بكلية الحقوق فالمحاماة. مدير ومؤسس لأحد المراكز البحثية المختصة في الدراسات الإستراتيجية. يكتب بصحف تونسية والعربية على غرار المغرب (تونس) القدس العربي (لندن) وله عديد المؤلفات والبحوث المنشورة.

مقالات ذات علاقة

أحمد الصالحين وترانيم في محراب برقة

حسين نصيب المالكي

‎بائع اليقظة.. البوح في زمن الحداثة!!

المشرف العام

صحيفة (العرب) الليبية العالمية اللندنية

يونس شعبان الفنادي

اترك تعليق