الشيخ علي يحي علي معمر من مواليد سنة 1919 (1337هـ) في قرية (تكويث) بمنطقة نالوت من جبل نفوسة، ليبيا. فتح عينيه في هذا الجبل الغربي الذي راح كل ما فيه يكلمه عن أمجاد أجداده في تلك الربوع، وكل أثر من مآثره يحرك الإحساس في أعماقه، محدثا عن حضارة إسلامية عريقة أصيلة، كانت ذات يوم تنشر العدل والازدهار في ظل الشريعة الإسلامية وكل ربع من ربوعها يحدثه عن معاهد علمية اندرست كانت في يوم من الأيام مشعة بالعلم والإيمان عامرة بالعلماء والصالحين.
• حياته:
كان لقاؤه الأول مع الحرف العربي من خلال كتاب الله في مدرسة المقرئ الشيخ عبد الله بن مسعود الباروني الكباوي، ما لبث بعدها أن انتقل إلى المدرسة الرسمية الابتدائية حيث اعتنى به معلمه عيسى بن يحيى الباروني، وفي هذه المدرسة بدأت مواهبه تتفتق، عن فطنة، وذكاء، ونبوغ وقاد تميز بها عن زملائه مما لفت أنظار أساتذته إليه، وكان قد وفد إلى الجبل من جربة الشيخ العالم رمضان بن يحيى اللّيني سنة 1925لتدريس الفقه الإباضي، والشيخ رمضان بن يحيى اللّيني من طلبة قطب الأئمة الشيخ اطفيش، ولعله وجد عند شيخه هذا ما لم يجده عند غيره، مما جعله ينتقل سنة 1927 إلى جزيرة جربة فانضم إلى حلقته، ناهلا من علومه ما استطاع أن ينهل، ولكن سرعان ما طوَّح به طموحه إلى العاصمة تونس حيث الجامع الزيتوني، وحيث حلقات العلم المزدهرة، وكان أثناء وجوده بتونس يحضر دروس الشيخ محمد الثميني التي كان يلقيها على طلاب البعثة الميزابية بدارهم.
وفي هذه الأثناء أيضا أخذ يتردد على جزيرة جربة حيث كون مع مجموعة من الشباب جمعية دينية للأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر. ولكن طموحه ما لبث أن دفعه إلى المزيد من العلوم الشرعية واللغوية على يد أساتذة يصححون العقيدة ويربون الأخلاق وينمون الحس الحضاري في النفوس. وكانت أصداء الحركة العلمية الإصلاحية التي يتزعمها ويرودها الإمام الشيخ إبراهيم بيوض في (وادي ميزاب) بجنوب الجزائر تصل إلى سمع الشاب عن طريق البعثات الميزانية التي أخذ يتعرف عليها منذ التحاقه بتونس، ولعلهم شجعوه على الالتحاق بمعهد الشباب بالقرارة ليتتلمذ على يد الشيخ إبراهيم بيوض. وهكذا تم عزمه على الالتحاق بهذه المدرسة الإصلاحية الأصيلة في سنة 1357هـ / 1937. حيث التحق بمعهد “الحياة” في مدينة “القرارة” بـ”الجزائر”، لمدة سبع سنوات، تتلمذ اثنائها على ايدي كبار العلماء، بل قام هو نفسه بمهام التدريس في نفس المعهد. التحق عقب ذلك، وبالتحديد في عام 1937م بالحركة الإصلاحية التي كان يقودها الإمام “الشيخ بيوض”.[1]
وعرفته الأندية الأدبية في القرارة بقصائده الشعرية، وأناشيده الرائعة الخالدة، وميوله الأدبية الواعدة، وشارك بفعالية في جمعياتها الثقافية، وجلساتها الفكرية، وترك بصمات واضحة ما تزال حتى اليوم في مجلة الشباب التي كان معهد الشباب يصدرها آنذاك وازدهرت المجلة بمقالاته النقدية وقصائده الرقيقة، وأناشيده المطربة، وعرفته أيضا محاورا قديرا، ومناظرا. كانت هذه الحركة الإصلاحية وما صاحبها من مهرجانات ثقافية متمثلة في الشعر، والمسرح، والأناشيد، تهز فؤاد علي يحيى معمر وتدفعه إلى المشاركة الفعالة، والاندفاع الجياش، فظهر طابعه على إنتاجه الذي كتبه في هذه المرحلة من عمره الدراسي، وكان من حسن حظه أن يعيش الفترة التي فرضت فيها الإقامة الجبرية على الشيخ إبراهيم بيوض من قبل الاستعمار الفرنسي (1940-1943م) وكانت الحرب العالمية الثانية سببا في أن يبقى الطالب الشيخ إلى جانب أستاذه ينهل من معارفه ويستفيد من تجاربه.
ونظرا لمواهبه الفذة وقدراته المتنوعة ولا سيما في ميداني الشريعة والأدب أسند إليه الشيخ إبراهيم بيوض تدريس بعض المواد في معهد الشباب حيث بقي سبع سنوات، وكانت من أحفل سنوات عمره استفادة وعطاء. وفي سنة 1365هـ / 1944م، قفل عائدا إلى وطنه ومسقط رأسه نالوت ليبدأ مرحلة جديدة من عمره، وينتقل من مرحلة التعلم إلى التعليم ومن التنظير إلى التطبيق. ويقال أنه أثناء عودته إلى وطنه توقف بتونس حيث درس بها سنتين كاملتين استزاد فيها علما وتجربة.
أنشأ مجلة “اليراع”، والتحق بمجال التربية والتعليم، فعمل في مجال التدريس والإدارة والتفتيش. حيث ساهم، بجانب التدريس، بالعمل كمدير لمعهد “جادو” للمعلمين، ومفتشا للغة العربية في المحافظات الغربية، ونائبا لمدير التعليم من عام 1967م إلى 1969م، ثم التحق بقسم التخطيط والمتابعة بوزارة التربية والتعليم بمدينة طرابلس، حيث استقر هو والعائلة [2]. نظم الحلقات والدروس، وأشهرها التي كان ينظمها في مسجد “الفتح” بمدينة طرابلس. وساهم، بجانب ذلك، بمقالات حساسة للغاية، في عدة صحف ومجلات. وانتسب إلى “الحزب الوطني”، أحد الأحزاب التي كان يعمل لبناء ليبيا بعد مرحلة الغزو الإيطالي، واسس جمعية “الامر بالمعروف والنهي عن المنكر” في مدينة “جربة”، بتونس، وغير ذلك من نشاطات متنوعة في مختلف المجالات. وظل الشيخ علي يحي معمر كادحا في ميدان التعليم، والدعوة، والتأليف، ولاقى في سبيل ذلك المتاعب والمضايقات حيث اعتقل في 1973م، ليمضي قرابة العام في المعتقل متعرضا خلالها لكل أنواع التعذيب والهوان، ثم تم تهديم منزله والمسجد الذي يخطب فيه “الفتح” في طرابلس، وهو المسجد الذي دعا الشيخ “علي يحي معمر” لبنائه وساهم بالتدريس فيه.
ويقول محمد يحي معمر -نجل المرحوم الشيخ على يحي معمر- في نبذة عن والده: “اعتقل الوالد، على ما اعتقد، في مايو 1973م، بعد ما يسمى بالثورة الثقافية، وسجن في سجن الحصان الاسود، بـ”باب بن غشير” بمدينة طرابلس، ومكث في القسم رقم “3”، احد عنابر السجن، وقد قام السجانون بحلق لحيته، التي لم يدخلها مقص مطلقا منذ ان نبتت، وذلك بأمر من القذافي نفسه، لما علمه ما يسببه ذلك من الم نفسي، حيث يعتبر الاباضية، كما هو الحال في اغلب المذاهب الاسلامية، ان حلق اللحية حرام. والداعي الذي دفعهم الى ذلك (اي الى حلق اللحية) كتيب صغير اصدره الوالد-رحمه الله- تحت عنوان “مسلم ولكن يحلق ويدخن”. ورغم ان الوالد كان محاطا بالرعاية الكاملة والاحترام الكبير من جميع المعتقلين، بل وحتى من العسكريين المكلفين بالحراسة، إلا ان سنه وصحته لم تكن تسمح ببقائه في المعتقل، وكثير من رجال المباحث والتحقيق اعتبروا اعتقاله فضيحة للنظام، وليس اهانة للوالد، او حطاً من شأنه. وقد اضطر النظام الى اخلاء سبيله بعد سبعة اشهر، وعندما عاد الى البيت، طلب الخويلدي وزير الداخلية (في ذلك الوقت) زيارته الى مكتبه، واعتذر له قائلا : “والله يا شيخ ما كنا نقصدك انت، واحنا غلطنا فيك”، فكان عذرا اقبح من ذنب”.
ويواصل الابن حديثه عن والده قائلا: “لم تكن المعاناة التي قاساها الشيخ، في اعتقاله او في اعتقال ابنه وابن اخته وبعض اقاربه، واعتقال الدكتور “عمرو خليفة النامي”، تلميذه وصديقه واقرب المقربين اليه، وانما كانت المعاناة في المضايقات التي كان يقوم بها المدعو “حسن اشكال”، حيث كان يمنع الشيخ من الخروج من مكتبه في شهر رمضان، حتى يكتب شيئا للثورة، وقد رفض الشيخ مرارا، وكانت شدة “الازمة” (ضيق التنفس) التي يعاني منها، تزيد في معاناته. واشفق عليه اصدقاؤه ومحبوه واقسموا عليه لتلبية طلب “الثورة”، فكتب مقالات اراد بها طالبوها التمجيد “للثورة” والدعاية لها، الا ان كل من يتأمل فيها يتأكد بانها جاءت بما يكشف عن فساد نظام القذافي”. انتهى سرد الابن.
ولم تنته قصة هذا الشيخ الوقور، عند سجنه مع ابنه في نفس الزنزانة، وحلق لحيته، امعانا في اهانته واذلاله، بل وضع، بعد اطلاق سراحه، تحت المراقبة الشديدة، كما هوجم المسجد الذي كان يلقي فيه دروسه (مسجد الفتح بمدينة طرابلس)، ثم ضيق عليه الى ان وافته المنية يوم الثلاثاء 27 صفر 1400هـ الموافق 15 يناير1980م، اثر نوبة قلبية، ودفن في مقبرة “سيدي منذر” بطرابلس. وللشيخ الجليل، سبعة ابناء هم: محمد، ويحي، وخالد، وحسن، وفريد، وعيسى، وعبد الله(1). اما الابن الشهيد “محمد على يحي معمر” والذي سجن مع والده، فقد حكمت عليه المحكمة بالبراءة، واطلق سراحه، ثم قبض عليه في نفس اليوم، حيث اعيدت محاكمته، مع مجموعة من زملائه، فحكم عليهم بخمسة عشرة عاما، تغيرت، وكالعادة، وبقدرة قادر، الى المؤبد. لكنه استطاع الهرب من السجن والانضمام الى المعارضة، حيث شارك في تأسيس “الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا”، واصبح عضوا في اللجنة التنفيذية للجبهة، وامينا لامانة نفس اللجنة، ونائبا لرئيس المجلس الوطني الثاني، ورئيسا للمجلس الوطني (1990م) ورئيسا للمكتب الدائم للجبهة (1992م)، وعضوا في الهيئة القيادية. وكان الشهيد الابن قلما مبدعا، تألق في الدعوة الى محاربة الظلم والاطاحة بالظالمين. توفي (رحمه الله) في 7 يوليو 1994م، بعد عمر من البذل والعطاء والنضال، ودفن بمدينة “ليكسنتون” بولاية “كونتاكي” (2) و(3). ولم يجف نبع هذه العائلة الكريمة، بل قدمت شهيدين اخرين هما “خالد على يحي معمر” و”يحي على يحي معمر” شقيقي المرحوم “محمد”، فقد كانوا ضمن شهداء عملية مايو 1984م، فقام النظام اثر ذلك بتهديم بيتهم في مدينة “نالوت”، واعتقل في تلك الاحداث باقي اخوتهم (حسن، وفريد، وعبد الله، وعيسى). وهكذا قدمت هذه العائلة الكريمة، الغالي والنفيس، فجاهدت في سبيل الله والوطن، بالنفس والكلمة والمال.
• منهجه في التأليف:
عرف الشيخ منذ مطلع حياته العلمية بقلمه السيال، وإنتاجه الغزير، واشتهر بأسلوبه المتميز الذي يجمع بين الإثارة والبساطة، ويجمع بين مخاطبة العقول والقلوب بطريقة جذابة ساحرة، وذلك شأن أديب نهل من معين القرآن الكريم والأدب العربي القديم في أمهات مصادره. لذا عندما توجه إلى التأليف كان يسعف قلمه ثقافة واسعة، وبيان ساحر، ومعارف مستفيضة، فترك للمكتبة الإسلامية العديد من البحوث والمؤلفات المتميزة بالعرض الجيد والتحليل العميق. هذا عدا مقالاته وقصائده التي نشر بعضها بالصحف العربية ونشر بعضها الآخر في مجلة الشباب الصادرة بمعهد الشباب في الأربعينيات، وله مسرحيتان (ذي قار) و(محسن).
• المنهج الإسلامي لكتابة التاريخ:
يعد الشيخ عل يحيى معمر من ألمع الكتاب الإسلاميين في العصر الحديث دعوة إلى الوحدة الإسلامية بما وهبه الله من عقل نير، وبصيرة نافذة، وقلب مؤمن يسع المؤمنين جميعا وقد اشتهر بمبادئه التي وضعها أساس للفكر الإسلامي وهي المعرفة والتعارف والاعتراف. يقول الدكتور محمد موسى: “جمع الأستاذ “علي يحي معمر” إلى تواضعه وغزارة علمه، صفات عديدة، ولعل أبرزها بعد النظر وسعة الأفق، فنجده: في جميع أعماله، يدعو إلى وحدة صف المسلمين، ونبذ الخلافات الجزئية”.[5] إن اليد البيضاء التي قدمها الشيخ علي معمر لن يستطيع تقديرها إلا من اطلع على الجهد العظيم الذي بذله في مؤلفاته للتقريب بين وجهات نظر المسلمين فيما حسبته بعض الكتب القديمة خلافا حاداً وفرقة لا لقاء بعدها. وقد ظهرت آثار جهوده في البحوث التي أخذت تصدر من حين إلى آخر بأقلام أكاديمية نزيهة تنشد الحقيقة بكل تجريد، فصحح كثيرا من التصورات الخاطئة، وصوب أخطاء فادحة، وأبان عن حقائق تاريخية ناصعة
• مؤلفاته:
يقول عن “الحاكم” في كتابه “آلهة من حلوى”: وعندما يعرف الحاكم أنه عبد الله وليس إلهاً، وإنه يستوي في تلك العبودية مع أي فرد من أفراد شعبه، وأنه :مخلوق من لحم ودم وليس من حلوى، وأنه ينبغي أن يتبع منهجا واضحاً وضعه عالم الغيب والشهادة، وأنه ليس :مبتدعاً ولا خلاقاً ولا مبتكراً ولا آتياً بالمعجزات، وإنما هو منفذ فقط، وأن ما ينسبه الناس إليه من ذلك، إنما :هم يكذبون فيه، ويعرفون أنهم يكذبون، كما يعرف هو نفسه، أنهم يكذبون.[6]… يقول عن “الحرية” في فصل “المعركة المفتعلة” من كتابه “آلهة من حلوى”: لا شك ان الله عندما خلق الإنسان، أنعم عليه بالحرية، في جملة النعم الكثيرة التي أغدقها عليه، ولكن تلك :الحرية التي أنعم الله بها على الإنسان – ذكراً كان أو أنثى – إنما كان مراعى فيها – بطبيعة الحال- حدوداً :معينة لا يصح تجاوزها، فليس من حق الإنسان أن يدَّعي باسم الحرية مطلقيه التصرف، ليس من حريته أن ينكر :النعم التي أسبغت عليه، ويتوجه بالشكر إلى من لم يقدمها له، وليس من حريته أن يقدم طاعته لمن لا يستحق منه :الطاعة، وليس من حريته أن يعبث فيما يقتضيه نظام الحياة، وناموس الكون، وسبب العمران، وليس من حريته :أن يطيع الشيطان، أو يعبد الأوثان، أو يزهق الأرواح، حتى روح نفسه.[1]… يقول عن التاريخ: أما الصورة الأخرى التي يكون فيها تاريخ الدولة هو تاريخ الأمة، فذلك عندما تكون الأداة الحاكمة خاضعة: لقانون الأمة وشوراها، فلا تصدر إلا عن رأيها، ولا تمتاز بشيء عن أي فرد منها، وفي الفتوح الإسلامية، زمن: الخلافة الرشيدة أمثلة واضحة لذلك. إن تاريخ الدولة في ذلك الحين، هو نفسه تاريخ الأمة، وذلك لأن ما يصدر عن: الدولة هو ما يصدر عن الأمة، راضية به راغبة فيه.[1]… يقول عن مفهوم “الوطن”.. في مقال له بعنوان “الوطن الإسلامي”: إنني أعتبر الأرض الإسلامية وطناً واحداً بحدوده الشاسعة، وعندما أضطر إلى تتبع التقسيمات السياسية الموجودة: الآن، أحس بالمرارة والألم، ولقد كان تاريخ الأمة الإسلامية في عصوره المختلفة، مرتبط الحوادث، متحد المشاعر، متوافق العواطف، مشتبك المصالح، متصل الأجزاء. ورغم ما اصطنعته السياسة من حدود. تشعر أنك تعيش في أمة: واحدة ربطت بينها العقيدة، التي وجهت قلوب أفرادها جميعاً إلى الإيمان بالله، ومحبة الأخوان في الدين، وتجد: التاريخ الحقيقي لهذه الأمة التي تنبسط على أكثر قارات العالم، في وحدة الشعور والعاطفة والعقيدة والأمل، وفي :طريقة التفكير والكفاح والعمل، وفي الاتجاه الذي يتجه إليه الأفراد والجماعات، وفي عدم اعتراف هذه الأمة :بالحدود التي تفصلها عن بعضها.
• من هم الإباضية:
القليل من المسلمين من يعرف حقيقة الاباضية أو (الأباضية) مذهبا وعقيدة وسلوكا، ذلك لأن كثير من عامة المسلمين لم يسمعوا عن الإباضية قط، أو أنهم سمعوا عن الاباضية معلومات مشوشة أو مقتضبة، أما المثقفين فلا زال كثير منهم ينظرون إلى الإباضية، بنوع من الشك والارتياب فمنهم من يصنفهم ضمن طوائف الخوارج والمتطرفين والمبتدعة، بل أن منهم من يكفرهم ويخرجهم من الملة. وقليل جدا ممن عرف حقيقة الاباضية وأنصفهم. لكن أغلب ممن ينتسب إلى العلم من غير الاباضية لم يعيروا الفكر الإباضي اهتماما جديا لدراسته ليكونوا صورة واضحة عنه ينقلوها إلى عامة المسلمين، وهذا مما يؤسف له في وقت يحتاج فيه المسلمون أن يتحدوا لمقاومة الغزو الفكري الذي يقوده أعداء الإسلام في داخل الأمة الإسلامية وخارجها. ولاشك أن هناك أسباب وتراكمات تاريخية وسياسية دفعتهم لتكوين تلك الصورة القاتمة عن الاباضية، وإذا كانت هذه الأسباب مقبولة في القديم فإنه لا يعذر أي مثقف في عصر المعلومات من التعرف على حقيقة الإباضية من مصادرها الحقيقية. ومهما حاول البعض التعتيم على الفكر الإباضي فإن وسائل الاتصال الحديثة وأهما الانترنت والبريد الالكتروني ستساهم في تكوين فهم صحيح عن الفكر الإباضين.
• “شعارنا المعرفة والتعارف والاعتراف”:
يقول الشيخ علي رحمه الله إن المذهبية في الأمة الإسلامية لا تتحطم بالقوة ولا تتحطم بالحجة. ولا تتحطم بالقانون فإن هذه الوسائل لا تزيدها إلا شدة في التعصب وقوة رد الفعل، وإنما تتحطم المذهبية بالمعرفة والتعارف والاعتراف، فبالمعرفة يفهم كل واحد ما يتمسك به الآخرون، ولماذا يتمسكون به. وبالتعارف يشتركون في السلوك والأداء الجماعي للعبادات، وبالاعتراف يتقبل كل واحد منهم مسلك الآخر يرضى، ويعطيه مثل الحق الذي يعطيه لنفسه ( اجتهد فأصاب أو اجتهد فأخطأ ) وفي ظل الأخوة والسماح تغيب التحديات، وتجد القلوب نفسها تحاول أن تصحح عقيدتها وعملها بالأصل الثابت في الكتاب والسنة، غير خائفة أن يقال عنها تركت مذهبا أو اعتنقت مذهباً . ولن نصل إلى هذه الدرجة حتى يعترف اليوم أتباع جابر وأبي حنيفة ومالك والشافعي وزيد وجعفر وأحمد وغيرهم ممن يقلدهم الناس أن أئمتهم أيضا يقفون في صعيد واحد لا مزية لأحدهم على الآخرين إلا بمقدار ما قدم من عمل خالص. ويقول أيضا “إن من يكتب عن فرقة معتمدا على مصادر غيرها يبعد عن الحقيقة ولا يسلم من التجني، أو هو في الحقيقة واقع في الخطأ من أول خطوة وإن ما يجيء على لسانه أو قلمه من الصواب فيها فهو بمحض الصدفة”.[الإباضية بين الفرق الإسلامية ص 311]…. الحقيقة التي يجهلها البعض ولا يريد أن يعترف بها آخرون هي أن الإباضية مذهب وفكر إسلامي متميز له قواعده وأصوله وفقهه وعقيدته المستمدة من كتاب الله تعالى وما تواتر وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وما أجمع عليه الأولون قبل أن ينحرف المسلمون عن دينهم وتختلط عليه الأمور وتدخل عليهم الثقافات الأخرى. وهذا ما توصل إليه كل باحث عن الحق وكل منصف ممن اتصل وعاشر الإباضية عن قرب.
• جملة مؤلفاته التي عرفت هي:
– الإباضية في موكب التاريخ، في أربع حلقات.
– الإباضية بين الفرق الإسلامية، طبع عدة مرات في كل من الجزائر، ومصر، وعمان.
– الإباضية مذهب إسلامي معتدل، طبع عدة مرات في الجزائر، وعمان.
– سمر أسرة مسلمة، طبع عدة مرات في الجزائر، وعمان.
– لميثاق الغليظ، مطبوع.
– الفتاة الليبية ومشاكل الحياة، مطبوع بليبيا، وأعيد طبعه بالجزائر.
– الأقانيم الثلاثة أو آلهة الحلوى، طبع عدة مرات في كل من ليبيا، والجزائر، وعمان.
– الإسلام والقيم الإنسانية (مطبوع).
– صلاة الجمعة (مطبوع).
– مسلم لكنه يحلق ويدخن (مطبوع)، ألفه بالاشتراك مع الشيخ بيوض.
– فلسطين بين المهاجرين والأنصار.
– الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
– الحقوق في الأموال.
• كما أن للشيخ علي تعليقات وتحقيقات لبعض كتب التراث، نذكر منها:
– تعليق على كتاب الصوم من تأليف أبي زكريا يحي الجناوتي.
– تعليق على كتاب النكاح من تأليف أبي زكريا يحي الجناوتي.
– تقديم لكتاب سير مشايخ نفوسة، وهو من تحقيق الدكتور عمرو النامي.
• وله مقالات وبحوث كثيرة نشرها في المجلات العربية، نذكر منها:
– مجلة الشباب لمعهد الشباب بالقرارة
– مجلة المسلمون، يصدرها المركز الإسلامي بجنيف، سويسرا.
– مجلة الأزهر يصدرها مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، القاهرة.
– الأسبوع السياسي، والمعلم، تصدران بطرابلس، ليبيا.
– الرسالة، يصدرها أحمد حسن الزيات، بالقاهرة.
وله مراسلات عديدة مع مشايخه: الشيخ بيوض، والشيخ أبي اليقظان، والشيخ عدون شريفي، لو جمعت لكونت مجلدا ضخما، وهي تعد وثائق تاريخية مهمة… قيل عن كتاب “الإباضية بين الفرق الإسلامية”: انه محاولة جادة لوضع المذهب الإباضي في مكانه الحقيقي من الأمة الإسلامية، ومحاولة من المؤلف لتصحيح بعض: الأخطاء التي توارثتها الأجيال عن المذهب الإباضي، فجعلته في قفص الاتهام. إذ يتتبع المؤلف كتاب المقالات، من :القدماء والمعاصرين والمستشرقين، ثم يبين حقيقة فرق الإباضية، وآرائهم الفقهية، ومسائلهم العقدية، ومواقفهم :السياسية، محاولا رأب الصدع في بناء الأمة الإسلامية، بوضع لبنة التقارب بين المذاهب.
الخميس 11 من شهر رمضان – الموافق 16/06/2016م – طرابلس / ليبيا
ــــــــــــــ
المصادر
1. الشيخ علي يحي معمر.. مؤرخ. اديب. وداعية/محمد صالح نصر/ موقع الاستقامة
2. ملفات خاصة.. علي يحي معمر/عن موقع “المعرفة”/السبت 23/10/1426هـ – الموافق 26/ 11/ 2005م
3. شخصية العدد. فضيلة الشيخ علي يحي معمر/ الانقاذ / العدد التاسع / رمضان 1404هـ-يونية 1984م/ ص 27.
4. الشهيد محمد علي يحي/الانقاذ/ العدد 45 (عدد خاص عن الشهيد محمد علي يحي معمر) / يناير 1995م / ص 3
5. علي يحي معمر في سطور/ د. محمد موسى بابا عمي/ موقع الاستقامة/ www.istiqama.net
6. فصول من كتب الشيخ علي يحي معمر/ www.istiqama.net
7. موقع شبكة اهل الحق والاستقامة www.ibadhiyah.net
– هذا مقال المؤرخ الدكتور محمد صالح ناصر
– د. محمد ناصر، الأباضية تاريخا وفكرا (مخ) ص،162-167
– علي يحي معمر، الإباضية دراسة مركزة، مقدمة الدكتور محمد ناصر بوحجام، ص 9-33، نشر جمعية التراث، القرارة، 1985م
– علي يحي معمر، الإباضية في موكب التاريخ، الحلقات: 1-4 مكتبة الضامري للنشر والتوزيع، سلطنة عمان، الطبعة الثانية :1993م
– الإباضية بين الفرق الإسلامية، المطبعة العربية غرداية، 1985م
– سمر أسرة مسلمة، نشر جمعية التراث القرارة، مقدمة محمد بابا عمي.1988م
– أبو اليقظان، ملحق السير
– أبو اليقظان، أفذاذ علماء الإباضية
– مجلة الإنقاذ الليبية، الصادرة بشيكاغو، ع37، رمضان 1404هـ/يونيو 1984م (عدد خاص بالشيخ علي وأسرته وأبنائه)
– الشيخ بالحاج قاسم، الشيخ علي يحي معمر وفكره العقدي، رسالة ماجستير، جامعة الخروبة، الجزائر، 1421هـ/2000م
– جمعية التراث، معجم أعلام الإباضية (قسم المغرب)، دار الغرب الإسلامي، بيروت، 2000م، ج2، ص:296-298
نشر بموقع ليبيا المستقبل