بقلم: الناقد علوان السلمان
الأدبُ فنٌّ تواصليٌّ، بكلِّ تمفصلاتِهِ، واكتشافٌ لا تَحُدُّهُ حدودٌ، للخوْضِ في فضاءاتِ الوجودِ وصراعاتِهِ، لتحقيقِ خارطةِ الحُلمِ، وذلكَ باعتمادِ مقاييسَ جَماليّةٍ تُشكّلُ مِعمارَهُ الفنّيّ؛ مِن (صُوَرٍ، تراكيبَ لفظيّةٍ مُكثّفةٍ، وخيالات).
الشّعرُ هو أحَدُ فنونِ الأدب، كوْنُهُ إبداعيًّا، يتّكئُ على الصّورةِ، والمَجازِ، والاستعارةِ، والرّمزِ.
للشّعرِ قدرةٌ اقتحاميّةٌ لعوالمَ مُكتظّةٍ بالرّؤى لحظةَ امتلاكِ الوعيِ، ليُشَكّلَ مُغامرةً إبداعيّةً تُعبّرُ عن مَوقفٍ إزاءَ الحركةِ الكونيّةِ والأشياء، بلغةٍ مُكثّفةٍ.. رامِزةٍ.. مُوحِيةٍ.. وبرؤيةٍ مُتّصِفةٍ بواقعيّتِها المُكتنزةِ فِكريًّا ووجدانيًّا، باعتمادِها على ضوابطَ فنّيّةٍ وبُنيويّةٍ، مُعبِّرةٍ عن لحظةٍ شعوريّةٍ خالقةٍ لحقلِها الدّلاليّ، والإيحائيِّ المُنسجم، وواقعِها المَوضوعيّ.
الشّاعرةُ آمال عوّاد رضوان في نصّها (يَابِسَةٌ.. سَمَاوَاتِي)، المُتشكِّلِ مِن مَقاطِعَ وَمضِيّةٍ، فيها (يَندمجُ الشّكلُ والمُحتوى في عمليّةِ الخلقِ الشّعريّ)، ممّا يَجعلُها تَنفردُ بخصوصيّةِ التّركيبِ والتّشكيلِ الفنّيّ، مع وِحدةٍ عضويّةٍ مُحتضنةٍ للحظاتٍ شعوريّةٍ مُكثّفةٍ، خالقةً لحقولِها المعرفيّةِ، ابتداءً مِنَ العنوانِ الوامضِ الّذي يُشيرُ إلى زخَمِ التّكثيفِ الدّلاليِّ، والأسلوبيّ والفنّيّ، بفونيميّةِ الدّالّين والكاشفين عن وظيفةٍ مُحفّزةٍ في بنيةِ النّصّ، مع تميُّزِهِ بأبعادِهِ الدّلاليّةِ، والمُنبثِقةِ مِن نسيجٍ مُختزَلٍ.. مُكثّفٍ.. مُكتنِزٍ بطاقتِهِ الإيحائيّةِ.
فضلًا عن تحقيقِ النّصّ (يَابِسَةٌ.. سَمَاوَاتِي)، لعنصرِ الإضاءةِ السّريعةِ للّحظةِ المُستفِزّةِ للذّاكرة، بما تحمِلُهُ مِن معنًى إيحائيّ.
هَا سَمَاوَاتِي يَابِسَةٌ / أَمَامَ اشْتِعَالِ اشْتِيَاقِي/ أَأَظَلُّ.. أَتَضَوَّرُ شَهْوَةً؟
أتَظَلُّ أَحْلَامِي مُعَلَّقَةً.. بَــ ~~ يــْـ ~~نَ .. وُعُودِكِ الْمُؤَجَّلَةِ
وَأَقْدَامي تَتَعَثَّرُ.. بَــ ~~ يــْـ ~~نَ .. جُدْرَانِكِ الــ تَتَهَاوَى!
النّصُّ دفقةٌ وجدانيّةٌ مُتفرّدةٌ بتعابيرِها المُستفِزّةِ للّحظةِ الشّعوريّةِ المُكثّفةِ، والمُتّسِعةِ المَعنى، بتنسيقٍ جَماليٍّ، ودِقّةٍ تعبيريّةٍ تُحقّقُ ذاتَ المُنتَجِ، في تكوينٍ موضوعيٍّ مُتجاوزٍ باعتمادٍ تقنيّةَ الانزياحِ، وكثافةَ العبارة وإيجازَها، وعُمقَ مَعناها..
فضلًا عن استنطاقِ الرّموزِ، واعتمادِ النّزعةِ البَلاغيّةِ الشّعريّةِ، مع توظيفِ تقناتٍ فنّيّةٍ منها: (تعريف الفِعل) مِن أجلِ إضفاءِ صفةِ الإسميّةِ عليه.. كما في
(الــتتهاوى): وَأَقْدَامي تَتَعَثَّرُ.. بَــ ~~ يــْـ ~~نَ .. جُدْرَانِكِ الــ تَتَهَاوَى!
و(الــتثير): تُقَاسِمِينَنِي صُورَتَكِ الــ تُثِيرُ فِيَّ/ كُلَّ حِرْمَانِي
وهناكَ التّقطيعُ الكَلَميِّ، للتّعبيرِ عن الحالةِ النفسيّةِ المأزومةِ، والتّنقيط (النصّ الصّامت) الّذي هو إبدالُ الدّالّ اللّسانيّ بالدّال الطّباعيّ، واستدعاء المُتلقّي للإسهام في بناء النّصّ..
قَلْبِي.. يَــــكْـــــبُـــــــــــــرُ بِكِ/ وحينَ يَـ~جْـ~ـمَـ~ـحُ شَجْوا/ تَــــتَـــيَـــقَّـــظُ .. ثُغُورُ رَبِيعِي ال غَفَا
وهناكَ التّكرارُ، ظاهرةٌ صوتيّةٌ خالقةٌ لموْسقةٍ شعريّةٍ مُضافةٍ.. إضافةً إلى تعبيرِها عن دلالةٍ نفسيّةٍ وعاطفيّةٍ قلقةٍ خارجَ الذّات..
دَعِي ظِلالَنَا النّائِحَةَ.. تُلَامِسُ الْأَرْضَ/ فَلَا نَبْقَى مُعَلَّقَيْنِ / بِحِبَالِ الضَّياع!
وَجَــــلَالُـــــكِ/ مِنْ هُوَاةِ الزَّرْعِ وَالسَّوَاقِي.. أَنَا / وَأَطْيَبُ أَحْلَامِي.. مَا كَانَ فِي بَطْنِ سَاقِيَةٍ ضَيِّقَةٍ/ تَوَقَّفَ فِيهَا الْمَاءُ هُنَيْهَةً!
أنا.. مَا كُنْتُ مِن رُعَاةِ الْغَيْمِ وَالسَّمَاوَاتِ / فَــ.. أَتِيحِي لِيَ التَّحْلِيقَ.. بِأَجْنِحَتِكِ الْعَاجِيَّةِ/ فِي أَثِيرِكِ الْحَرِيرِيِّ
سَمَاوَاتِي الْمُضِيئَةُ.. انْطَفَأَتْ/ مُنْذُ .. أَلْفَ عامٍ.. وَغَيْمَة/ وَمَا انْفَكَّتْ سُحُبِي .. تَتَحَجَّبُ/ خِشْيَةَ الصَّوَاعِقِ وَالنّكَسِاتِ
الشّاعرةُ تُحاولُ الإمساكَ بالنّسَقِ الحِكائيِّ، والتّوتُّرِ الدّراميِّ، والحَدَثِ السّرديِّ، معَ حَركيّةِ الصّورِ المُتميّزةِ بدَفْقِها الصّوَريِّ، والمُحقّق لموقفٍ شِعريٍّ، برؤيةٍ اختزلَتْها الشّاعرةُ في نمَطٍ تعبيريٍّ يَفتحُ بابَ التّأويلِ، ويُسهِمُ في (اتّساعِ الرّؤيةِ معَ ضيقِ العبارة).
فضلًا عن اعتمادِ آليّاتِ التّشكيلِ الفنّيِّ؛ (الصّورة والرّمز والحَدَث)، وتوظيفِ الأساليبِ البَلاغيّةِ، كالاستفهامِ الباحثِ عن جَوابهِ، والّذي يُعَدُّ وسيلةً فاعلةً لإعادةِ بناءِ الذّاتِ، بحثًا عن كينونتِها باستنطاقِ اللّحظةِ الشّعوريّةِ، عبْرَ نسَقٍ لغويٍّ قادرٍ على توليدِ حقولٍ، تُسهِمُ في اتّساعِ الفضاءِ الدّلاليِّ للجُملةِ الشّعريّةِ بتوظيفِ الرّمزِ، وشحْنِ الألفاظِ بدلالاتٍ غيرِ مألوفةٍ، مِن أجلِ التّحليقِ في أفقِ الصّورةِ الشّعريّةِ المُرَكّزةِ، النّابضةِ بالرّوحِ الوجدانيِّ والتّفاعُلِ الحَركيِّ، باعتمادِ آليّاتِ التّصويرِ والتّشخيصِ؛ (الانزياحِ، والاستعارة، والمجاز والرّمز)، مِن أجلِ خلقِ عوالمَ تخييليّةٍ.
**لِيَحْمِلِ النَّاسُ الْمِظَلَّاتِ/ فَلَا نَظَلُّ مُبَلَّلَيْنِ/ عَلَى نَاصِيَةِ رِيحٍ.. بِلَا مَصَابِيح
**سَأَجْعَلُ الْغَيْمَةَ/ حُـــــبْــــــــــلَــــــــــــــــى .. بـــِشُــــمُــــوخِــــكِ/ أَحْرُسُهَا.. أَنَا رَاعِيهَا
**وسَاعَةَ الْوِلَادَةِ / أَهُشُّ عَلَى غيمك.. بِعُكَّازِي / وَبِلَا آلَامٍ .. يَأْتِيهَا الْمَخَاضُ يَسِيرًا
النّصُّ يَشتغلُ على بثِّ شِعريّةِ اللّفظةِ واستنطاقِ كينونتِها، عبْرَ علاقاتِ الدّالِّ والمَدلولِ، لتفعيلِ الأثَرِ الحِسّيِّ والذّهنيّ، بلغةٍ تعبيريّةٍ مُكتنِزةٍ بعُمقِها المَعرفيّ جَماليًّا ودَلاليًّا، مع تجاوُزِ الأشكالِ الشّعريّةِ وقوالبِها الجاهزة، واختصارِ المَسافاتِ في لحظةٍ حالمة.
وبتأمُّل النّصِّ أَرْكيُولوجيًّا (علم الآثار والفنون القديمة)، وتفكيكِ مُعطياتِهِ، يكونُ الكشفُ عن بُؤَرِهِ الجَماليّةِ والدّلاليّةِ، وعن مَداركِ اشتغالاتِهِ النّصّيّةِ الوامضةِ والكاشفةِ عن نفسِها، عبْرَ التّكثيفِ والإيجازِ معَ ضربةٍ مُفاجئةٍ مُستفِزّةِ للذّاكرةِ الإنسانيّةِ، مِن خِلالِ فاعليّةِ الصّورةِ الّتي تقومُ على مُدرَكاتٍ عقليّةٍ، تَكشفُ عن وعي شِعريٍّ، يَقومُ على رمزيّةٍ تَحملُ إشاراتٍ سيميائيّةٍ مُتوهّجةٍ، تُضفي دَفقًا شِعريًّا مُتفاعِلًا، ومُكتظًّا بالدّلالاتِ والإشاراتِ المُعبّرةِ عن لحظةِ التّوهُّجِ الرّوحيِّ والفسيولوجيّ، برُؤيا شِعريّةٍ مُتجاوزةٍ للمَعاييرِ والقوالبِ الجاهزة، مِن خلالِ مُغامرةِ التّشكيلِ الصّوّريّ الّتي تَجمَعُ ما بينَ الواقعيِّ والتّخييليّ، اليقظةِ والحُلم، الرّؤيةِ والرّؤيا، الذّاتِ والموضوع.
وسَاعَةَ الْوِلَادَةِ / أَهُشُّ عَلَى غيمك.. بِعُكَّازِي / وَبِلَا آلَامٍ .. يَأْتِيهَا الْمَخَاضُ يَسِيرًا
الشّاعرةُ تبني نصَّها بذاتيّةٍ تُعبِّرُ عن كوْنِها الوُجوديِّ، بالاتّكاءِ على التّناصِ القرآنيّ، مُتمثّلًا في النبيّ موسى (عليه السلام) والعذراء مريم (عليها السلام)، لخلقِ صُورِها الشّعريّةِ الّتي تُشكّلُ روحَ البناءِ الشّعريِّ، وكيانِهِ الفنّيِّ المُنتزَعِ مِنَ النّظرةِ الكوْنيّةِ، ومنَ الوُجودِ المُتمثّلِ بالمَرئيِّ والمُتصَوَّرِ، بقدرةِ الشّاعرةِ المُنتِجةِ والمُتمكِّنةِ على تجسيدِ المعنى، في بُنيةٍ لفظيّةٍ تَقومُ على الأفكارِ المُعمَّقةِ للتّجربةِ الشّعريّةِ، السّابحةِ في فضاءاتٍ روحيّةٍ ورمزيّةٍ، واعتمادِ المُزاوَجةِ بينَ الوجودِ الواقعيِّ والطبيعةِ والمُتخيَّلِ وأبعادِهِ، كي تَنقلَ المُستهلكَ إلى أفقٍ تصويريٍّ إيحائيٍّ، باعتمادِ التّكثيفِ المُتوالِدِ مِنَ الانزياحِ الفنّيِّ في الدّلالة، معَ حضورِ العاطفةِ، والاستغراقِ في الزّمنِ الشّعريّ وتَجاوُزِ رتابتِهِ.
تُقَاسِمِينَنِي صُورَتَكِ الــ تُثِيرُ فِيَّ/ كُلَّ حِرْمَانِي/ وكَفَرَاشَةٍ .. أَحْتَرِقُ بِرَحِيقِ هُيَامِكِ!
النّصُّ يُقدّمُ رؤيةً تَختزلُها الشّاعرةُ في نمطٍ تعبيريٍّ ومْضيٍّ، اعتمدَ آليّاتِ التّشكيلِ الفنّيّ مثل: (الصّورة والرّمز) لتحقيقِ جَماليّتِهِ، ومُواءمةِ العصرِ الّذي وُسِمَ بعصرِ السّرعة، والّذي يُطالبُ بـ (كتابةِ مُختصرةٍ لحياةٍ مختصرة)، على حدِّ تَعبيرِ هربرت ريد..
بذلك قدّمتِ الشّاعرةُ نصًّا شعريًّا مُكثّفًا بتراكيبِهِ الجَماليّةِ، ضِمنَ نسيجٍ شِعريٍّ مُهَدْرَجٍ (ممزوج ومُوَحَّد)، فضلًا عن اعتمادِها على الذّاتِ كمركزٍ وبؤرةٍ مُشِعَّةٍ على الوجودِ الّذي يَتنفّسُ محطّاتِهِ، بوساطةِ التّعبيراتِ المَشحونةِ بطاقةِ التّوتّرِ، من أجلِ الحِفاظِ على العاطفةِ المُتمرّدةِ، ببناءٍ فنّيٍّ يَكشِفُ عن تَمازُجِ التّأمُّلِ بالتّداعي، وبحدائيّةٍ ضاجّةٍ بوَمْضِها الشّعريّ والحرَكيّ، وهي تُحاكي الواقعَ وترسُمَ أبعادَهُ، بتكثيفٍ دلاليٍّ وفنّيٍّ مُحَرِّكٍ للذّاكرةِ المَعرفيّةِ والقرائيّةِ، من أجلِ الكشفِ عن الدّلالاتِ الرّاقدةِ خلفَ الألفاظِ.
<> <> <>
يَابِسَةٌ.. سَمَاوَاتِي/ آمال عوّاد رضوان
هَا سَمَاوَاتِي يَابِسَةٌ
أَمَامَ اشْتِعَالِ اشْتِيَاقِي
أَأَظَلُّ.. أَتَضَوَّرُ شَهْوَةً؟
أتَظَلُّ أَحْلَامِي مُعَلَّقَةً.. بَــ ~~ يــْـ ~~نَ .. وُعُودِكِ الْمُؤَجَّلَةِ
وَأَقْدَامي تَتَعَثَّرُ.. بَــ ~~ يــْـ ~~نَ .. جُدْرَانِكِ الــ تَتَهَاوَى!
***
عَلَى خَدِّ شُعَاعٍ مُضَمَّخٍ بِالدَّهْشَةِ
ثَ رْ ثِ رِ ي نِ ي .. صَدًى
لِأَرْسُمَ.. بَعْثَــكِ الْمُشْتَهَى
***
قَلْبِي.. يَــــكْـــــــبُــــــــــــــــرُ بِكِ
وحينَ يَـ~جْـ~ـمَـ~ـحُ شَجْوا
تَــــتَـــيَـــقَّـــظُ .. ثُغُورُ رَبِيعِي الــ غَفَا
***
مَبْسُوطَةً .. تَمْتَدُّ رَاحَةُ فَجْرِكِ
مُخَضَّبَةً.. بِحَنَانِ أَنَامِلِكِ الظَّمْأَى
وحِينَ أَلْثُمُهَا.. يَتَّقِدُ عَبَثِي
***
عَلَى شَفَتَيْكِ .. أَعْزِفُ ابْتِسَامَتِي
وأغذو وَارِفَ الْمَدَى
أَلا يَـــــتَّـــــــــسِـــــــــــعُ.. لِأَوْتَارِكِ الْبَحْرِيَّة؟
***
كأنَّ حُبِّي وَهْمٌ
كَإلهٍ
إنْ لَمْ يَتَجَسَّدْ؟!
***
دَعِي ظِلالَنَا النّائِحَةَ.. تُلَامِسُ الْأَرْضَ
فَلَا نَبْقَى مُعَلَّقَيْنِ
بِحِبَالِ الضَّياع!
***
جَــمَــالُـــكِ.. لَا تُثْمِلُهُ أَمْوَاجِي
وَحْدَهَا أَعْمَاقِي .. تُسْكِرُ نَزْفَ أَنفاسِهِ!
***
وَجَــــلَالُـــــكِ
مِنْ هُوَاةِ الزَّرْعِ وَالسَّوَاقِي.. أَنَا
وَأَطْيَبُ أَحْلَامِي.. مَا كَانَ فِي بَطْنِ سَاقِيَةٍ ضَيِّقَةٍ
تَوَقَّفَ فِيهَا الْمَاءُ هُنَيْهَةً!
***
أنا.. مَا كُنْتُ مِن رُعَاةِ الْغَيْمِ وَالسَّمَاوَاتِ
فَــ.. أَتِيحِي لِيَ التَّحْلِيقَ.. بِأَجْنِحَتِكِ الْعَاجِيَّةِ
فِي أَثِيرِكِ الْحَرِيرِيِّ
***
سَمَاوَاتِي الْمُضِيئَةُ.. انْطَفَأَتْ
مُنْذُ .. أَلْفَ عامٍ.. وَغَيْمَة
وَمَا انْفَكَّتْ سُحُبِي .. تَتَحَجَّبُ
خِشْيَةَ الصَّوَاعِقِ وَالنّكَسِاتِ
***
دَعيني.. أَكْمِشُ بَعْضَ بُرُوقِكِ
واُغْمُريني.. بحَفْنَةٍ مِنْ كَلِمَاتِكِ
لِأَبْقَى.. عَلَى قَيْدِ الْبَرْقِ
***
لِأَبْقَى.. مُضَاءً بِكِ حَدَّ الْهَرَبِ
صَوْبَ غَيْمِكِ.. جِهَةَ ضِفَافِ الْحَيْرَةِ
أَرِفُّ.. أَتَلَأْلَأُ.. وَيَفُوحُ عُشْبِي.. بَلَلًا!
إِلامَ أَبْقَى عَائِمًا..عَلَى وَجْهِ وَجَعِي
تُلَوِّحُنِي الرَّغْبَةُ.. بِيَدَيْنِ مَبْتُورَتَيْنِ؟
***
صُدَاحُكِ .. شَهِيًّا يَتَعَالَى
يَجْرِفُ سُيُولِي بِشَغَفٍ .. إِلَى مُدُنِ خَيَالِي!
صَوْتُكِ.. يَأْتِينِي
مُتَلَبِّدًا.. بِجَفَافِ شَوْقِي اللّاهِبِ
مُبَلَّلًا.. بِشَظَايَا آهَاتِي
***
رُحْمَاكِ.. أَدْخِلِينِي غَيْمَةً شَهِيَّةً
وَبِلَمَسَاتِكِ الْمُضْرَمَةِ بِالرَّغْبَةِ
أَمْطِرِينِي
***
لِيَحْمِلِ النَّاسُ الْمِظَلَّاتِ
فَلَا نَظَلُّ مُبَلَّلَيْنِ
عَلَى نَاصِيَةِ رِيحٍ.. بِلَا مَصَابِيح
***
سَأَجْعَلُ الْغَيْمَةَ
حُـــــبْــــــــــلَــــــــــــــــى .. بـــِشُــــمُــــوخِــــكِ
أَحْرُسُهَا.. أَنَا رَاعِيهَا
***
وسَاعَةَ الْوِلَادَةِ
أَهُشُّ عَلَى غيمك.. بِعُكَّازِي
وَبِلَا آلَامٍ .. يَأْتِيهَا الْمَخَاضُ يَسِيرًا
***
كَرِيحٍ .. تَنْثُرِينَ الشَّهْوَةَ هَسيسَ نَشْوَةٍ
في أَعْــمَــاقِــي
وقَدُّكِ.. مِنْ كُلِّ أُفُقٍ فَجٍّ.. يَجْلِبُ لِيَ الْمَطَرَ
***
دُونَ نُضُوبٍ .. تَسْفُكُنِي ذَاكِرَتِي
عَلَى مَسَامَاتِ احْتِرَاقِي
وَأَظَلُّ فضاءَكِ المُشَرَّعَ.. عَلَى قَيْدِ الاشْتِعَالِ
***
تُقَاسِمِينَنِي صُورَتَكِ الــ تُثِيرُ فِيَّ
كُلَّ حِرْمَانِي
وكَفَرَاشَةٍ .. أَحْتَرِقُ بِرَحِيقِ هُيَامِكِ!
***
أَغُورُ .. فِي صَخَبِ لِسِانِكِ
أُسْرِفُ.. فِي اشْتِهَاءَاتِهِ الْمُعَتَّقَةِ
وأَغُوصُ.. فِي صَرْخَتِكِ النَّقِيَّةِ
***
فِي عَبِيرِ نَهْدَيْكِ.. أَسُووووووحُ
فيُمْطِرَانِنِي شَوْقًا.. يَتَّقِدُنِي
وَأَذْرِفُكِ عِطْرًا مُتَفَرِّدًا
***
بِمَفَاتِنِكِ .. تَسْجِنِينَنِي
مِنْ لَدُنِ رُوحِكِ .. تَنْسِجِينَنِي
وَظــبـــيًـــا أَطْــفُــو
سَ~ا~ب~حً~ا
إلَى مَقَامِ الْهُيَامِ
وعَلَى أَجِيجِكِ الثّائِرِ
أُجِيدُ طُقُوسَ هُطُولِي
__________________________________
نصٌّ من كتابي الشعريّ الآتي قريبًا