من أعمال التشكيلية فتحية الجروشي
طيوب عربية

أشعارٌ محكومةٌ بالشَغف

 

نمر سعدي

 
Fathia_Jeroshi (1)

خدَرُ الحُب

أخدِّرُ بالحُبِّ روحي لأكتبَ

لا شيءَ أصعبُ من أن تكونَ بلا امرأةٍ
بابتسامتها وبحزنِ يدَيها
تربِّي نوارسَ عينيكَ أو تشتهي
خدرَ الصبحِ فيكَ
ولا بحرَ أقربُ منها إليكَ
ولا رملَ أقربُ منكَ إليها
انتبهْ لحفيفِ حدائقها في المساءِ الشتائيِّ
خذ حبقَ الوقتِ من يدها
لا أصابعَ عذَّبها النايُ أعذبُ من فمها
حينَ يبكي على زهرةِ اللوزِ
خذني إليكَ تقولُ ولكنها ليسَ تعني
يراودها يأسُها الوحشُ عن نفسها
وهيَ لا تتمنَّعُ منهُ
انتهى اليومُ دع قلبَها أيُّها الحزنُ
كيْ تستردَّ المجازَ من الحلمِ
كيْ تشربَ الآنَ قهوتها
ثمَّ تنهضُ محفوفةً ببياضِ الشموسِ إلى شأنها
لا قصائدَ من جسدِ الماءِ أغربْ
أُخدِّرُ بالحُبِّ روحي وأذهبْ.

**********

روحٌ في البحيرة

هاتي فراشاتِ النهارِ وكفكفي عني كوابيسي
لعلَّكِ تنصتينَ الى يديَّ وتفهمينَ بكاءَها الرعويَّ
روحٌ في البحيرةِ أنتِ.. أوفيليا التي يبكي عليها الماءُ..
وحدي في القصيدةِ مثلَ قلبِ الشاعرِ المدفونِ حيَّاً..
كنتِ صندوقَ الحنينِ ومعجمَ الأسرارِ
فيما كنتُ أصرخُ كلَّما تهوي
أصابعُك المضاءةُ بالزنابقِ في الظلامِ أمام عيني
كفكفي حزني الجميلَ بما توهَّجَ فيكِ من حسنٍ حزينْ
من أيِّ بئرٍ جاءَ هذا الحزنُ يا أمَّ البنينْ؟

********

قبسٌ من الرؤيا

قبَسٌ من الرؤيا
يقولُ عليكَ أن تحيا
بلا ندَمٍ وجوديٍّ السؤالِ
وأن تكونَ يداكَ هاتفكَ الذكيَّ
وربَّما حاسوبَكَ الشخصيَّ..
بوصلتينِ للقلبِ المعذَّبِ
شبهَ نائمتينِ ليلاً في مهبِّ الريحِ
في زمنِ الحداثةِ والجمالِ
فلن تموتَ لأجلِ لاشيءٍ وبالمجَّانِ
حرقاً خلفَ قضبانِ البرابرةِ الحقيقيينَ
لن تجدَ الظلامَ متى انتبهتَ
ولن تكونَ ضحيَّةً عبثيَّةً
في رحلةٍ جويَّةٍ لسمائكَ الأولى
ومنخوبَ الجبينِ أو الضلوعِ بطلقةٍ خرقاءَ
والمحكومَ بالإعدامِ قربَ البحرِ
في أجواءِ رومانسيَّةٍ
لا شيءَ ينقصها سوى السينما
وايقاعِ الدمِ الحافي على جمرِ الحياةِ
ولن تموتَ سوى على أعلى صليبٍ
ناضحٍ بمرارةِ العطرِ المفخَّخِ والمصفَّى
من يدِ امرأةٍ أطحتَ بقلبها الأعمى
وأنتَ إلى نبوَّتكَ الأخيرةِ
أو بطولتكَ الأثيرةِ
يا ابنَ دمعتكَ الكبيرةِ ذاهبٌ
في منتهى هذا السرابِ الآدميّْ.
********
 

 

لغةٌ في الأصابعِ

 
 
ستنقصهُ لغةٌ في الأصابعِ
كيما يفسرَّ ما فيهِ من قلقٍ عاشقٍ
وسحابةُ صيفٍ ليغفو قليلاً
ويرتاحَ من تعبٍ كافرٍ آخرَ اليومِ
فيما تسائلُ عاشقةٌ نفسَها
وهي تكتمُ حُبَّاً جديداً بسريَّةٍ مُعلنةْ
مَرَّ من دونِ أن يتمرأى بعينيَّ شخصٌ غريبٌ
فماذا وجدتُ به دونَ كلِّ الرجالِ إذنْ؟
فهو في نزقٍ دائمٍ
هل وجدتُ حنانَ أبي مثلاً؟
أو روائحَ طفليَ؟
لا لستُ أدري..
وجدتُ أنايَ على راحتيهِ
ولم أجدْ الحبَّ فيهِ ولا لعنةَ الأمكنةْ.
********

علَّمتني كما لم تعلِّم سوايَ

ليسَ في يدها قبضُ ماءٍ ولا خمرةٌ
بل رمادُ الخطيئةِ أو جمرةُ الفاجعةْ
وأنا لم أكن مرَّةً قيسَ
كي أتحلَّق حولَ خلاخيلها
وأبوسَ السهامَ المضيئةَ تلكَ التي
قدَّتْ القلبَ من قُبُلٍ
والتي علَّمتني( كما لم تعلِّم سوايَ)
قراءةَ سفرِ المزاميرِ والجامعةْ
واضحٌ شغفي مثلُ شمسِ الضحى
ودمي مثلُ ضحكةِ ليلى الطفوليةِ النبرِ
لا يرتدي الأقنعةْ

********

سمكٌ طائرٌ

لها الآنَ أكتبُ لكنها ليسَ تدري
لمن أكتبُ الآنَ هذا الكلامَ البسيطَ..
فهل فكَّرتْ أنني قد نسيتُ إنارةَ وحدتها بالقصائدِ
أو بشموعِ دمي..
أو ضَللتُ طريقَ الرجوعِ الى قلبها..؟
وأنا لا بشيءٍ أفكِّرُ إلا بدمعةِ طفلٍ
ستقهرُ أعتى الطغاةِ..
لها الآنَ أكتبُ وهي بنسيانها المرِّ تشطبُ
كلَّ أغاني الحياةِ
تفكِّرُ قلبي تغيَّرَ والقلبُ في يدها
طوعَ نيرانها وهواها
تربِّيهِ وردةَ فلٍّ على مهلها تتفتَّحُ
أو قُبلةً في الشفاهِ
جاءَ من نسلها سمكٌ طائرٌ في الفضاءِ
وأسرابُ طيرٍ تجوبُ المياهْ

********
 
 

من أورثني سواهُ هذا الشغف؟

في القفصِ الصدريِّ
طيرٌ طائشٌ أعمى.. سرابيٌّ..
أنينُ البحرِ في أصدافِ عينيهِ
وفي رملِ شراييني وفي احتراقهِ الأزرقِ
من أورثني سواهُ هذا الشغفَ الناصعَ
أو شرارةَ الغوايةِ الأولى
بكاءَ الجسدِ.. الضلالَ في أوديةِ المجازِ
ملحاً في دمي يجهشُ
نوَّاراً غريباً كزهورِ الغيبِ في آذارَ
عشقاً غامضاً
وغيمةً بيضاءَ حولَ هالةِ اليدينِ
تيهاً في صحارى الشِعرِ
أو شبهَ حلولٍ في خواتمِ الندى الليليِّ
أو أصابعِ الرمادِ؟
لا يفضي إلى معنى
ولا يتركني أرتاحُ من طائرةٍ مائيَّةٍ في عصبي تئنُّ
أو يحملُ عني وردةَ الغبارِ أو فراشةَ الحديدِ
في ظهيرةٍ بيضاءَ…
هذا الطائرُ الشاعرُ كلَّ لحظةٍ
يطلعُ من منحوتةٍ فضيَّةٍ لامرأةٍ عاشقةٍ
في متحفِ الفنونِ
أو ينسلُّ من ركامِ فكرةٍ عن الحبِّ
ومن حطامِ ألواحِ الوصايا العشرِ
أو من دمعةِ السماءْ

********

آن سكستون

الآنَ لو صادفتُ آن سكستون تذرعُ شارعاً حذوي
فماذا قد أقولُ لها؟
تُرى سأبوحُ حينَ أرى أصابعها النحيلةَ
وهيَ تصنعُ قهوةَ الايقاعِ
أني ليلةً ما من ليالي العمرِ
وحدي كنتُ أشربُ صوتها الرقراقَ
وهو يفيضُ في اليوتيوبِ؟
هل سأقولُ في عفويَّةٍ وبجرأةٍ العشَّاقِ
كم أحببتها يوماً على عصبيَّةٍ فيها
وحزنٍ ليسَ تشفى منهُ…؟
ماذا كنتُ أطلبُ من يديها
في مهبِّ العمرِ والنوستالجيا؟
سيجارةً أم قبلةً أم نظرةً خرساءَ أم أيقونةً لفظيَّةً؟
أم يا تُرى تلويحةً لي من ضفافِ حنانها
وجنانها لجهنَّمي الحمراءِ؟
لكن آنَ ما كانت لتعبأ بي
ولو عاتبتها بلطافةٍ وبهمستينِ
على طريقتها المريعةِ في انتقاءِ الانتحارِ
وربَّما مرَّت مسارعةً خطاها
مثلَ أنثى الأقحوانِ
ولم تُعِر قلبي شعاعاً واحداً
أو تلتفتْ لي.

********
 

مجازُ الحنين

تقولُ لي: (كأنَّ عصفورةً
في صوتها الأزرقِ عصفُ السنينْ)
دعْ كلَّ ما في الدُرجِ من أنجمٍ
خضراءَ في الريحِ ومنسيَّةٍ
في غبَشِ الأحلامِ قد تهطلُ
حدائقُ الأشعارِ سريَّةٌ
يطلعُ منها قمرٌ مهمَلُ
أزهارهُ العمياءُ ممهورةٌ
للماءِ.. لا تزهرُ أو تذبلُ
تصيحُ بي قصيدةٌ لم يزلْ
من ألفِ عامٍ طيرُها يرحلُ
أطلق من الغبارِ مسجونةً
ضاقَ بها الليلكُ والمنزلُ
دعْ نهرَها يرقصُ ملءَ السماء
وشَعرَها في مطرٍ يوغلُ
أنا التي أصرخُ في كلِّ ما
كتبتَ.. أو أضحكُ أو أسألُ:
فراشةٌ عنيفةٌ أم يدٌ
تأكلُ من يديَّ ما تأكلُ؟
لمِّع بعينيكَ مجازَ الحنينْ
فصدأُ الحياةِ مُسترسلُ
*******

طلليَّة

قفا نبكِ.. قالَ
وحدَّقَ في يدهِ
لا ليمسكَ خيطَ القصيدةِ في غابةِ الليلِ
بل ليرى ما تخبِّئُ أشعارُهُ من تآويلَ…
كانَ على طللِ الغيبِ ينهرُ أشباحَهُ
ثمَّ يفتحُ بابَ قصيدتهِ للرياحِ
ويبدأ: يا ليتني حجرٌ
ثمَّ يصمتُ…
يا ليتني شجَرٌ
والدمُ المتخثِّرُ ينزفُ حتى
من الشجرِ المقتنى كاليبابِ
قفا نتأمَّلُ فوضى الخرابِ
قفا لنودِّعَ أيامَنا
وقفا لنشيِّعَ أحلامَنا
وقفا بي مليَّاً على طلَلٍ مُوجعٍ
مثلَ وشمٍ بخاصرةِ الأرضِ يلمعُ
كي أذرفَ الدمعَ والشِعرَ والقلبَ…
لنْ أتشمَّسَ في بحرِ آذارَ
أو أتأملَّ فلسفةَ الحبِّ
أو أبتني دارةً من سحابٍ لأنثى الغيابْ.

********

إمرأة

مثلاً لو فتحتُ نباحَ الكلابِ البعيدةِ
ماذا تُرى سأرى..
غيرَ بحرٍ فسيحٍ يُزوِّجُ زرقتهُ للسماءْ؟
وماذا سيخرجُ لي من صياحِ الديوكِ
وعرسِ الفراشاتِ في آخرِ الحيِّ غيرُ البكاءْ؟
وهل لو أقشِّرُ تفاحةَ الوقتِ
أو ثمَرَ الرغبةِ العاطفيَّةِ بالفمِ والمقلتينِ
فماذا سأجني سوى قبضةٍ من هواءْ؟
وحدَها امرأةٌ في القصيدةِ
تحملُ في يدها كوكباً لليمامِ
وخبزاً لفصلِ الربيعِ
وفي قلبها قمراً من غناءْ
وحدَها امرأةٌ في الحنينِ العموميِّ..
لا كالنساءْ.

*********

شغف مُجرَّد

مطرٌ ربيعيٌّ وسريٌّ يهبُّ على حديقتها
وشمسٌ في يديها الآنَ يا قلبي..
وسبعُ زنابقٍ
وكتاب كافكا الساحليُّ
ودمعةٌ فضيَّةٌ..
ومحارةٌ تحوي ارتطامَكَ في الطريقِ بنجمةٍ رمليةٍ
في الكرملِ السحريِّ
حينَ رأيتُها تمشي على عجَلٍ
وتنظرُ مثلَ وردٍ في الظهيرةِ باتجاهِ البحرِ..
تنحتُ من صدى الفرحِ النظيفِ صخورَ ضحكتها..
وكلُّ كلامها في الصفحةِ الزرقاءِ يُبكيني..
سرابُ مدينةٍ بحريَّةٍ هيَ.. لمَّعتْ عطشي المجرَّدَ؟
أم بقايا غيمةٍ في الشِعرِ؟
أم عطَشُ الحقيقةِ للمجازِ..
وما تجمع في دمي الصيفيِّ من نُقَطِ الجَمالِ؟

********

لسعُ بنفسج

لعنقاءِ هذا النهارِ الربيعيِّ ما تشتهيهِ
ولي أن أقولَ
الغريباتُ هنَّ الجميلاتُ
لسعُ البنفسجِ في الخاصرةْ.

********

قصيدة عبثيَّة

قاسمتني كوابيسَها مثلَ تفَّاحةٍ
والحديثَ الطويلَ المُملَّ عن الأدبِ العبثيِّ
وقصَّةِ (فنَّانَ جوعٍ)..
وعطرَ الأكاسيا وخبزَ الفراغِ..
وأشياءَ أخرى
ولم تنسَ في جسدي شوكَها المتوجِّسَ
لم تنسَ أغنيةَ الماءِ.. أو فلَّها
أنا من نسيتُ دمي في حرائقها
والحدائقَ في جسمها.. كلَّها.

********

شاعرٌ حديث

الشاعرُ الحديث لا يبحث عن شيءٍ أبداً
ولو كانَتْ نظرتهُ تُغري بأنهُ
يبحثُ عن شيءٍ ما خفيٍّ
فهو قد استقالَ من مهنةِ حملِ المزامير
والطوافِ بها من وادٍ لآخرَ
ولقدْ تشقَّقتْ قدماهُ
من كثرةِ ما مشى في بريَّةِ الريحِ
وعلى شهوةِ الماءِ
هو فقط يبحثُ بعينيهِ المنكسرتينِ
مثلَ قوسَيْ قزحٍ
والمشتعلتينِ بثلجٍ أسودَ
عن مدنٍ جديدةٍ يتعلَّقُ بها
تعلَّقَ الطفلِ بأمِّهِ
ونساءٍ مرحاتٍ يدفنُ فيهنَّ قلقَهُ
الذي أورثتهُ إياهُ
حبَّةُ التفاحِ الأولى.

*********

غيمةٌ في الأصابع

نصفَ نائمةٍ تنقرُ الهاتفَ الخلويَّ وتبسمُ..
ترهفُ أعضاءَها للنسيمِ
وما يتنادى على ساحلِ البحرِ
من مطرٍ هائجٍ لطيورِ السنونو
وترشدُ ضلِّيلها القلبَ للطابقِ العُلويِّ
هنا في قطارِ المساءِ..
أشاعرةٌ هي لا تكتبُ الشعرَ أم غيمةٌ في الأصابعِ
أم ذئبةٌ في القصيدةِ..
أم زرقةٌ لا تفسَّرُ أم وردةٌ في الغروبْ؟
أنا الآن أكتبها بالحنينِ الوجوديِّ..
هل أطمئنُّ الى أنني أنتمي لكآبتها فرَحاً
ولكلِّ العصورِ وكلِّ الشعوبْ؟

*********

هاتي وردةً ويداً لأنسى

سأُعيدُ قولَ أبي
فما هذا الربيعُ الهامشيُّ بمُنطقي
أو مُطلقي من قيدِ نفسي
في يدي ستصبُّ شمسي عندَ هاويةِ المجازِ
ومن دمي العفويِّ والحافي
سيطلعُ بُرعمُ الوجَعِ المقفَّى في هواءِ البحْرِ
يا حيفا الحبيبةَ لا تنامي أوَّلَ الليلِ الطويلِ
وتتركيني في مهبِّ القهْرِ
هاتي وردةً ويداً لأنسى
دمعةً ذهبيَّةً في الدربِ
أو موتي بحربِ الطائفيين اللعينةِ
أو فماً لأشدَّ رأسي
بحديقةِ المشفى إليهِ..
وحكمةً لا خيرَ في غدها
الذي أرجأتهُ لرمادِ أمسي
سأعيدُ قولَ أبي
فما هذا الربيعُ الهامشيُّ بمُنطقي..
طوبى لمن يغفو بغمِّ الأمسِ أو همٍّ قديمْ

********

وحدة

ثمةَ كائن تعيسٌ في مكان ما من هذا العالم.. تعيسٌ بوحدتهِ إلى أبعدِ حدود التعاسة.. لكن.. أينَ يهربُ من وحدتهِ يا الله.. وكلما قصدَ مكاناً قصيَّاً من هذه الأرضِ وجدَها بانتظارهِ.. رغم المئات من الذين يحيطون به إلا أنه لم يتخلَّص بعدُ من اطلالةِ وجهِ وحدته القبيحِ على وجوده. الوحدةُ هي أفظعُ عذابٍ في الحياة.
هكذا كانَ يتحدَّثُ مع نفسهِ الرجل الخمسينيُّ في مكان ما.

**********

الطغاة

 
 

الطغاةُ إذا دخلوا قريةً أهلكوها.. الطغاةْ
شربوا خمرةً من دماءِ الضحايا ودمعِ القلوبِ
وسوَّوا الجبالَ مع الأوديةْ
الطغاةُ رمادٌ مريضٌ
ستذروهُ يوماً يدا طفلةِ الشمسِ في الهاويةْ
الطغاةُ عناكبُ سوداءُ يابسةٌ
سوفَ يجرفها بوحُ نايٍ
وتحرقها أغنيةْ

********

ألف عامٍ لأنساكِ

يلزمني ألفُ عامٍ لأنساكِ
يا وردةً من دماءٍ ولحمٍ
ومن غيمةٍ في غصونِ الأراكِ
تشرَّدتُ في الحرَمِ الجامعيِّ
وفي الأرضِ لا طالباً للعلومِ
ولا شاعراً ضلَّ في الحبِّ عشرينَ عاماً
وقُبلتُكِ المشتهاةُ مع الريحِ قِبلتُهُ
الآنَ في المطعمِ الجامعيِّ
المطلِّ على جنَّةِ الأرضِ حيفا
أفكِّرُ وحدي بلا شيءَ
أمشي لأنسى
أدخِّنُ بعضَ السجائرِ
أجهلُ من أنتِ.. أجهلُ نفسي

*********

دمعةٌ من كربلاء

بالدموعِ نكلِّمهُ:
أنتَ قطَّعتَ أيديَنا فبماذا نعانقُ أحبابنا
يا يزيدُ ولا… لاتَ حينَ عناقْ؟
أنتَ صلَّبتنا في الشآمِ وقتَّلتنا في العراقْ
ستنامُ بقلبٍ مواتٍ وعينينِ مسجورتينْ
لأنَّ دماءَ الحسينْ
تحرقُ الآنَ روحكَ…
تخلقُ من كلِّ طفلٍ حُسينْ
*********

نعمةُ الصمت

لو أنَّهُ ظلَّ صامتاً
ذلكَ الرجلُ الثلاثينيُّ الساهمُ والمتعبُ
من غيرِ عملٍ شاقٍ يقومُ بهِ
لو أنَّهُ ظلَّ صامتاً
ولم يبدِّدْ سعادةَ حياتهِ في صحراءِ الثرثرةِ
وهو يحدِّقُ في كفِّ نهرِ الفراغِ كعرَّافٍ فاشلٍ
لكانَ عرفَ عندما انسابتْ وردةُ الحقيقةِ من حديقةِ قلبهِ
الفرقَ الكبيرَ بينَ شوكةٍ زرقاءَ في دمهِ
وقبلةٍ يطيِّرها على أطرافِ أصابعهِ لامرأةٍ مجهولةٍ
تجلسُ في أقصى زاويةٍ في مقهى مكتظٍ برائحةِ السماء
*********

مقالات ذات علاقة

اعتراف

المشرف العام

فاصلة المحطة الرابعة.. ما تأبــى من الطيف

حسين عبروس (الجزائر)

وقعت سهوًا

فريدة عدنان (المغرب)

اترك تعليق