بالحديث عن التشكيل الليبي، خاصة فن الرسم الساخر أو «الكاريكاتير»، فنحن بالتأكيد نتحدَّث عن الفنان محمد الزواوي، الذي يعتبر رائد هذا الفن ومدرسة في حدِّ ذاته.
نَحَتَ الزواوي بريشته وقلبه وفكره وجدان الشعب عبر مسيرة تجاوزت أكثر من نصف قرن من العطاء، فكانت كل لوحة تأريخًا وتوثيقًا لانعكاسات المجتمع وأهم الأحداث والظواهر والتغييرات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي يمرُّ بها المجتمع سواء بالسلب أو الإيجاب.
ببلوغرافيا
وُلد الفنان محمد محمد الزواوي الترهوني في ضواحي بنغازي سنة 1935، وتلقى تعليمه الأساسي في مدرسة الأبيار الداخلية حتى السنة الرابعة الابتدائية، ثم انتقل إلى مدينة بنغازي لمواصلة دراسته، ولظروف عائلية اضطر لترك الدراسة وعمل رسامًا بالقسم السمعي والبصري التابع للمصالح المشتركة «النقطة الرابعة الأميركية».
في العام 1961 ضُمَّ القسم السمعي والبصري لوزارة الأنباء والإرشاد، وفي العام 1963 اُنتُدب الزواوي للعمل في مجلة «الإذاعة» الصادرة عن الإذاعة والتلفزيون الليبي في طرابلس مخرجًا صحفيًّا ورسامًا، وعلى صفحاتها خَطَّ أول لوحة ساخرة، ثم انتقل لمجلة «المرآة» التي كانت ترأس تحريرها خديجة الجهمي. وعمل مخرجًا ورسامًا إلى جانب نشر رسومه في معظم الصحف والمجلات الليبية.
طُبعت أعماله الكاريكاتيرية في مجلديْن ضخميْن بعنواني «الوجه الآخر» و«أنتم»، أما «نواقيس» فيعتبر آخر مجلد توثيقي لأعماله قام بنشره، وخاض بنجاح مجال الرسوم المتحركة، ونفَّذ منها ما يزيد على 100 دقيقة من أبرزها سلسلة أفلام «يوميات جحا الليبي»، كما أقام كثيرًا من المعارض المحلية والعربية والدولية، التي استحوذت على إعجاب وتقدير الناس أينما عُرضت.
بالإضافة إلى نيله جوائز عدة، مثل وسام الريادة في مجال الفن الساخر وغيره تقديرًا لما قدَّمه من عطاء وإبداع في مجال الكاريكاتير.
اقتباس مع درجة السرقة
لكل عالم أو فنان تلاميذ ومريدون، كذلك الحال مع الزواوي، إلا أنَّ هناك مَن سرق بعض أعماله مع تحريف بسيط لا يكاد يذكر لخطوطه التي تميَّز بها وصنع لنفسه سمًا من ورائها.
وأُثيرت هذه القضية في موقع «ديوان العرب» الإلكتروني الذي كان ينشر أعمالاً كاريكاتيرية للرسام الفلسطيني «أبو النون »، فوصلتهم رسائل من قارئ تنوه عن السرقة مع روابط لأعمال الزواوي الأصلية وتاريخ نشرها،
ولمحافظة الموقع على مصداقيته اتصلوا بـ«أبو النون» الذي قال إنَّه «يقتبس» من الزواوي بتصرف، وعندما طالبوه بمدِّهم برقم هاتف أو أية وسيلة تواصل بينهم تهرَّب من الموضوع، ومثل هذه السرقات الأدبية والفنية لا تدلُّ إلا على أهمية صاحب العمل الأصلي وثبات خطواته وكونه مرجعًا قد يتَّخذُ منه البعض مطية للوصول للعالمية.
بعد رحلة من الإبداع والتألق فاقت نصف قرن، وتحديدًا في 5 يونيو، وفي هدوء تام رحل الزواوي تاركًا وراءه إرثًا فنيًّا وأسلوبًا يعد ثورة في عالم الكاريكاتير.
___________________________
نشر بموقع بوابة الوسط