الطيوب | متابعة وتصوير : مهنَّد سليمان
بحضور ثلة من البُحّاث والمثقفين والمهتمين أقام مجمع اللغة العربية بمدينة طرابلس صباح يوم السبت 17 أغسطس الجاري ضمن نشاطاته العلمية والثقافية محاضرة جديدة بعنوان (كتب أسست لغزو التراث) ألقاها الباحث والمترجم الليبي في مجال الدراسات الاستشراقية الدكتور المُحاضِر”عمر لطفي العالم” العضو المشارك بالمجمع، وتولى تقديمها الدكتور “عبد الله الزيات” عضو المكتب التنفيذي بالمجمع.
استيعاب المسلمين لثقافات الأمم الأخرى
من جانبه أشار الدكتور العالم إلى أن العرب والمسلمين في زمننا المعاصر اعتادوا على أخذ الأمور على عاتقها وعلى ظواهرها دون تحميص أو غربلة، وتابع بالقول : لابد لي في هذه الحالة أن أذكر بأن أسلافنا لم يفعلوا ذلك في تاريخهم العريق وأشيد بالذكر إلى ما فعله أجدادنا وأسلافنا العرب في طريقة استقبالهم للثقافات المحيطة بعد انطلاق الدين الإسلامي من شبه الجزيرة العربية فبعد الإسلام مباشرة خرج العرب من جزيرتهم، وبدأت الجولة الأولى بحافز من كتاب الله القرآن الكريم وتليه السنة المباركة شارحة ومؤججة وباحثة فنظروا أي المسلمين في محيطهم واستقبلوا واستوعبوا ثقافات الأمم الأخرى بصدر مفتوح، ولفت الدكتور العالم إلى أن أحد البُحاث الألمان “بيكر” كتب دراسة تعكس القاعدة التي تنطلق منها العرب المسلمون في استقبال التراث فيما يفد عليهم من الخارج فقال بصريح العبارة: إن العرب المسلمين لم يستقبلوا شيئا من تراث اليونان وغيرهم ما لم يُخضعوه أولا إلى ميزان القرآن والسنة.
جدلية ترجمة القرآن الكريم
كما أضاف الدكتور العالم قائلا : إن عام 1140م شهد ظهور أول ترجمة للقرآن الكريم للغة اللاتينية في شبه الجزيرة الآيبرية حسب ما يُجمع عليه المؤرخون بوازع وإشرف وتحريض من أسقف كان رئيسا لأحد الأديرة اسمه “بطرس المُبجّل” فكان اجتهاده وتمويله وتحركه حافزه إلى ذلك هجمات الموحدين، ونوه الدكتور العالم إلى أن مجموعة نخبوبة من البُحّاث والمستشرقين الأوروبيين يرون بأن الدين الإسلامي مذهب منشق إما عن التوارتية أو عن المسيحية سواء عن العهد القديم أو الجديد، وأردف الدكتور العالم أن ترجمة القرآن لم تُنشر بل بقيت مجهولة نحو أربعة قرون حتى نشرت أخيرا في مدينة بان السويسرية، وفي المقابل أوضح الدكتور العالم أن المسلمين كانوا لا يسمحون بتسرّب القرآن الكريم لغير المؤمنين تطبيقا للآية الكريمة (لا يمسّه إلا المطهّرون)، فيما أكد الدكتور العالم أن المرء إذا كان يريد حقا معرفة عدوه فلابد أن يعرف كيف يفكّر وعلى أيّ شيء تقوم ثقافته فالثقافة الأحادية حين لا تنظر إلى العالم من حولها وتجهل كيف يفكر لا خير فيها.
مزاعم كتب المستشرقين اليهود
بينما بيّن الدكتور العالم أن الاجماع قائم على أن الثقافات العربية التي وفدت على أوروبا جاءت من عدة بوابات من ساليرنو وبالريمو ومن بغداد والأندلس، وهؤلاء كانوا مفتاح التعاطي فدراسة الأسلوب والألية التي عمل بها المفكرون الأوروبيون هي في حد ذاتها ملحمة علمية ثقافية يجب إيلاؤها الاهتمام الكافي فالغرب تلقف كل ما أنتجه العالم بذكاء شديد وعمل دؤوب أناء الليل وأطراف النهار من خلال الترجمة في كل مجال، وتوقف الدكتور العالم عند مسألة لطالما شاعت متمثلة في أن كره العصبية المسيحية هو الذي جعل الغربيون يُقدمون على هذه الحرب الضروس ضد الثقافة العربية هذا صحيح في شق منه بيد أن الأصح حينما ندرس ذاك التاريخ بعناية سيخرج بنتيجة مؤادها أن أولئك المسيحيين قد عبدوا الله على حرف ولم يكونوا على بيّنة متأثرين بالفكر الثقافي الهيلاني حد الثمالة كما تطرق الدكتور العالم إلى مجموعة من الاستدلالات عن الكتب التي ألفها الباحثون والمستشرقون الأوربيون للإساءة للتراث الإسلامي والعربي وتشويه بداهاته مثل المزاعم حول بقايا الوثنية في الإسلام، وانشقاق الدين الإسلامي عن التقاليد التوراتية والإنجيلية ويؤكد الدكتورالعالم على أن معظم مؤلفي تلكم الكتب هم ذو خلفيات عقائدية يهودية ولاهوتية.