المقالة

ما أفسد العطار

في حمى التجديد التي أصابت العرب جميعاً وليس الليبيين وحدهم ارتفعت العمارات وبالطبع أصوات المطربين والمطربات وارتفعت مداخن المصانع وتغزل بها الشعراء.

كل شيء طال وارتفع عدا ملابس المطربات والراقصات التي ظلت تقصر كلما اشتدت حمى التجديد.

حمى التجديد لم تترك الأشياء على حالها تؤسس مدنها وفنونها الجديدة بعيدا عما أفسد الدهر كما يقولون بل أصرت على هدم القديم وإعادة بناءه من جديد.. فأطلقت جرافاتها ومسئوليها أنصاف الأميين على المدن القديمة لاغية ليس جدراناً وتراباً متسخاً كما تراه بل ذاكرة وتاريخاً وقيماً جمالية وأخلاقية.

لقد التهمت حمى التجديد مرزق القديمة.. سوكنه القديمة.. الجزء الأكبر من هون وابتنت معماراً بشعاً فوق زويلة القديمة دون أن ننسي ما أصاب بنغازي القديمة ومصراته القديمة.

اندفع المتحمسون للتجديد يوقعون العقود الضخمة مع العديد من الشركات  لبناء العمارات والدارات والأحياء لنصبح جديدين تماماً

لقد كان الجميع يتصور أن تهديم المدن القديمة هو تهديم للتخلف وخطوة للخروج منه لبناء مدن تشبه مدن الآخر الأوروبي وبالتالي دخول العصر عبر التهديم وليس البناء نسو أن الأوروبي بنى الجديد وظلت مدنه القديمة مصانة مقدسة.. لقد أفسد العطار ما أصلح الزمن.

مقالات ذات علاقة

مرايا لصورة المسماري

المشرف العام

الفرص الضائعة

رافد علي

مــفاتــيح

المشرف العام

اترك تعليق