المقالة

مــفاتــيح

عبدالرسول محمد

من أعمال التشكيلي محمد التونسي
من أعمال التشكيلي محمد التونسي

تلويحة؛ التلويح باليد والاشارة بها، إلى من رحلوا عنا ولم يغادرونا، تركو بداخلنا جرحا نلوح به في كلامنا، هنا الجانب الآخر من الألم والمعاناة، اللذان يختلج بهما صدر الشاعر، ليخرج علينا بإبداع نكاد نقول عنه منقطع النظير، أظهره ولمع به، تاركا لنا تلويحة عالقة في الهواء.

مثل ثقب في نافذة العودة إلى الماضي، و تفحص شيء ما ومعرفة كنهه و أشياء كانت ولابد أن تحدث في مواقيت صحيحة ووجوه لتعرف أمرها وقد نبالغ احيانا في الفحص بنظر ثاقب وتأمل وجوه كثيرة لتعرف أمرهم وأحوالهم كل ذلك والأيام الغزيرة تتدفق فوق منحدر العمر بسرعة وتجرف كل شيء لنجد أنفسنا قد تأخر بنا الوقت عن الحب والكره حتى عن اعتذارات تغفر خطايا من نحب ولا شيء صالحا سوى البكاء على قارعة العمر بعد انتهاء الوقت كل ذلك لا نجده سوى ببصيرة شعرية داخل زمن القصيدة الذى يثير القلق ازاء ظواهر الحياة،  يقول “شوبنهاور”: (عندما لا يقلقني شيء فهذا يبدو مثيرا للقلق). وما يسمى بالزمن الشعري هى القصيدة التي تسخر بقوة من الزمن المعاش وإعادة بناء الإحساس بخليط من الذكريات المحزنة والجميلة، داخل الزمن الشعرى الزمن المفتوحة على الكثير من الأحداث والمواقف والمتغيرات الحافلة بالأسى والحزن المرير.

لا شيء قد تغير عند خروج الشاعر من الزمن الشعرى إلى الزمن الحقيقي ذلك الذى يغمز لكي يقوم بالأخذ بيدك بعيدا عن كل شيء، غاب ولم يغمز حتى لتجد نفسك هشا بطريقة ما أو بأخرى مزرية جدا، لترى في هذآ اليوم لا شيء قد تغير قائلا سأذهب لأرى البقية مكتشفا نفسك مثل ثقب في نافذة.

الشوارع الفقيرة طيات وسلسلة نتوءات على وجه البلاد سطرت رحلة الوهن فيها هذه الجروح الغائرة، التي تسمى بشوارع الفقراء، ولكن السماء ألتي تلبدت لاستقبال دعاء الفقراء، ستضع المرهم على الجلد المتهيج، وتكفكف دموع المساكين، وتغسل الشوارع من دود السياسة.

نعتذر قد نعتذر للضياع، لإيجاد أنفسنا، قد نعتذر للذنوب التى لولاها ما استطعنا أن نتذوق طعم الاعتدال، كذلك للمتاهات التى لولاها ما عرف السبيل، يقول “فريدريش نيتشة”: (إذا ما كان الجميل هو ما يمنح البهجة، كما كانت تغني ربات الشعر قديما، فإن النافع غالبا ما يكون انعطافة ضرورية في طريق الجميل)، بإمكانه إذا أن يرد عن حق اللوم غير المتبصر لأنصار اللحظة الحاضرة، اللذين لا يريدون الإنتظار ويعتقدون أن بوسعهم أن يبلغوا كل شئ دون لف أو انعطافات.

الحزن كائن خبيث يضع رجلا على رجل ساخر منك وأنت تحاول إسعاد نفسك، قائلا أيها الكذاب إلى النخاع، الحزن الذى كآن السبب في تشقق بيت اليتامى، يتامى لا يشتكون الزمن وهو المصاب بطعنة أبيهم، بعد نزع صورة الأم التي كانت تقف مثل شجرة  وارفة ،عن أحد الجدران، الحزن الذى لا أحد يعرف له شكل، ولم يجزم أحد بوصفه، أو الحديث عنه حتى حزن الرعاة الذين اعادهم الحنين كلما ابتعدوا عن مسارحهم،   خاصة إذا كان هناك سوء فهم بينك وبين الحياة ويغدو من المستحيل إزالته في أمر جزئي إذا كآن سوء الفهم في المجمل هنالك تقضى العمر في هدر كل ما تملك من قوة في سبيل الدفاع عن نفسك  تغدو بك غصة، صلابة، تمزق الكثير من المتناقضات، غير مستبشر حتى بنبوءات السماء،  تحاول الركض وتنتهي بك الحكاية مرتطما مثل دلو خانته البئر الفارغة محدثا كل هذآ الدوي لتصبح بذلك مفتاح غير صالح لفتح أي باب،  متمنيا أن تعود ميلا واحدا بعد ألف ميل قائلا في قرارة نفسك كاد آن يكون الشك يقينا.

مقالات ذات علاقة

القلمُ يتوسدُ تابوتَه

يونس شعبان الفنادي

بين نساء الصعيد وطرابلس

المشرف العام

نيران الكهنة

يوسف القويري

اترك تعليق