قصة

اللـوحــة


تشدني المعارض الفنية… وتستهويني… لذلك احرص على زيارتها.

وفى المرة الأخيرة اطلت الوقوف امام لوحة أعجبتني.. تمثل حصان جامح ذو نبل وكبرياء… يرفع رأسه ويصهل..

تأملت  اللوحة مليا… فهي رائعة بمساحتها الممتدة… بألوانها الثائرة…خصلات شعر الحصان وهى تتطاير بتحد واضح.. لا مجال للتفكير.. فاللوحة جميلة… واقتنائها كسب حقيقي… خاصة عندما تتصدر غرفة الجلوس.. حيث يكون لي الكثير من الوقت الممتع بجمالها… واكتشاف ما تخبئة من معان لااراها فى هذه الوقفة العاجلة.

احمل اللوحة وفى داخلى فرح حقيقى بفوزى بها يشعرنى باننى امتلك شمسا فى بيتي…وبحرص أم أضعها فوق الكرسي الخلفي واطئن الى استحالة ارتطامها بارضية السيارة.

اقفل الباب بحنان بالغ وعينى لاتبارح مراتى الصغيرة…لاختلص نظرة كل حين اطمئن فيها لوضع اللوحة خلفي.

أصعد الدرج جذلى استعجل الوصول لاعلق اللوحة.. أحضر السلم ومسمار ومطرقة.. أجرب أولا.. أين أعلقها؟.. بحيث تستقبل أي زائر لبيتنا ويمكننى متى جلسات فى اية زاوية التمتع بمراتها؟..

أعلق اللوحة في صدر الغرفة وقد استغرقت وقتا طويلا.. كي تكون المسلفة في منتصف الجدار تماما ويخيل الى بأن الحجرة صارت أوسع وأرحب.. وأكاد اسمع صهيل الحصان صادرا من اللوحة.

صوت خطواته تقترب.. اسبقه بفتح الباب والفرح يملؤني.. عله يلاحظ ما أضفته من جمال أخاذ وهي تزين الجدار الشاحب.. لا ينتبه.. أنبهه (يمتعض ولا يقول شيئا) ظننت انه سيعجب بذوقي في اختيارها.. واختيار المكان الملائم لها.. أحاول أن أوضح له مواطن الابداع في الرسم وما تحمله من معان.. لكنه لا يجاول تذوق روعتها..

لا أعرف…

كيف احتد النقاش بيننا الى ان وصل الى هذا الحد؟.. فأنا لم اغفر له تغيير مكان اللوحة ووضع أخرى مكانها… لم استطع تقبل امكانية أبعادها للممر الداخلي.. ثرت بجنون واعتبرت فعلته بانها اعتداء عن حق لي يحتد النقاش اكثر…. فاكثر.

استيقظ في الصباح…. وأنا في مغادرتي لبيت كنت فيه.. اضع ورقة فوق المنضدة في حجرة الجلوس.. لا احمل حقيبة ثيابي…. ولا أي شئ آخر..

فقط.. أوراق هويتي.. ولوحة أعجبتني

 ________________________________

مجلة الفصول الأربعة.. العدد: 79/1995

مقالات ذات علاقة

أريفديتشي.. يا ليبيا

محمد ناجي

الطَبْخة

أحمد يوسف عقيلة

زقزقة

محمد الأصفر

اترك تعليق