أزيح الستارة وأنظر عبر الزجاج ، أعرف الوقت ودرجة الحرارة من خلال لوحة مضيئة معلقة في أعلى العمارة .
– آه مازال الوقت مبكرا ولكنني أكره العودة إلى النوم ..
أستحم … أملأ فنجاناً بالماء الفائر ، أغمس فيه كيساً من الشاي الأخضر ومكعبي سكر ، أترك الشاي والسكر يغرقان قليلا .. انتشل كيس الشاي وأترك السكر ليلاقي مصيره ، ثم أرشف وأرتدي ملابس الخروج .
أتجول في الحديقة ريثما تفتح المحلات أبوابها ، من عادة الصينيين تعليق أقفاص العصافير في أغصان الشجر ، يفعلون ذلك كل صباح باكر ، أرى الأقفاص وأرى الشمس وهي تبزغ بأشعتها التي تتخلل الأوراق كمشط ناعم ، الندى يقتسم بين السماء والأرض ، والأوراق تنعم بالدفء والاخضرار والطراوة …
أسمع عصافير الأقفاص تزقزق وعصافير الأعشاش تزقزق .. الميلودراما الصوتية تنهك روحي .. فيبدأ عقلي في العمل … لماذا لا تمتزج الزقزقتان ؟ أنظر إلى الفراخ ، فراخ الأعشاش وفراخ الأقفاص ، كلاهما يطعمه الوالدان ، طعام الأقفاص كثير وطعام الأعشاش قليل واللذة لا تقاس ..
بعد ساعة تفتح المحلات ويعود كل صاحب قفص بقفصه إلى الشقة وعصافير الأعشاش تقبل فراخها وتطير …
قرب الغروب تقفل المحلات أبوابها ويعود الناس وأنا منهم …
في طريقي إلى الفندق شدني منظر حي لمجموعة من الشيوخ والأطفال ذكور وإناث يقرعون الطبول ويرقصون في صفوف منتظمة … رقصاتهم كتمارين رياضية والمتفرجون يبصقون على الأرض بين الحين والآخر … ثم يبتسمون حتى تتلاشى عيونهم الضيقة .. أنظر عاليا فألمح العصافير التي طارت صباحا تعود أسرابا … أسرابا .. أتأمل الطيور الراقصة والطيور العائدة … يكويني التأمل … أدخل قفصي … أقف تحت الدش ، أقفل عيوني مسترجعاً أحلام الذكريات القادمة .