الطيوب
أقام منتدى أصدقاء المسرح في بيت العبارة ضمن نشاطه الثقافي الشهري بزنقة باكير بالظهرة طرابلس مساء يوم الخميس 3 فبراير الجاري مؤانسة مسائية استضاف فيها السياسي الليبي المخضرم “بشير الرابطي” وتولى تقديم وإدارة الأمسية الدكتور “جمعة عتيقة” وذلك بحضور لفيف من المبدعين والمثقفين والإعلاميين وعدد من المهتمين، وافتتح المؤانسة الأستاذ “عبد الرزاق العبارة” ثم استهل الدكتور عتيقة حديثه بتقديم السياسي الرابطي والترحيب به شاكرا للحضور مجيئهم واهتمامهم حول تجربة مميزة وحكاية “بشير الرابطي” مع ليبيا واصفا تجربته بأنها حكاية طويلة تتضمن الكثير من المعاني والقيم والمعاناة والكدح وتابع بأنه عرف الرابطي مساهما في العمل العام والعمل الاجتماعي والفني وهذه الباقة من النشاطات معروفة لدى الكثيرين.
وتحدث الرابطي مستذكرا ظروف نشأته الأولى وميلاده بزنقة باكير بمنطقة الظهرة عام 1939م مضيئا على صور من حياته الأسرية ووضعه الاجتماعي الذي كان فقيرا حيث توفي والده وهو بعد لم يبلغ عمر الـ15 عام ما أضطره للخروج للعمل عاملا في مصنع للتبغ لإعالة أسرته وتوفير احتياجاتهم الاقتصادية، وكان وقتذاك حسب ما سرده يحمل الشهادة الإعدادية التي كانت في ذاك الزمن تُمكن حاملها من التدريس، وتفتح وعيه السياسي من خلال بعض العمّال اللذين كانوا يواجهون ظروفا تعسفية من قبل الإدارة الإنجليزية أثناء عملهم من تأخر للعلاوة وما نحو ذلك ثم خاض تجربة الانتخابات النقابية ونجح ليعين سكرتيرا لنقابة العمّال واستكمل لاحقا دراسته الثانوية ومن ثم دراسته الجامعية وتحديدا بكلية العلوم قسم جيولوجيا عام 1960م وترأسه لاتحاد طلبة الجامعة ومساهمته في تأسيس اتحاد طلبة ليبيا العام عام 1963م.
كما تطرق الرابطي لأول محنة سياسية واجهها وهي تلفيق قضية أمن دولة من قبل رئيس المخابرات إبّان العهد الملكي وذلك على خلفية اشتراكه في المظاهرات، فقد كان الرابطي صاحب صوت عذب في قراءة القرآن والإنشاد الديني ما جعله ينجح في تحشيد الجموع وإثارتها ضد الحكومة وأردف الرابطي بأن تمتعه بصوت جميل جعل فكرة احتراف الغناء تراوده لفترة، وواصل الرابطي سرد أبرز محطات سيرته الذاتية في ضوء ذكريات نضاله السياسي وعلاقاته مع شخصيات النخبة السياسية كعبد الحميد البكوش وغيرهم من المسوؤلين والسياسين الليبيين والعرب، كذلك دوره في إقامة اتحاد الجمهوريات العربية في سبعينيات القرن المنصرم والتسهيلات التي حصل عليها الطلبة الليبيون للدراسة بالجامعات المصرية، فيما استرسل الرابطي متحدثا عن مناقب وأخلاقيات المسؤولين السياسيين في حقبة الملك إدريس السنوسي وأوجه المقارنة بينهم وبين السياسيين اللاحقين لهم، وتكلم بمرارة عن الاختلاف العميق بين شخصيات مثل محمود المنتصر وحسين مازق وبين شخصية عبد السلام جلود مثلا.
وأضاف الرابطي بأنه تحايل على النظام السياسي السابق مدعيا المرض لكي يتمكن من الرحيل إلى إيطاليا ثم إلى العاصمة المصرية القاهرة ليستقر مقامه بها ويؤسس من الصومال بمعية الراحل عبد الحميد البكوش منظمة تحرير ليبيا كأول تنظيم حزبي معارض عام 1981م وتبدأ رحلته مع العمل السياسي المعارض، واختتمت المؤانسة المسائية بتوقيع “بشير الرابطي” كتابه المعنون بـ(حكايتي مع ليبيا) وعرض فيلم بعنوان (الشواطئ الناعسة) وهو عمل وثائقي تسجيلي من إنتاج واخراج وموسيقى تصويرية الفنان “ناجي صدقي”.