بقامته الطويلة وطلته الهادئة، جلس على مقعد يتصفح أحد الكتب، وما بين سطر وسطر يأخذ نفساً من سيجارته، فاقتربت منه بهدوء ثم مددت يدي إليه.. «أهلاً أستاذ جمعة بوكليب»، هكذا ألقيت عليه التحية، فنظر إلي متبسماً، قبل أن يسألني مستفسراً عمن أكون.
كان الكاتب الليبي الكبير يجلس في جناح دار الفرجاني، بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، يطالع بعض الكتب ويتنقل من عنوان لعنوان، وهو بالمناسبة له هذا العام كتابان طُبعا في جلد واحد وهما «حكايات من البر الإنكليزي» و«خطوط صغيرة في دفتر الغياب».
«مثل هذه المعارض الكبيرة تعد فرصة لالتقاء المثقفين والمهتمين بالكتب»، هكذا قال بوكليب، مشيراً إلى أنه متوقف عن الكتابة منذ فترة «عدا الكتابة عبر وسائل التواصل الاجتماعي»، على حد قوله.
ولما سألته عن السبب قال إنه «الوجع» والغضب على حال البلاد العربية بشكل عام وليبيا بشكل خاص، مضيفاً والحسرة تجعد ملامحه: «لم نكن نتوقع أن تتحول ليبيا إلى ساحة حرب. أطماع وسلطوية. إنها حرب مغانم».
ويرى بوكليب أن حل الأزمة الليبية لا يكمن في السياسة بقدر ما يكمن في ضرورة تكاتف الليبيين أنفسهم حتى يتمكنوا من الخروج من هذه الدوامة. دوامة الرصاص والدم، كما يرى أن هناك دوراً مهماً لابد وأن يضطلع به المثقف من أجل الخروج بالبلاد إلى بر الأمان، مضيفاً: «يمكن للثقافة أن تصلح ما أفسدته الحرب».
قلت له إن البعض يعيب على المثقفين الليبيين الذين يعيشون في دول أخرى، خاصة هؤلاء الذين خرجوا بعد ثورة فبراير، فأشار إلى أن هذا «اضطرار وليس اختياراً» وأن الأمر لا يقتصر على الكتاب والأدباء والمفكرين، فكثير من رجال الأعمال اضطروا للخروج، بسبب الاضرابات والوضع في البلاد.