الطيوب : متابعة وتصوير / مهنّد سليمان
استضافت الجمعية الليبية للآداب والفنون بدار حسن الفقيه حسن للفنون بالمدينة القديمة طرابلس مساء يوم الثلاثاء 27 من شهر سبتمبر الجاري ضمن برنامجها الثقافي لخريف عام 2022م، ندوة للشاعر والكاتب الليبي “عبد الله زاقوب” حول كتابه المعنون (سيرة فنان…عمر مسعود) الصادر عن وزارة الثقافة والتنمية المعرفية لعام 2021م، وأدارت الندوة الكاتبة والباحثة “أسماء الأسطى” حيث قدمت نبذة مقتضبة عن السيرة الذاتية للكاتب زاقوب وأحدث إصدارته ولفتت أن لغة الكاتب “عبد الله زاقوب” طغت على الأسلوب الكتابي مما يوضح أنه متى ما تصدى كاتب ما لكتابة سيرة فنان أو عالم ما بقدر ما يحاول المحافظة على روح النص للكاتب الأصلي يجد أسلوبه ولغته طاغية بصورة أو بآخرى، واستهل زاقوب بالإشارة إلى أن الفنان عمر مسعود فنان غير عادي ولكن نتيجة غيابه عن الأضواء والإعلام لم يتمتع بمعرفة كبيرة.
سيرة فنان
وتابع زاقوب بأن الفنان عمر مسعود من مواليد بلدة هون عام 1934م رسيما وكان يُعتقد أنه من مواليد عام 1936م، وهو قد تأثر بالأجواء البيئية المنزلية فوالدته منذ الصباح تطحن الحبوب يوميا كما هو حال العوائل الليبية في تلكم الآونة وتأثر بالكلمات الجميلة الصادرة عن والدته ومحيطه الاجتماعي وجاراته اللواتي كنّ يطحن الحبوب بالرحى، وتابع : إن والده زاول مجموعة من المهن والحرف التي تشرب منها الكثير ففي كل فصل أو موسم يمارس والده حرفة معينة فاشتغل حمّاي الحطايا أي الأماكن المفتوحة فيحميها من الإبل ومن السُرّاق واللصوص نظرا لوجود الأحباش والطليان في ذاك الزمن ثم اشتغل والده في مرحلة لاحق اسكافي يصلح الأحذية.
البواكير الأولى
مشيرا لبواكير حياة الفنان الأولى قائلا فدرس عمر مسعود القرآن الكريم ونهل باكرا من معين الصوفية بزواياها المتعددة التي كانت منتشرة في بلدة هون كالقادرية والعيساوية والعروسية مستمعا لأراجيزهم وابتهالاتهم وأذكارهم وأورادهم كون أن والده كان شيخ للطريقة العروسية يحفظ الكثير من الأوراد والمدائح والأذكار وفي مرحلة لاحقة تأثر عمر مسعود بالأغاني الشعبية مضيفا بأنه دخل للمدرسة الإبتدائية لأول مرة عام 1946م والتحق من 1953م وحتى عام 1955 بمعهد المعلمين بطرابلس لينخرط في مهنة التدريس بمنطقة الشاطىء في عام 1956 واقتنى أول آلة عود عام 1960م ليتتلمذ بعد ذلك على عزف العود على يد عدد من الفنانين كعلي قدور وهاشم الهوني وأقام أول حفل ساهر عام 1963م.
الوعي الفني
ثم أوضح زاقوب بأن الألوان الفنية المتمثلة في (النخيخة- السواقي-الزحلالي-الموقف) رسخت مفهوم التراث الشعبي الأصيل لدى الفنان عمر مسعود وعمقت مستوى الأداء الفني عنده بالإضافة إلى أنها ساهمت في صوغ ذاكرته الفنية بمزيج خصب من هذه الألوان التراثية فمعظم اللذين عاصرهم الفنان لم يكونوا مؤلفين بقدر ما كانوا مؤدين، وأضاف زاقوب أن الفنان عمر مسعود استمع مبكرا جدا للغرامفون أو ما يسمى بالكاوال من خلال أحد أصدقاء العائلة آواخر ثلاثنيات القرن المنصرم ليتمكن من الانفتاح على موسيقى وفن مختلف ومتنوع إلى الأغاني التونسية المموسقة وإلى أغاني المطرب محمد عبد الوهاب وأغنيته الشهيرة (عندما يأتي المساء) ويرى زاقوب بأن هذا الأفق شكل عاملا مهما أثر في تفتح الوعي الفني للفنان عمر مسعود، وقبل ختام الندوة فتح المجال أمام الحضور للادلاء بتعقيباتهم وملاحظاتهم ثم قام الكاتب والشاعر “عبد الله زاقوب” بتوقيع نسخ من إصداره الجديد واهدائه لعدد من الحضور.