مفاهيم مغلوطة
نحن إذا أردنا أن نعبّر عن استخفافنا واستحقارنا لأحد من البشر، أو عن أيّ عمل يعمله قلنا عنه: أنّه “أتفه من ذبابة” والحقيقة أنّ هذا المعنى غير دقيق وغير سليم، فالذبابة التي نراها تافه وضعيفة.
هي في واقع الحال خطيرة يمكنها أن تنقل إلينا كلّ أنواع المخاطر، والأمراض بأرجلها من جراثيم الكوليرا وشلل الأطفال والسلّ والديفتيريا، وغيرها من الأمراض ويمكنها أن تقضي على أمة بكاملها، وتحوّل جانب النصر في أيّ معركة إلى هزيمة، وذلك هو الحال إذا استهونّا الأمر عند البشر، ولم نقم وزنا لما يقوم به من العمل، فقد ينقلب هذا التافه إلى مصدر للخطر دون أن نحسب له أيّ حساب، فلا تستخف بذبابة تقف في يوم ما على طعامك كي تجد نفسك عرضة للمقبل من الأخطار، وكذلك هو الشأن في عالم الكتابة للناشئة من الأطفال التي لا نقيم لها وزنا في حين أن كتابتها من لا صلة لهم بالكتابة للطفل في وطننا العربي أو في العالم، وهي مصدر مدمّر في ثقافة الطفل مع مرور الأيام، وما أكثر الذين يدّعون الكتابة في أدب الطفل من قصة أو رواية أو أي عمل موجّه للصغار، ويحاضرون باسم الطفولة في المنابر الوطنية والدولية، وهم يلغمون طريق ثقافة الطفولة بتلك الأعمال التافهة التي تتحوّل مع مرور الأيام إلى كوارث معرفية، وفكرية ودينية أراد لها أصحابها أسلوب التفاهة كي لا ينتبه إليها العامة من الناس، ولا يدرك حقيقة خطورتها الكثير من المعلمين والمربين، وقد تغريهم تلك التفاهات التي تعتمد السخرية في تقديم تلك المعلومات والمعارف في شكل قصصي ،أو روائي او مسرحي أو في شكل أغنية مستقاة من نص شعري..
إنّ الكثير من التّوافه هي تلك التي صنعت ثقافتنا، ونسميها بالموروث الشعبي كما نسميها العادات والتقاليد، ونسميها الخرافة أيضا، ولذا أملي أن ينتبه أهل الاختصاص إلى تفاهة الذبابة، وتفاهة النّص الموجّه للأطفال عبر الوسائط التكنولوجية والوسائل التقليدية، فعالمنا الرقمي تعشّش فيه ملايين من الجراثيم الثقافية والمعرفية التي تحاصرنا عبر المواقع وعبر النصوص الموجهة للصغار..